تباينت حظوظ بلدان المنطقة العربية خلال عام 2024. فعلاوة على استفحال خطر نشوب حرب إقليمية، لا يزال ثلث بلدان المنطقة متأثراً بالنزاع والحروب والاحتلال، وتفاقمت على بعضها حالات الطوارئ الإنسانية ومخاطر المجاعة.
وتواصل درجات الحرارة في المنطقة العربية الارتفاع فوق المتوسط العالمي، وضربت بعض البلدان موجات حر أدت إلى وقوع وفيات، وموجات جفاف مديدة دفعت الإنتاج الزراعي إلى انخفاض حاد، ما أثر بشدة على النشاط الاقتصادي برمته. ويهدد ارتفاع منسوب مياه البحر المنطقة، إذ يفاقم مخاطر تفشي الأمراض ويقلّص إمدادات المياه، المحدودة أصلاً. ويترتب على تداعيات تغيُّر المناخ هذه تكاليف اقتصادية كبيرة، وتبعات مالية جمة.
أما بالنسبة إلى الأوضاع الاقتصادية، استمر انعدام الاستقرار الاقتصادي في بعض البلدان، واستفادت بلدان أخرى من المستجدات، ولا سيّما البلدان الغنية، التي حققت مكاسب جراء ارتفاع أسعار النفط، الذي يتوقع له أن يستمر خلال عام 2025. وتشير التوقعات إلى أن أسعار النفط ستبقى أعلى من 80 دولاراً للبرميل على مدار العام .
واستخدمت بلدان عدة من بلدان مجلس التعاون الخليجي ثرواتها من الموارد الطبيعية للإسراع بالتنويع الاقتصادي، وذلك عبر رعاية قطاعات مثل السياحة والاقتصاد الرقمي والطاقة المتجددة والخدمات اللوجستية والتجارة والصناعات الإبداعية والثقافة. كما توجِد هذه المبادرات بيئة مؤاتية لجذب الاستثمار الأجنبي، وتعزيز القدرة التنافسية للقطاع الخاص، وإيجاد فرص العمل للمواطنين. تهدف هذه الجهود إلى دفع النمو الاقتصادي المستدام، والحد من أوجه عدم المساواة المجتمعية، وتحقيق الإنصاف في التنمية على الأمدين المتوسط والطويل.
وكان الوضع على طرف النقيض في بلدان أخرى واجهت ضغوطاً اقتصادية شديدة خلال عام 2024. فبذلت خمسة بلدان في المنطقة جهوداً كبيرة لاحتواء تضخم بنسب تزيد على الـ 10 في المائة، أدى إلى تآكل قدرة الأسر المنخفضة الدخل على الإنفاق. وأدى انخفاض سعر الصرف الناجم عن ضعف متجذر في الاقتصادات إلى توسيع فجوات عدم المساواة بين الأسر الأكثر ثراءً التي لديها إمكانية الوصول إلى المدخرات والعملات الأجنبية، وتلك التي ليس لديها تلك الإمكانية، وهذا بدوره فاقم الانقسامات الاجتماعية والاقتصادية. ودفع ظهور أسعار الصرف الموازية العديد من الحكومات إلى فرض ضوابط على رأس المال وتقييد عمليات السحب. وهذه الإجراءات تثقل، من دون داعٍ حقيقي، على الأسر المعرّضة للمخاطر ذات القدرة المحدودة على الوصول إلى التمويل وعلى تأمين مصادر بديلة للتمويل لاستيعاب حالات الطوارئ غير المتوقعة.
وتجاوزت نسبة الديون العامة إلى الناتج المحلي الإجمالي، في 7 من أصل 17 بلداً توفرت بيانات عن الدين العام لديها، 60 في المائة، ما يعني انكشاف هذه البلدان لخطر ضائقة الدين . ويؤدي ارتفاع مستويات الدين العام إلى ارتفاع تكاليف السداد، ويحد من إمكانية حصول الحكومات على المزيد من التمويل، فتتأثر قدرتها على توفير الخدمات الاجتماعية للسكان.
ويتأثر العديد من بلدان المنطقة بضغوط اقتصادية مزمنة، وبات سبعة من هذه البلدان إما مسجَّلاً في برامج صندوق النقد الدولي أو يتفاوض على التسجُّل فيها، وتشمل هذه البلدان ثلاثة تعثرت مفاوضاتها مع الصندوق. وكثيراً ما تفرض هذه البرامج تدابير لضبط أوضاع المالية العامة أو التقشف، ما يفرض مصاعب كبيرة على الأسر ذات الدخل المنخفض.
ولم تؤثر التحديات الاقتصادية والمناخية، وغيرها من التحديات، بالقدر نفسه على مختلف الفئات السكانية في البلد الواحد، إذ كانالأثر مضاعفاً على النساء والأشخاص ذوي الإعاقة والمسنين والشباب. وحققت بعض الفئات مكاسب اقتصادية، وفقدت فئات أخرى إمكانية الوصول إلى الموارد والفرص وسُبُل العيش. وقد أدى عدم المساواة في العواقب إلى تفاقم أوجه عدم المساواة وانقسامات أعمق داخل البلدان، وفي ما بينها.
وخلال هذه الأوقات الصعبة، للحماية الاجتماعية، التي تشمل التأمين الاجتماعي والمساعدة الاجتماعية وبرامج سوق العمل، دور حاسم في دعم الأسر المنخفضة الدخل، وفي الحيلولة دون انزلاق الأسر المتوسطة الدخل إلى وهدة الفقر. ولا تنحصر أهمية هذه البرامج في إتاحة الفرص والحماية على مدى دورة حياة الأفراد، فهي هامة أيضاً للتصدي للصدمات على صعيد المجتمع ككل. كما تساهم الحماية الاجتماعية في التنمية الاقتصادية وإعادة التوزيع؛ وتحد، على الأمدين المتوسط والطويل، من عدم المساواة، وتعزِّز التماسك الاجتماعي.
ولكن إذا كان هناك عدم مساواة في التغطية بالحماية الاجتماعية، وفي تمويل برامج الحماية، فستزداد المشاكل القائمة تعقيداً على تعقيد. وإذا كان هناك عدم المساواة في الحصول على استحقاقات الحماية الاجتماعية، وإذا كانت التغطية غير كافية نتيجة لضيق الحيّز المالي، ستتفاقم التحديات التي تواجهها أشد الفئات هشاشة، التي تعاني من الحرمان أصلاً. والخلاصة أن برامج الحماية الاجتماعية، ما لم تصمَّم وتنفَّذ بكفاءة، قد تصبح بدورها عاملاً في عدم المساواة والإقصاء.
تنقسم هذه الدراسة إلى خمسة فصول. يوضح الفصل 1 التطوّرات الرئيسية التي حققتها المنطقة العربية من حيث الحماية الاجتماعية، وما إذا كانت هذه التطوّرات تدفع نحو المساواة (بما في ذلك المساواة في الدخل) أو إلى نحو عدمها. ويستكشف الفصل 2 كيفية تأثير أنظمة الحماية الاجتماعية في مختلف بلدان المنطقة العربية على عدم المساواة. ونظراً لمحدودية البيانات المتاحة، يركز التحليل على أداء البلدان العربية من حيث أنظمة الحماية الاجتماعية وعدم المساواة، وذلك، في الغالب، من حيث الدخل، ولكن دون الإغفال عن عوامل عدم المساواة والحرمان. يقدِّم الفصل لمحة عامة عن أنماط عدم المساواة والقيود على الحماية الاجتماعية. ويبحث الفصل 3 في تجارب مختلف الفئات السكانية في الاستفادة من الحماية الاجتماعية. ويشتمل الفصل 4 على دراسة لحالات أربعة بلدان، هي: عُمان والمغرب والأردن وتونس. ومن ثم يجريتحليل لدور سياسات الحماية الاجتماعية في معالجة أوجه عدم المساواة في هذه البلدان، ويقيِّم ما إذا كانت قد نجحت في تضييق الفجوة بين الفئات السكانية. وتُطرح في الفصل 5 خيارات في السياسة العامة من أجل الاستفادة من الحماية الاجتماعية في الحد من أوجه عدم المساواة.
لم تؤدِّ أوائل نُظُم الرعاية الاجتماعية إلى الحد من أوجه عدم المساواة، وذلك بالدرجة الأولى، نتيجة الإخفاق في إيجاد فرص كافية للعمل اللائق في القطاع الخاص النظامي.
ساعدت الاستعاضة عن برامج الدعم العام التنازلية بالتحويلات النقدية الهادفة إلى الحد من الإنفاق العام، ولكن تأثيرها في الحد من عدم المساواة في الدخل بقي محدوداً.
تأتي الضرائب غير المباشرة على مكاسب الدخل التي تحققها التحويلات النقدية للأسر الفقيرة.
حققت جهود توسيع نطاق التأمين الاجتماعي ليشمل "الوسط المفقود" نجاحاً جزئياً فقط.
الحماية الاجتماعية من مخاطر دورة الحياة، مثل اعتلال الصحة والشيخوخة والأمومة، تؤدي دوراً كبيراً في الحد من عدم المساواة في الدخل إذا ما مُوِّلت على نحو منصف.
تسعى نُظُم الحماية الاجتماعية إلى حماية الأفراد والأسر من الآثار المالية للفقر ولمختلف المخاطر المتعلقة بدورة الحياة. تُعرَف الحماية الاجتماعية، من الناحية التقنية، بأنها مجموعة من السياسات والبرامج العامة التي تهدف إلى ضمان مستوى معيشي كافٍ والحصول على الرعاية الصحية طوال دورة الحياة. ويمكن تقديم استحقاقات الحماية الاجتماعية نقداً أو عينياً من خلال برامج غير قائمة على المساهمات، شاملة للجميع أو مستهدفة لبعض فئات المجتمع؛ أو من خلال البرامج القائمة على المساهمات، مثل معاشات التقاعد؛ أو عبر إجراءات تكميلية لبناء رأس المال البشري، وإيجاد الأصول المنتجة، وتيسير الحصول على فرص العمل.
الحماية الاجتماعية حق من حقوق الإنسان: فهي تنطبق على كل شخص طوال حياته، بغض النظر عن مستوى تعرّضه للمخاطر. وليست الحماية الاجتماعية مجرد مجموعة من البرامج التكنوقراطية، مثل التأمين الاجتماعي والمساعدة الاجتماعية، وإنما هي منهجية متكاملة لإدارة المخاطر المالية المرتبطة بالفقر وأحداث دورة الحياة.
وللحماية الاجتماعية آثار غير مباشرة كبيرة حاسمة في صنع السياسات لمختلف القطاعات. تدعو هذه الدراسة إلى اعتماد منظور أوسع من عدم المساواة في الدخل، وأبعد من أدوار الدعم المباشر التي تؤديها الحماية الاجتماعية. فقد تساهم الحماية الاجتماعية في معالجة أبعاد أخرى من عدم المساواة، وقد تولّد مكاسب غير مباشرة، مثل إثراء رأس المال البشري، وتعزيز التنمية الاقتصادية، وترسيخ التماسك الاجتماعي.
تمنح الحماية الاجتماعية فرصاً للتصدي لعدم المساواة. ولفهم هذه الفرص، من الأهمية بمكان ألا يكتفي التحليل بتبيُّن أي الفئات لا تغطيها تدابير الحماية الاجتماعية بالقدر الكافي، بل أن يتناول أيضاً المصادر المالية للإنفاق على الحماية الاجتماعية.
وتُعَدُّ الحماية الاجتماعية إزاء مخاطر دورة الحياة، كتلك المتعلقة بالصحة والشيخوخة والأمومة ورعاية الأطفال وغير ذلك، من بين أنجع نُهُج السياسات العامة للتصدي لعدم المساواة. يستكشف هذا الفصل النُّهُج التي اتبعتها البلدان العربية في إنشاء نُظُم للحماية الاجتماعية من أجل إدارة مخاطر دورة الحياة تلك، ويتضمن تحليلاً للقيود والتناقضات الأساسية التي تشتمل عليها في خيارات السياسة العامة هذه، ومن ثم يستعرض تصاميم فعّالة لسياسات حماية الاجتماعية قد تطبقها الحكومات للحد من عدم المساواة عبر نُظُم وبرامج مموّلة تصاعدياً للحماية الاجتماعية.
مثَّل دعم السلع الاستهلاكية وإتاحة فرص عمل في القطاع العام مكوّنين أساسيين في العقود الاجتماعية للعديد من البلدان العربية، وبالمقابل، بقيت التغطية بالتأمين الاجتماعي إزاء مخاطر دورة الحياة عند مستويات منخفضة. وخلال القرن العشرين، أنشأت بلدان المنطقة أنظمة للرعاية الاجتماعية تضمنت إتاحة فرص في القطاع العام على نطاق واسع، علاوة على خدمات اجتماعية وسياسات دعم للسلع الاستهلاكية قدّمتها المؤسسات العامة، وهو نَهج حقق بعض النجاحات، إلا أنهلم يحقق المتوخى منه من حيث الحد من عدم المساواة. والسبب في ذلك أن اعتماد هذا النَّهج لم تصحبه آليات فعّالة لتحويل النمو الاقتصادي إلى فرص للعمل اللائق والمؤمَّن اجتماعياً في القطاع الخاص. ودفع الخلل المالي المتزايد، ومع الأسف، العديد من البلدان في آخر الأمر إلى إجراء إصلاحات تتضمن الحد من التوظيف في القطاع العام ومن الإنفاق الاجتماعي. وفي الوقت نفسه، لم تتنامى فرص العمل في القطاع الخاص النظامي بقدر يتناسب مع تزايد أعداد الداخلين إلى سوق العمل، ما دفع الكثيرين إلى العمل في القطاع غير النظامي. وكثيراً ما يرتبط النشاط الاقتصادي غير النظامي بإنتاجية منخفضة نسبياً، وهذا بدوره حبس العديد من البلدان داخل شريحة الدخل المتوسط. والنتيجة حلقة مفرغة ثبّتت التغطية بالتأمين الاجتماعي عند مستويات منخفضة نسبياً، فتباطأت إعادة توزيع الدخل من خلال الضرائب المباشرة والمساهمات في صناديق التأمين الاجتماعي.
شهدت الآونة الأخيرة توجُّهاً نحو التخلص من برامج الدعم العام، واستُعيض عنها في معظم بلدان المنطقة بتحويلات نقدية تهدف إلى الحد من الفقر. وواجهت بلدان عديدة، خلال العقود الأخيرة، ارتفاعاً في الدين العام علاوة على تدنٍّ في مستويات تحصيل الإيرادات، ما دفعها إلى التخلص، تدريجياً، من سياسات الدعم العام التنازلي للسلع الاستهلاكية، والاستعاضة عنها ببرامج المساعدة الاجتماعية التي تهدف إلى الحد من الفقر. وساهمت هذه الإصلاحات في تحسين وصول التحويلات النقدية بحيث تشمل نسبة كبيرة من الفقراء، إلا أن فعالية الحماية الاجتماعية في الحد من عدم المساواة في الدخل ظلت مقيّدة بعوامل عدة، مثل كفاية التمويل وإنصافه واستدامته.
كانتتدابيرالتقشفالمعتمَدةخلالالعقودالأخيرة،وما أسفرتعنهمننتائج،نتيجةلخياراتمترابطةفيالسياساتالعامة.
ولا تَحْدُث خيارات السياسة الاجتماعية التي تؤثر على عدم المساواة في فراغ، إذ تُحْدِثُ آثاراً غير مباشرة، تتخذ شكل تغيير سياسي واقتصادي. وقد أدت بعض هذه الخيارات إلى ركود في تغطية الحماية الاجتماعية، وخاصة بالمقارنة مع التطوّرات التي لوحظت في مناطق أخرى، مثل أمريكا اللاتينية وشرق آسيا. ويتضمن الشكل 1 تمثيلاً لتجارب العديد من الدول العربية من منظور إجمالي، ولكن لا بدّ من التنبه إلى تباين السياقات في هذه البلدان.
تغيّرت أنظمة التأمين الاجتماعي في المنطقة بمرور الوقت، لكنها لم تحقق المكاسب المتوخاة بعد تقليص العمالة في القطاع العام، ما حد من طاقاتها لإعادة التوزيع. بدأ اعتماد بلدان المنطقة العربية لأنظمة الحماية الاجتماعية القائمة على المساهمات (أي أنظمة التأمين الاجتماعي) خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، وركزت هذه الأنظمة على حماية موظفي الدولة من عدد محدود من مخاطر دورة الحياة. وتوسعت هذه الأنظمة تدريجياً، حتى باتت تغطي مجموعة أوسع من المخاطر، مثل الإعاقة والترمّل، وتشمل بعض موظفي القطاع الخاص،إلا أن مستوى تغطية هذه الفئة وصل إلى حالة ركود في مرحلة مبكرة. وبالتزامن مع توسيع الأنظمة، شهدت فرص العمل المتاحة في القطاع العام والخدمات الاجتماعية تزايداً كبيراً، وشاعت برامج الدعم العام للطاقة والغذاء والسلع الأساسية الأخرى في جميع أنحاء المنطقة.
تزامن التوسع في الحماية الاجتماعية، والخدمات الاجتماعية الأخرى المموّلة من الضرائب، والتوظيف في القطاع العام، مع انخفاض كبير في الأبعاد المتعددة لعدم المساواة. ففي مصر، على سبيل المثال، انخفض معامل جيني للإنفاق الاستهلاكي من 0.42 في عام 1958 إلى 0.38 في عام 1974. كما سجّلت زيادة كبيرة في معدلات الالتحاق بالمدارس والإلمام بالقراءة والكتابة، لا سيّما بين الفتيات، ما قلّص الفجوات بين الجنسين في بلدان المنطقة.
أثرت القيود المالية، وما تسببت به من تكيُّف هيكلي في السياسة العامة، على مدى قدرة الحكومات على إعادة التوزيع. في ثمانينات القرن الماضي وتسعيناته، واجه العديد من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل في المنطقة أوجه خلل في المالية العامة، ما دفعها للتوجه نحو برامج التكيُّف الهيكلي. واستلزمت هذه الإصلاحات تقليصاً في العمالة في القطاع العام، نُفِّذ، غالباً، من خلال تجميد التوظيف. وفي الوقت نفسه، لم يوجِد القطاع الخاص النظامي إلا عدداً محدوداً من الوظائف الجديدة، ما وضع قيوداً إضافية على توسع التغطية بالتأمين الاجتماعي، وهذا بدوره أمعن في تقلّص إعادة توزيع الدخل بين شرائح الدخل والقطاعات الاقتصادية.
أثبتت التجارب عدم استدامة تيسير الاستهلاك عن طريق الدعم العام. فقد ساعد الدعم العام على إبقاء السلع الاستهلاكية ضمن متناول جميع فئات السكان، إلا أن كلفته كانت باهظة، وأفضى، في بعض الحالات، إلى انتشار التهريب عبر الحدود، وإلى نقص في توفُّر المنتجات. وعلاوة على ذلك، إذا ما قِيست المكاسب المحققة للسكان من الحيثية المطلقة، يتبيّن أن السكان الأغنى، الذين يستهلكون كميات أكبر من الطاقة والوقود، استفادوا من هذه البرامج بدرجة أكبر بكثير من السكان الفقراء أو الذي يصنَّفون ضمن الشريحة الدنيا من الطبقة الوسطى.
في الآونة الأخيرة، تزايد توجُّه نُظُم الحماية الاجتماعية إلى زيادة الكفاءة والمساعدة الاجتماعية الهادفة. . بحلول أوائل القرن الحادي والعشرين، حوّلت أنظمة الحماية الاجتماعية في العديد من البلدان العربية تركيزها نحو زيادة الكفاءة. واتخذ هذا التحوّل طابع الحد من التوظيف في القطاع العام، والإلغاء التدريجي للدعم، وتوسيع المساعدات الاجتماعية القائمة على التحويلات النقدية. وخُفِّض الإنفاق على الدعم منذ عام 2012، على الرغم من أن هذا الاتجاه انعكس جزئياً بصورة مؤقتة في عام 2022، بعد الارتفاع العالمي في أسعار الطاقة (الشكل 2). وقد تسببت زيادة أسعار السلع الاستهلاكية بارتفاع نفقات الأسر، ما أثر بشكل غير متناسب على الفئات الأشد فقراً. واقترن تزايد الأسعار بتقلّص فرص العمل في القطاع العام، فاشتد عدم المساواة في الدخل، واشتد معه الضغط على الطبقة الوسطى. ولتخفيف حدة هذه الآثار والتصدي للفقر المتزايد، وسّعت الحكومات نطاق المساعدة النقدية الهادفة (الشكل 3).
حققت إصلاحات الحماية الاجتماعية كفاءة أكبر، ولكنها لم تحقق دائماً فعالية أكبر. . أدى خفض الدعم وزيادة توفير التحويلات النقدية الموجَّهة نحو الفقر إلى حصول الفقراء على نسبة أكبر من الإنفاق على المساعدات الاجتماعية. إلا أن آليات الاستهداف، في جميع البرامج الرامية إلى الحد من الفقر، مشوبة ببعض العيوب التي حالت دون بلوغ الاستحقاقات جميع من يجب أن يحصل عليها. وعلى وجه الخصوص، لا يُغَطَّى بعض أشد الفقراء تهميشاً في المنطقة بأي نوع من أنواع الحماية الاجتماعية.
لا يزال القطاع غير النظامي واسع الانتشار على الرغم من الجهود المبذولة لتوسيع نطاق التغطية بالتأمين الاجتماعي. نظراً للانخفاض النسبي في معدلات التوظيف النظامي، وللمعدلات المتدنية للغاية لمشاركة النساء في القوى العامة، تُعَدُّ معدلات التغطية بالتأمين الاجتماعي في المنطقة من بين الأدنى في العالم. وانخفاض معدلات الغطية يحد، بدوره، من قدرة أنظمة التأمين الاجتماعي في البلدان العربية على إعادة توزيع الدخل بفعالية، ويُضعِف، بالتالي، من نجاعة هذه الأنظمة في الحد من عدم المساواة. وتشير التقديرات إلى أن حوالي ثلث القوى العاملة في البلدان العربية فقط تساهم في برامج لمعاشات التقاعد.
نشأ "وسط مفقود" بسبب ثغرات قائمة في برامج المساعدة الاجتماعية التي تستهدف الفقر وفي برامج التأمين الاجتماعي القائم على العمالة النظامية. فأدى التركيز المتزايد على استهداف الفقر إلى انصباب الجهود على الفقر النقدي على حساب أبعاد الهشاشة الأخرى، بما في ذلك الأبعاد المرتبطة بأحداث دورة الحياة مثل الأمومة والعجز والشيخوخة. وفي سياق استمرار الطابع غير النظامي، ظهرت أشكال جديدة من عدم المساواة جراء تقليص برامج الدعم العام بين السكان الذين يحصلون على نوع واحد على الأقل من الحماية الاجتماعية، والذين لا يحصلون على أي نوع من أنواع الحماية الاجتماعية. وظهر "وسط مفقود" يتألف من الأشخاص الذين لا يشملهم التأمين الاجتماعي القائم على المساهمات، إلا أنهم لا يعدّون فقراء إلى درجة تؤهلهم للحصول على المساعدة الاجتماعية غير القائمة على المساهمات. ويعني إلغاء الدعم فقدان حماية أخرى كانت متاحة للأفراد في هذه المجموعة. يبيّن الشكلان 4 و5 كيف كان جميع السكان مشمولين بالدعم العام في البداية، على الرغم من أن الفئات الأغنى استفادت من هذا الدعم بدرجة أكبر من حيث القيمة المطلقة. وفي الوقت نفسه، من المرجح أن تحصل الشرائح السكانية الميسورة على نصيب أكبر من التغطية بالتأمين الاجتماعي. وفي أعقاب الإصلاحات، استُعيض عن الدعم العام بالمساعدة الاجتماعية الهادفة. إلا أن الواقع هو أن الفقراء لا يتلقون التغطية بالمساعدة الاجتماعية نتيجة لاجتماع عوامل تشمل: نقص الميزانيات، والأخطاء في الاستهداف، والتغيُّرات السريعة في مداخيل الأسر التي إما تدفعهم إلى ما فوق خط الفقر أو إلى ما تحته في غضون فترة زمنية قصيرة. وفي الوقت نفسه، لا يزال التأمين الاجتماعي مقصوراً على الميسورين نسبياً.
لم يُترجَم استهداف الفقر دائماً إلى مزيد من الموارد للفقراء. يُعَدُّ مقدار الموارد المخصَّصة للمساعدة الاجتماعية من العوامل الحاسمة في تحديد أثر إعادة التوزيع الناجم عن استهداف الفقر. وفي العديد من البلدان، لا تمثّل الزيادة الكبيرة في الإنفاق على التحويلات النقدية الهادفة سوى جزء صغير من المبالغ التيكانت تُنفَق سابقاً على الدعم العام. فعلى سبيل المثال، يتبيّن من مرصد الإسكوا للإنفاق الاجتماعي أن الإنفاق على الدعم في الأردن، كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، انخفض بحوالي 4.3 نقطة مئوية بين عامي 2012 و2021 (من 4.5 إلى 0.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي)، في حين ارتفع الإنفاق على الدعم المباشر للدخل بنحو 0.6 نقطة مئوية فقط (من 0.4 إلى 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي).
لا تزال المستويات الإجمالية للإنفاق على الحماية الاجتماعية أقل مما كانت عليه، على الرغم من أنها تزايدت بعض الشيء خلال السنوات الأخيرة. ففي مصر، انخفضت نسبة الإنفاق على الدعم من 8.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2013/14 إلى 3.2 في المائة في السنة المالية 2023/24، بينما ارتفعت نسبة الإنفاق على الاستحقاقات الاجتماعية (بما في ذلك التأمينات الاجتماعية والمساعدات الاجتماعية) من 1.1 إلى 1.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي (الشكل 6). تشير هذه النتائج إلى أن الإنفاق الإضافي على المساعدة الاجتماعية المباشرة يعوّض جزئياً فقط عن الأثر الاجتماعي والاقتصادي لخفض الدعم. وبعبارة أخرى، على الرغم من أن تركيز الإنفاق على الحماية الاجتماعية شهد بعض التحوّل نحو الفقراء، سُجِّل انخفاض حاد في المبالغ الإجمالية المخصَّصة للحماية الاجتماعية.
تشكل نُظُم الضرائب غير المباشرة عبئاً على الفئات الفقيرة والمعرّضة للمخاطر. فحصة الضرائب من إيرادات الحكومات المركزية أقل، عموماً، في البلدان العربية منها في البلدان الأخرى (الشكل 7). وبالمقابل، تحصّل البلدان العربية حصة مرتفعة نسبياً من إيراداتها الضريبية من الضرائب غير المباشرة، مثل ضريبة القيمة المضافة، مقارنةبحصة الضرائب المباشرة، مثل ضرائب الدخل والشركات، ما يعني أن الضرائب في المنطقة تكون على الأرجح تنازلية نسبياً. ويؤدي هذا النموذج الضريبي، في بعض الحالات، إلى فقدان المستفيدين من التحويلات النقدية للمكاسب التي حققتها لهم تلك التحويلات.
تتحقق الفعالية في إعادة توزيع الدخل من خلال التجميع الشامل للمساهمات في الحماية من مخاطر دورة الحياة، وذلك في صناديق وطنيةللتأمين الاجتماعي. أنشأت غالبية بلدان المنطقة العربية صناديق تأمين اجتماعي منفصلة لقطاعات العمل المختلفة. وغالباً ما يكون المشاركون في برامج التأمين المحدودة من شرائح دخل متقاربة، ما يحد كثيراً إمكانيات هذه البرامج على إعادة توزيع الدخل. وفي الآونة الأخيرة، تزايد ميل صانعي السياسات إلى الدمج بين برامج التأمين الاجتماعي الأصغر، التي تغطي مجموعات مهنية منعزلة، بحيث تصبّ المساهمات في صناديق وطنية موحّدة للتأمين الاجتماعي. ومن الأمثلة على ذلك الإصلاح الشامل الذي أجرته عُمان للحماية الاجتماعية في عام 2023، حيث دمجت 11 صندوقاً للتأمين الفردي في صندوق حماية اجتماعي رئيسي موحّد (الرجوع إلى دراسة حالة عُمان). أهم ما في هذا التوجُّه هو أنه ييسِّر إعادة توزيع الدخل، لأن السكان من فئات الدخل المختلفة، المنخفضة والمتوسطة والمرتفعة، يساهمون في البرنامج نفسه، الذي يزودهم باستحقاقات متقاربة.
تمكِّن البرامج المتكاملة للمساعدة الاجتماعية والتأمين الاجتماعي من حماية جميع فئات الدخل من مخاطر دورة الحياة، كما تحد من مستويات عدم المساواة في الدخل.ولذلك، يُتوخى، في أنظمة الحماية الاجتماعية الأكثر إعادة للتوزيع، منظور أوسع من تضخيم المساعدة الاجتماعية الممولة من الإيرادات الضريبية، حيث توسّع الأنظمة القائمة على المساهمات بحيث تشمل سكاناً من مختلف أطياف فئات الدخل، فيساهم أصحاب المداخيل الأعلى في دعم المساهمات الأقل التي يسددها أصحاب المداخيل الأدنى. وفي بعض الأحيان، لا تثمر جهود توسيع نطاق التغطية بالتأمين الاجتماعي نتيجة تزايد مطّرد في تسجيل السكان الفقراء أو القريبين من خط الفقر في برامج مساعدة اجتماعية تهدف حصراً إلى الحد من الفقر. وهذه القيود مؤسفة، خاصة وأن الاشتراك في برنامج معاش تقاعد، أو تلقي استحقاقات من هكذا برنامج، يمثلان معيار إقصاء من الأهلية لتلك البرامج، ما يثبط بعض الفئات القريبة من خط الفقر عن الانضمام إلى البرامج الوطنية للتأمين الاجتماعي. تمثل هذه الظاهرة أحد أسباب اعتماد البلدان، بصورة متزايدة، لبرامج تأمين اجتماعي ترتكز إلى مخاطر دورة الحياة، حيث تدعم الدولة، جزئياً أو بالكامل، مساهمات الفئات التي لديها قدرة محدودة على التسديد، وحيث لا تعني المشاركة في المساعدة الاجتماعية الإقصاء عن التغطية بالتأمين الاجتماعي، ولا تعني التغطية بالتأمين الاجتماعي الإقصاء عن المساعدة الاجتماعية. على سبيل المثال، أطلقت موريتانيا في عام 2023 نظام تأمين صحي للعمال في القطاع غير النظامي. ويسدد العمال مساهمة سنوية ثابتة، تدفع الحكومة ثلثيها.
تتصدَّر الجزائر وتونس والبحرين والمملكة العربية السعودية المنطقة العربية من حيث تنفيذ تدابير شاملة ومدعومة بموارد مالية كبيرة للحماية الاجتماعية.
البلدان التي تعتمد تغطية شاملة للجميع وحماية متكاملة إزاء مخاطر الحياة، وتنفق بمستويات مرتفعة على الحماية الاجتماعية، من المرجح أن تكون مستويات عدم المساواة فيها متدنية، سواء أكان عدم مساواة من حيث الدخل أم من حيث تعدد الأبعاد.
حققت عدة بلدان متوسطة الدخل أداءً جيداً في مجال الحماية الاجتماعية على الرغم من الانخفاض النسبي في مستويات الموارد.
بينما يواجه عدد من البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا، حيث الاقتصادات أقرب إلى النظامية، مصاعب جمة في توفير الاستحقاقات الأساسية، مثل تأمين العمل واستحقاقات الأمومة، وكذلك، وعلى وجه الخصوص، الاستحقاقات المرتبطة بالبرامج القائمة على المساهمات.
يؤدي الدعم القائم على الاستهلاك، مثل دعم الطاقة والوقود، إلى تفاقم عدم المساواة من خلال إفادة الأسر الأكثر ثراءً بشكل غير متناسب.
• قد تساعد التحويلات النقدية في الحد من عدم المساواة في الدخل، فتكسر حلقة الفقر بين الأجيال، ولكن شريطة دعمها بتحسين التعليم ورفع مستوى المهارات والخدمات الصحية وتحقيق نمو اقتصادي على نطاق واسع.
سعى فريق مؤلفي التقرير إلى فهم العلاقة بين أنظمة الحماية الاجتماعية في البلدان العربية وبين أثرها على عدم المساواة، وذلك عبر تبيُّن مدى تكامل هذه النُّظُم باستخدام تقييم للأداء، أطلق عليه اسم دليل أداء الحماية الاجتماعية . وتعتمد المنهجية المستخدمة في هذا التحليل على المعلومات المتاحة من منظمة العمل الدولية والإسكوا (الجدول 1)؛ وقد استوحيت من اقتراح منهجي استُخدمت فيه معلومات من بلدان أمريكا اللاتينية لتقييم نُظُم الحماية الاجتماعية لدى تلك البلدان.
شمول الجميع
دليل التغطية الشاملة للجميع بالخدمات الصحيةأ
نسبة السكان المشمولين باستحقاق واحد على الأقل(غير استحقاقات الصحة) من استحقاقات الحماية الاجتماعيةبب
شمول المخاطر
نسبة المسنين الذين يحصلون على معاش تقاعدبب
المساهمون النشطون في نظام معاشات التقاعد كنسبة مئوية من القوى العاملةبب
نسبة العاطلين عن العمل الذين يتلقون استحقاقاتبب
نسبة الأطفال (0 إلى 18 سنة) المشمولين باستحقاقات الحماية الاجتماعيةبب
نسبة النساء الحوامل المشمولات باستحقاقات الأمومةبب
نسبة العمال المشمولين بالتغطية في حالة إصابة العملبب
الأشخاص ذوو الإعاقة الشديدة الذين يحصلون على استحقاقات الحماية الاجتماعية للإعاقةبب
نسبة الأشخاص المعرّضين للمخاطر الذين يتلقون استحقاقات (استحقاقات نقدية للمساعدة الاجتماعية)بب
الإنفاق الاجتماعي
الإنفاق الحكومي العام الفعلي على الحماية الاجتماعية، باستثناء الرعاية الصحية (كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي)بب
الإنفاق الصحي الحكومي المحلي العام كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجماليجج
وكما هو موضح في الشكل 8، يكشف دليل أداء الحماية الاجتماعية لعام 2023 عن تفاوتات كبيرة بين أنظمة الحماية الاجتماعية في البلدان العربية. فتتمتع الدول ذات الأداء المرتفع، مثل الجزائر وتونس والبحرين والمملكة العربية السعودية، بأُطُر قوية للحماية الاجتماعية، وتحقق باستمرار درجات مرتفعة على جميع مكوّنات المؤشر. وقد نجحت هذه البلدان في تنفيذ تدابير الحماية الاجتماعية الشاملة والمدعومة بموارد مالية كبيرة. أما البلدان ذات الأداء المتوسط، مثل الكويت والأردن ومصر، فلديها أنظمة حماية اجتماعية قوية، ولكنها تُظْهِرُ بعض التباين، لا سيّما في شمول المخاطر. في حين أن هذه البلدان توفِّر مجموعة من الحمايات، إلا أنها لا تعالج بالكامل جميع مخاطر دورة الحياة.
وأما البلدان التي لا يزال أداؤها في طور النشأة، مثل اليمن والسودان وجزر القمر، فتتعرّض جميع أبعاد الحماية الاجتماعية فيها لقيود شديدة. فدرجة اليمن، مثلاً، على دليل أداء الحماية الاجتماعية تبلغ 0.14 فقط، وتنخفض درجة شمول الجميع (0.14) والإنفاق الاجتماعي (0.09)، ما يشير إلى غياب للفعالية في الوصول إلى الفئات السكانية المعرّضة للمخاطر. وتبرز قِيم مثيرة للاهتمام، تدل على نتائج مختلطة، للصومال وجيبوتي. فدرجة الصومال على الدليل 0.16، ولدى هذا البلد فجوات ملحوظة في شمول الجميع (0.06)، إلا أن درجة الإنفاق الاجتماعي أعلى نسبياً (0.30)، ما يشير إلى خلل في تخصيص الموارد. (شاهد فيلماً قصيراً يشارك فيه وزير العمل والشؤون الاجتماعية في الصومال، يوسف محمد: https://youtu.be/2_ENOYP1mkM). وتبلغ درجة جيبوتي،على الدليل 0.20، إلا أنها تسجِّل نتائج أفضل قليلاً في شمول المخاطر (0.21) والإنفاق الاجتماعي (0.18).
من ناحية أخرى، تبرز تونس بين البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا التي حققت نتيجة جيدة على دليل أداء الحماية الاجتماعية، حيث كانت درجتها 0.76 جراء أداء قوي من حيث شمول الجميع (0.77) والإنفاق الاجتماعي (0.87). ودرجة تونس في الإنفاق الاجتماعي هي ثاني أعلى درجة في المنطقة العربية، بعد الكويت، وتدل على التزام مالي كبير من الحكومة، على الرغم من أن مستوى الدخل في تونس ليس من بين الأعلى في البلدان العربية. وبالنسبة إلى الدول المتأثرة بالنزاعات والحروب، مثل دولة فلسطين والجمهورية العربية السورية واليمن والعراق والصومال والسودان، يكشف التحليل عن تعقيدات إضافية: فقد أثرت النزاعات والحروب بشدة على قدرات هذه البلدان على تنفيذ أنظمة حماية اجتماعية فعّالة، كما يتضح من انخفاض درجة هذه البلدان على الدليل.
وسجَّلت البلدان المرتفعة الدخل، عموماً، درجة متواضعة من حيث شمولالمخاطر، ما يدل على أن هذه البلدان لا تقدِّم تغطية كبيرة لمختلف مخاطر دورة الحياة، على الرغم من ارتفاع مستويات التغطية بالحماية الاجتماعية والخدمات الصحية فيها (الشكل 9). تعزى هذه النتائج، في الكثير من الحالات، إلى إقصاء بعض الفئات، مثل العمال في القطاع غير النظامي، وإلى الافتقار إلى الترتيبات الوطنية أو العامة، مثل التأمين الصحي الاجتماعي، وتعزى في بعض الحالات إلى تفضيل لتقديمات الخدمات من القطاع الخاص، ما يحد من إعادة التوزيع بين فئات الدخل.
وبصورة عامة، حققت البلدان حيث يرتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي درجات أفضل على الدليل في عام 2023 (الشكل 10). وسُجِّل أداء قوي في البلدان المرتفعة الدخل، مثل المملكة العربية السعودية والبحرين، وكانت البحرين في الصدارة جراء درجاتها المرتفعة في شمول الجميع (0.91) والإنفاق الاجتماعي (0.65). ولكن كانت درجات بعض البلدان في هذه المجموعة أقل من المتوقع مقارنة بمستويات دخلها. ومن الأمثلة على ذلك قطر التي بلغت درجتها 0.34 والإمارات العربية المتحدة التي بلغت درجتها 0.41. وقد يعزى هذا التباين إلى أوجه من شمول المخاطر، حيث سجَّل كل من البلدين درجات أقل في هذا المكوّن. وسُجِّل أداء قوي أيضاً في بلدان متوسطة الدخل من الشريحة العليا، مثل الجزائر (0.80) وتونس (0.76)، فضاهت نتائجها نتائج البلدان المرتفعة الدخل.
تُلاحظ علاقة سلبية بدرجة طفيفة بين أداء الحماية الاجتماعية (المقاس بدليل أداء الحماية الاجتماعية)، وبين عدم المساواة في الدخل، المقاسة بدليل جيني (الشكل 11). فالبلدان الحاصلة على درجات مرتفعة على دليل أداء الحماية الاجتماعية أمْيَل لأن تحقق نتائج أفضل من حيث عدم المساواة في الدخل. على سبيل المثال، درجة الجزائر مرتفعة على دليل أداء الحماية الاجتماعية (0.8)، بعد أن حققت نسبة مرتفعة من الشمول للجميع (0.9) علاوة على إنفاق اجتماعي كبير (0.8). ولعل هذا الأداء المرتفع هو ما ساهم في انخفاض درجة معامل جيني إلى 26.9 في عام 2022.
والوضع في البلدان المرتفعة الدخل على النقيض من ذلك، وتتداخل فيه عوامل معقدة. فعلى سبيل المثال، سجَّلت البحرين درجة 0.7 على دليل أداء الحماية الاجتماعية، ما يعني إطاراً قوياً نسبياً للحماية الاجتماعية. إلا أن البلد سجَّل درجة 36.2 على معامل جيني في عام 2022، ما يعني مستويات أعلى من عدم المساواة في الدخل مقارنة بالبلدان المرتفعة الدخل الأخرى. وسجَّلت قطر درجة 0.3 على دليل أداء الحماية الاجتماعية، وهي درجة منخفضة إلى حد مفاجئ، ولكن درجتها على معامل جيني كانت 22.4 في عام 2022. قد يفسّر هذا المشهد بأن الإنفاق الاجتماعي ليس هو العامل المؤثر الوحيد على إعادة توزيع الدخل في بعض البلدان المرتفعة الدخل، بل قد تتأثر إعادة التوزيع بعوامل أخرى، مثل الافتقار إلى تجميع وطني للمساهمات من مختلف فئات الدخل، وبتفضيل التأمين مع شركات من القطاع الخاص، وبتمويل الخدمات العامة من مصادر غير ضريبية ما يحد من إعادة توزيع الدخل. وتتعقّد العلاقة بين الدخل وعدم المساواة والحماية الاجتماعية بفعل عوامل مثل التعليم وفرص العمل وهيكل الاقتصاد، ولهذه العوامل دور أيضاً في عدم المساواة في الدخل .
حققت البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا مستويات أداء متفاوتة في الحماية الاجتماعية وعدم المساواة. فحققت تونس درجة 0.8 على دليل أداء الحماية الاجتماعية، ودرجة 35.0 على معامل جيني، إلا أن شمول التغطية المتكاملة بالتأمين الاجتماعي إزاء مخاطر الحياة قد يساهم في الحد من عدم المساواة. والحال على العكس من ذلك في جزر القمر، مثلاً، حيث بلغت درجتها على الدليل 0.15، وعلى معامل جيني 50.0، ما يدل على تحديات خطيرة في إتاحة الحماية الاجتماعية الكافية، ما قد يساهم في عدم المساواة في الدخل ويؤدي إلى تفاقم التفاوتات القائمة.
يوضح الفصل 1 كيف تحوّلت سياسات الحماية الاجتماعية في البلدان من الدعم العام إلى التحويلات النقدية الهادفة، ما أدى إلى تركيز نسبة أكبر من الإنفاق الاجتماعي الإجمالي على الأشخاص الأشد فقراً. إلا أن تأثير هذا التحوّل على الفقر وعدم المساواة يعتمد على مقدار المبلغ الإجمالي المخصَّص لموارد الإنفاق الاجتماعي، ويعتمد أيضاً على عامل حاسم آخر، هو كيفية تعبئة هذه الموارد. فإذا فُرضت ضرائب غير مباشرة مرتفعة، مثل ضريبة القيمة المضافة على السلع الأساسية، فسيحِّد ذلك من المكاسب المتوخاة للأسر المنخفضة الدخل، لأن هذا النوع من الضرائب له تأثير أشد على الفئات السكانية الأقل ثراءً. وهذا مقلق للغاية، لأن العديد من بلدان المنطقة يعتمد على الضرائب على السلع والخدمات في حصة كبير من إجمالي إيراداته الضريبية، تتراوح بين 40 في المائة في المغرب و70 في المائة في الأردن.
ولفهم دور الحماية الاجتماعية من منظور أوسع من مجرد الحماية المالية إزاء مخاطر دورة الحياة، من الأهمية بمكان فهم التوازن بين مختلف الأدوات التي تستخدمها الحكومات لإعادة توزيع الدخل، والحد من الفقر وعدم المساواة. وتحقيقاً لهذه الغاية، يشتمل هذا القسم على تقديرات لأثر الضرائب والاستحقاقات على دخل الأسر المعيشية، بما في ذلكالتحويلات المباشرة (مثل برامج التحويلات النقدية) والتحويلات غير المباشرة (مثل توفير التعليم العام والرعاية الصحية) . وبناءً على هذه التقديرات، يمكن تحديد كيفية تأثر شرائح مختلفة من السكان، وقياس مدى تنازلية الإجراءات، أو، وعلى العكس، تبيّن مدى ترجيح هذه الإجراءات لكفةالفقراء. وهذا التحليل يساعد على استخلاص رؤى عن فعالية السياسات الحكومية في إعادة توزيع الثروة والحد من عدم المساواة.
وقد قيَّم الفريق العامل على التقرير أثر الضرائب والاستحقاقات على عدم المساواة في الدخل من خلال تطبيق هذا النَّهج على البيانات المتاحة من ستة بلدان، هي: تونس (بيانات من عام 2010)، وجزر القمر (بيانات من عام 2014)، والعراق (بيانات من عام 2017)، والمغرب (بيانات من عام 2017)، وجيبوتي (بيانات من عام 2017)، والأردن (بيانات من عام 2018). يوضح الشكل 12 الفرق في عدم المساواة في الدخل من حيث معامل جيني (المحور الأيسر) بين الدخل السوقي (الدخل من المصادر الخاصة قبل الضرائب والتحويلات) والدخل النهائي (الشامل لجميع الضرائب والتحويلات). ويمثل الشريط الأزرق الداكن معامل جيني المقاس بناءً على الدخل السوقي، ويمثل الشريط الأرجواني معامل جيني المقاس بناءً على صافي الدخل النهائي، وتشير النقطة الخضراء إلى الفرق بين الاثنين (المحور الأيمن). وهذه النتائج تسبق العديد من الإصلاحات الهامة، مثل تخفيض الدعم العام وتوسيع نطاق برامج التحويلات النقدية وتحسين آليات استهدافها. وعلى الرغم من ذلك، تشير النتائج إلى أن جميع البلدان حققت انخفاضاً في معامل جيني، وذلك نتيجة لمجموعة من الضرائب وبرامج الدعم وأدوات التحويل. على وجه التحديد، شهدت تونس في عام 2010 انخفاضاً بحوالي 0.10 نقطة، وشهد العراق انخفاضاً بحوالي 0.06 نقطة. كما انخفض عدم المساواة في جزر القمر بنحو 0.01 نقطة، وفي جيبوتي بنحو 0.03 نقطة.
في تونس، كانت مساهمة التحويلات النقدية في إعادة التوزيع متواضعة، وذلك نتيجة نَهج الحكومة في الاستهداف، ولمحدودية حجم المخصَّصات من الميزانية (الفصل 1)، حيث لم يمثل البرنامج سوى 0.15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وصُمِّم برنامج التحويلات النقدية في البلد، شأنه شأن البرامج الاجتماعية الأخرى، ليكون لصالح الفقراء، وهو يستهدف أفقر 20 في المائة من سكان المجتمع، على الرغم من أن أغنى 10 في المائة يحصلون أيضاً على حصة من الاستحقاقات. وعلى الرغم من ذلك، يبقى الأثر الإجمالي لهذه البرامج تصاعدياً، دافعاً نحو مزيد من التكافؤ. والدعم أقل فعالية من التحويلات النقدية في إعادة التوزيع، لأن الأغنياء يستفيدون بدرجة أكبر من غيرهم من برامج الدعم. وبصورة عامة، يتوزع الإنفاق على التعليم والصحة في تونس بشكل متساوٍ بين مختلف فئات الدخل.
ويؤدي النظام المالي في العراق دوراً هاماً في الحد من عدم المساواة، وذلك، بالدرجة الأولى،عبر التحويلات النقدية الهادفة والاستحقاقات الشاملة للجميع التي تقدَّم عبر برامج عدة، من أهمها برنامج التحويلات المشروطة الموجَّه إلى الحد من الفقر، ونظام التوزيع العام الذي يزود الأسر المعيشية من مختلف فئات الدخل، ولا سيّما الأشد فقراً بينها، بحصص شهرية من دقيق القمح والأرز والسكر والزيوت النباتية. وتساهم التحويلات المباشرة لمعاشات التقاعد كثيراً في الحد من عدم المساواة، حيث تؤدي معاشات التقاعد السخيّة لموظفي القطاع العام دواراً أساسياً في هذا الصدد (الشكل 13). لكن، وعلى الرغم من هذا الدور الهام، تبقى كلفة تنفيذ برامج معاشات التقاعد باهظة.
وعلى الرغم من هذه التدابير الإيجابية، يواجه النظام المالي تحديات، لا سيّما نتيجة للطابع التنازلي للدعم غير المباشر. فتفيد تدابير مثل دعم أسعار البنزين الأسر الأكثر ثراءً بشكل غير متناسب، وتؤدي إلى تفاقم عدم المساواة. ولم يغطِّ هذا التحليل الاستحقاقات غير النقدية للرعاية الصحية والتعليم، ما يعني وجود بعض الفجوات في فهم الأثر الأوسع لسياسات المالية العامة على عدم المساواة في العراق.
وبالنسبة إلى التحويلات العينية، تقدِّم جزر القمر وجيبوتي مثالين جديرين بالملاحظة. فتستخدم جزر القمر خدمات التعليم والرعاية الصحية كأدوات أساسية للحد من عدم المساواة، لأن الإنفاق على هذه الخدمات يفيد السكان الأشد فقراً. وعلى الرغم من اعتماد جزر القمر لنظام تصاعدي لضريبة الدخل، يبقى الأثر الإجمالي للتحويلات العينية محدوداً بانخفاض نقطة البداية للضرائب.
تستخدم جيبوتي أيضاً التحويلات العينية المتصلة بالتعليم والرعاية الصحية للحد من عدم المساواة، وتركز كثيراً على إتاحة هذه الخدمات للسكان الأشد فقراً. ويتوزّع الإنفاق العام على التعليم الابتدائي في جيبوتي بالتساوي؛ ولكن ثمة تباين في التحويلات التعليمية. ويتركز تمويل التعليم الثانوي الأدنى في الشرائح الخمسية المتوسطة الدخل، ويتخذ الإنفاق على مستويات التعليم العليا منحى أقل تصاعداً. ونفَّذت جيبوتي توسعاً كبيراً في برامج الحماية الاجتماعية، مثل البرنامج الوطني للتضامن الأسري، الذي يستهدف الأسر المعيشية التي تعيش في فقر مدقع ولديها أطفال تبلغ أعمارهم 16 عاماً أو أقل، من خلال تحويل نقدي غير مشروط قدره 30,000 فرنك جيبوتي(ما يعادل 167 دولاراً) في الربع السنوي . وكان لهذه البرامج أثر ملحوظ على الحد من الفقر، إلا أن النظام المالي في البلد معقد، حيث تدفع، حتى الأسر الأشد فقراً ضرائب أكثر مما تتقاضاه من الدخل الإضافي المتاح.
كما هو موضح في الشكل 14، تشير القيمة المقدَّرة لدليل أداء الحماية الاجتماعية في عام 2015 إلى وجود علاقة إيجابية بين أداء الحماية الاجتماعية والحد من عدم المساواة في الدخل، المقاس بمعامل جيني. يؤكد الاتجاه الإيجابي الفرضية المطروحة بشأن البلدان في العينة. وعلى سبيل المثال، يسجِّل الأردن والمغرب ومصر نتائج تتراوح بين المتوسطة والمرتفعة على دليل أداء الحماية الاجتماعية، وحققت هذه البلدان، بالمقابل، قدراً متوسطاً من النجاح في الحد من عدم المساواة في الدخل. ولا يزال هناك مجال للتحسُّن في تلك البلدان كافة، على الرغم مما بذلته من جهود ساهمت في الحد من عدم المساواة في قطاعي التعليم والرعاية الصحية. ففي مصر، على سبيل المثال، يُعَدُّ الدعم الشامل للجميع اقل استهدافاً؛ أما الضرائب غير المباشرة التي يطبقها الأردن فتنازلية؛ وعلى المنوال ذاته، تفاقِم الضرائب غير المباشرة المعتمدة في المغرب أوجه عدم المساواة . وباستثناء تونس لا توجد في البلدان آليةلإعادة توزيع الدخل عن طريق تجميع اشتراكات التأمين الاجتماعي التي تسددها مختلف فئات الدخل.
كان الغرض من سياسات الحماية الاجتماعية، غالباً، هو المعالجة المباشرة لعدم المساواة في الدخل، إلا أن لهذه السياسات أهمية أكبر بكثير من مسألة الدخل بالنسبة إلى معالجة عدم المساواة. ويمكِّن إطار الإسكوا لعدم المساواة المتعددة الأبعاد من النظر عبر عدسة دقيقة التصميم لفهم أهمية سياسات الحماية الاجتماعية لمعالجة مختلف أوجه عدم المساواة، مثل عدم المساواة الاقتصادية، وعدم المساواة بين الجنسين، وأوجه عدم المساواة التي يتعرّض لها الشباب، وأوجه عدم المساواة في الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية والغذاء والتمويل والتكنولوجيا . وكما يتبيّن من التحليل، تميل مستويات عدم المساواة المتعددة الأبعاد إلى الارتفاع في البلدان التي تسجِّل درجات منخفضة على دليل أداء الحماية الاجتماعية. ويتماشى هذا الارتباط أيضاً مع مستويات الدخل للبلدان (الشكل 15).
يشتمل الفصل 3 على رؤى معمقة عن العلاقة المعقدة بين مختلف أبعاد عدم المساواة، وبين سياسات الحماية الاجتماعية وطرائق تنفيذها، وذلك بالعلاقة مع عوامل مثل القطاع غير النظامي، وضرورة شمول الجنسين والأشخاص ذوي الإعاقة والشباب والمسنين، ومعالجة قضايا الهجرة.
لا تلتقط الرؤى المشار إليها، على أهميتها، الصورة الكاملة للآثار الاقتصادية المضاعفة، مثل المكاسب البعيدة الأمد للاستثمار في التعليم والرعاية الصحية، وتداعياته على فرص الدخول في سوق العمل النظامي. تؤثر إعادة توزيع الدخل على فئات الدخل المختلفة من خلال قطاعات اقتصادية مترابطة. فعلى سبيل المثال، تنفق الفئات المنخفضة الدخل ما يأتيها من دخل إضافي على الاحتياجات الأساسية، ويتداول الدخل الإضافي في قطاعات ينشط فيها الفقراء. أما الزيادات في دخل الفئات الأكثر ثراءً، فغالباً ما تفيد قطاعات تقصي السكان المعرّضين للمخاطر.
وعلاوة على هذه الآثار الثانوية، من المتوقع وقوع تداعيات طويلة الأجل من برامج الحماية الاجتماعية، ولا سيّما البرامج حيث يعتمد تقديم التحويلات النقدية على استيفاء المشاركين لبعض الشروط. وتهدف هذه البرامج إلى مساعدة المستفيدين على كسر حلقة الفقر بين الأجيال من خلال تشجيع الإجراءات والسلوكيات التي تحسِّن النتائج المستقبلية، وتزيد، نظرياً، من احتمال نجاح الجيل المقبل من الفئات المعرّضة للمخاطر في دخول سوق العمل النظامي والحصول على وظائف لائقة، ما يساهم، مع مرور الوقت، في الحد من أوجه عدم المساواة. ولكن لا بدّ من الدقة في تصميم الشروط المرتبطة بهذه البرامج، فإذا فرضت، مثلاً، شروط لا يمكن للفئات المستهدفة استيفائها نتيجة لقصور نُظُم التعليم والرعاية الصحية في البلد، لن يحقق البرنامج النتائج المتوخاة منه. وقد تتسبب التحويلات النقدية المشروطة أيضاً بعواقب غير مقصودة، فقد تمثل شروط البرنامج عبئاً إضافياً على الأمهات، المثقلات أصلاً بمهام تقديم الرعاية، ما يحول دون تلبيتهن لتلك الشروط. ولن يكون التعليم ولا الرعاية الصحية كافيين في معالجة أوجه عدم المساواة ما لم تكن هذه الخدمات على قدر من الجودة يمكِّن المستفيدين من منافسة الأفراد ذوي الدخل الأعلى في سوق العمل، أو إذا ما كانت هذه الخدمات مشوبة بالتمييز على أساس نوع الجنس، أو إذا كان الطلب في سوق العمل النظامي متدنياً، كما تبدو الحال في عدد من البلدان العربية. وفي حالة برنامج بولسا فاميليا، المعتمَد في البرازيل، مثال على معالجة هذه الشواغل (الإطار 1).
بولسا فاميليا هو برنامج واسع النطاق للتحويلات النقدية المشروطة في البرازيل، يقدِّم مساعدات مالية للأسر الفقيرة مقابل تلبية شروط صحية وتعليمية مختلفة. أُطلق البرنامج في عام 2004 بغرضالتوحيد بين مختلف البرامج الاجتماعية من أجل تقديم المساعدة المالية لأفقر الأسر في البرازيل، شريطة استيفاء الأسر لبعض الشروط المتعلقة بالصحة والتعليم، مثل الالتحاق بالمدارس واستخدام الرعاية السابقة للولادة. ويدعم البرنامج أكثر من 14 مليون أسرة معيشية؛ ويقدَّم هذا الدعم على أساس مستوى الدخل، وكذلك على أساس امتثال المشاركين للشروط. وقد حُدِّث البرنامج منذ عام 2023، حيث تزايد التركيز على الكفاءة التشغيلية. وعولجت ثغرات مختلفة في البرنامج بحيث أصبح أكثر فعالية في تقديم خدمات المساعدة الاجتماعية، ما يعزِّز دوره كأداة في السياسة الاجتماعية للبرازيل.
وقد ساهم البرنامج في الحد من أوجه عدم المساواة الاجتماعية في البرازيل من خلال زيادة الدعم المقدّم للأسر التي تعيش في فقر مدقع وتحسين الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم، كما ساهمت شروط البرنامج، بإجراء فحوصات صحية والالتحاق بالمدارس، في تحسين الوصول إلى الرعاية الصحية وخفض وفيات الأطفال وزيادة الالتحاق بالمدارس. وللبرنامج آثار إيجابية على الديناميات الاجتماعية، مثل إيجاد فرص عمل للشباب، وصنع القرار للنساء، ونتائج التعليم. من خلال توسيع نطاق الاستحقاقات للأسر التي لديها مراهقون تتراوح أعمارهم بين 16 و17 عاماً، دفع البرنامج نحو زيادة الالتحاق بالمدارس وشجَّع على الدراسة والعمل، لا سيّما في المناطق الريفية والمناطق الشمالية الشرقية/الجنوبية الشرقية. وعزَّز البرنامج أيضاً من قدرة النساء على اتخاذ القرار في الأسر المعيشية الحضرية، ما أثر على تعليم الأطفال وخياراتهم الصحية. وساعد أيضاً على زيادة المشاركة في المدارس والتقدّم في الصفوف، لا سيّما بين الفتيات.
At the end of 2023, the Government of Oman adopted a comprehensive social protection reform package that completely transformed the country’s social protection provision (details of the reform and its financing is detailed in this video by Laila Al Najjar, Minister of Social Development of Oman: https://youtu.be/pGtZQJmH3m4).
The reform package was aimed at making the entire system substantially more accessible and equitable for all population groups. The reform introduced new contributory and non-contributory social protection schemes across all social groups with the aim of promoting income equality, as well as other dimensions of inequality.
Before the reforms, social assistance in Oman primarily targeted vulnerable people, such as persons with disabilities. This at times led to a limited number of beneficiaries receiving multiple benefits, which was ineffective in reducing overall vulnerabilities across groups. This approach resulted in fragmentation and duplication, with minimal impact on inequality and poverty reduction.
Likewise, the existing contributory social insurance system, which comprised 11 distinct pension funds for formally employed workers in the private and public sectors, was not designed to promote redistribution or equality, and did not reach large parts of the population. The system provided benefits (table 2) for contingencies such as old age, disability and employment injury, but with unequal coverage for different categories of workers, leaving many unprotected in the event of key risks. Moreover, fragmentation across professional and income groups limited risk-pooling and redistribution.
Public Authority for Social Insurance (PASI)
X
X
X
X
X (planned)
-
-
-
Petroleum Development Oman LLC Pension Scheme (PDO)
X
X
X
-
-
-
-
-
Central Bank of Oman Pension Scheme (CBO)
X
X
X
-
-
-
-
-
Civil Servant Employees Pension Fund (CSEPF)
X
X
Funeral only
-
-
-
-
-
Diwan Royal Court Pension Fund (DRCPF)
X
X
Funeral only
-
-
-
-
-
Ministry of Defense Pension Fund (MODPF)
X
X
Funeral only
-
-
-
-
-
Royal Oman Police Pension Fund (ROPPF)
X
X
Funeral only
-
-
-
-
-
Royal Guard of Oman Pension Fund (RGOPF)
X
X
Funeral only
-
-
-
-
-
Special Force Pension Fund (SFPF)
No information
No information
No information
No information
No information
No information
No information
No information
Internal Security Pension Fund (ISPF)
No information
No information
No information
No information
No information
No information
No information
No information
Royal Office Pension Fund (ROPF)
No information
No information
No information
No information
No information
No information
No information
No information
In 2023, however, a comprehensive social protection reform changed almost every facet of the country’s existing system. The new system covers the entire population, and comprises non-contributory (social assistance) as well as contributory (social insurance) elements. It spans the full lifecycle, and provides protection against multiple dimensions of inequality.
Under the new system, social assistance benefits are provided broadly to children, persons with disabilities and older persons. Such non-contributory benefits are also provided to orphans and widows not covered by social insurance. A poverty-targeted social assistance benefit is provided to households with low incomes.
The reorganized social insurance landscape provides protection in the event of old age, disability, work injury and occupational disease. Unlike the old system, the new one also covers unemployment, sickness and maternity/paternity. The fact that fathers as well as mothers receive benefits is highly significant from a gender equality perspective and makes Oman a regional pioneer.
Implementation of the new system started in 2024; by September of that year, more than 575,000 contributors had enrolled, 89,899 people were receiving old-age pensions, and 30,872 people were receiving survivor’s pensions. Universal non-contributory benefits were being provided to 41,299 persons with disabilities, 167,222 older persons, and 1,229,454 children; pension-tested benefits were being provided to 16,160 widows and orphans; and means-tested benefits were being provided to 41,727 households on low incomes.
Notably from an inequality perspective, significant progress has been achieved through the inclusion of non-nationals in several important schemes, enhancing the social protection system of Oman in line with the principles of the Equality of Treatment Convention in relation to social security. Law 52/2023 ensures that migrant workers will gradually be given access the same benefits as Omanis in areas such as sickness and employment, maternity and paternity and injury insurance.
Furthermore, a national provident fund has been established to replace the current end-of-service indemnities system, simplifying the process for collecting employers’ contributions and administering benefits to non-Omani workers for retirement, death, disability, and when returning to their home countries. This is one important step towards reducing social-protection-related inequalities between citizens and migrant workers upon retirement.
The total social protection expenditure (excluding health) of Oman amounted to 2.3 per cent of GDP before the reform. This was significantly lower than the regional average of 5.4 per cent of GDP and the global average of 12.9 per cent during the same period.
Following the reform, the 2024 State budget reflects a heightened focus on social protection, with 560 million rials ($1.5 billion, or 4.8 per cent of total expenditure) being allocated to social assistance – a considerable increase on the 384 million rials ($1 billion, or 3.4 per cent of total expenditure) in the 2023 budget. Meanwhile, 750 million rials ($2 billion) are expected to be channelled through the social insurance system in 2024.
The new financing system integrates financing from the general budget with contributions from social insurance. Providing non-contributory old-age, disability and child benefits on a universal basis has the potential to generate broad-based support for the system. However, in order for such a system to reduce inequality, the resources going into it need to be mobilized in a progressive manner.
In 2021, Oman introduced a value-added tax, following other GCC countries. This type of taxation, owing to its regressive nature, could counteract the income-equality-promoting effects of social assistance targeted towards poor and vulnerable people, who usually have to spend a larger proportion of their income on consumption goods. The Government, however, has provided exemptions for items such as essential food to protect low-income populations. In 2024, Oman further made history by instituting a personal income tax for wealthy individuals, making it the first GCC country to do so. This is a significant step towards fostering a fairer, more progressive fiscal structure, and one which will promote income redistribution if social benefits are at least partly financed by this new source of government revenue.
Meanwhile, the integration of numerous existing social insurance regimes into one allows for a higher degree of risk pooling and redistribution across income groups. The consolidation of the various pension funds into a single entity is anticipated to improve the overall efficiency of the pension system. With a more centralized and cohesive structure, the newly merged pension fund is expected to withstand changing economic conditions and demographic trends, ensuring that retirees and future beneficiaries will receive stable and sustainable financial support.
The reform also supported gender-equality efforts, particularly through its approach to maternity and paternity benefits. Under the new law, these benefits are financed by a 1 per cent contribution paid by all employers. Unlike the previous system, where the cost of maternity leave was borne directly by employers, this new policy removes any disincentive to hire women, and thus constitutes an important step in promoting women in the labour market and hence increasing their access to social insurance.
In 2002, Morocco adopted a new, comprehensive health-insurance scheme, known as Assurance Maladie Obligatoire (AMO). Contributory social health insurance coverage was made mandatory for salaried private sector employees and administered on their behalf by the National Social Security Fund (CNSS). Between 2005 and 2016, effective coverage among this group increased from 43 to 82 per cent. To achieve such substantial take-up, the CNSS adopted a range of measures, including workplace inspections and digitized contribution payments.
In addition to AMO, the law instituted a health assistance regime, Régime d’Assistance Médicale (RAMED), to cover poor and vulnerable people. Those identified as belonging to this group consequently enjoyed non-contributory health coverage, financed mainly by the State. RAMED was first piloted in 2008; it was extended to the whole of the country in 2012. By 2018, it covered almost 12,000,000 people.
Among the Moroccan population as a whole, effective health coverage (contributory or non-contributory) increased from 16 per cent in 2005 to 70.2 per cent in 2020. However, the reforms to health insurance brought new challenges, one of which was a lack of coverage for people who were neither salaried employees nor poor enough to qualify for RAMED. This group – largely comprising self-employed workers, as well as those who did not work, but nonetheless were not considered poor – remained without coverage.
Another challenge was that the different components of the health coverage system did not offer the same level of protection. While AMO beneficiaries had access to both public and private healthcare services, RAMED beneficiaries were only entitled to public-sector healthcare (table 4).
Increased demand from RAMED beneficiaries led to public hospitals and other healthcare facilities being increasingly overburdened. As a result, even though inequality decreased tremendously in terms of health coverage, it persisted in terms of actual access to adequate healthcare. As shown by figure 27, although out-of-pocket expenditure decreased following the introduction of AMO and RAMED, it remained far above the regional average.
To address this type of inequality, additional reform measures were introduced to achieve full health equality. In 2017, Morocco passed legislation extending AMO coverage to self-employed workers; this was gradually implemented from 2020. In 2021, Morocco adopted a new social protection framework law (No. 09/21). The law has four pillars, the first of which concerns the generalization of health insurance coverage (table 5).
1.
Generalization of mandatory health insurance coverage
2021–2022
2.
Generalization of family allocations
2023–2024
3.
Increased pension coverage
2025
4.
Generalization of loss-of-employment benefits
2025
As a result, RAMED was abolished in 2022, and replaced with a new non-contributory scheme, AMO Tadamon. The new scheme is an integrated part of AMO, meaning that those covered by it have access to the same healthcare benefits as those who are covered on a contributory basis. Beneficiaries are targeted by means of the country’s new social registry, introduced as part of the overall social protection reform.
In January 2024, a voluntary contributory scheme, AMO Achamil, was introduced to cover economically inactive people who nonetheless have the capacity to pay contributions. As a result of these reforms, statutory social health insurance coverage in Morocco is now universal, with all of the population having equal access to the same benefits package (table 6).
The reforms outlined above have positioned Morocco as a regional leader in advancing health access equality. Nonetheless, there are significant challenges ahead. One key issue is ensuring take-up – that is, translating full statutory coverage into full effective coverage – particularly for newly included population categories.
Another challenge lies in mobilizing sufficient financing and ensuring that healthcare staffing levels can meet the added demand for healthcare resulting from expanded coverage. Adding to this, the methodology used for identifying AMO Tadamon beneficiaries may need further refinement to ensure that no one is mistakenly left out.
The National Aid Fund of Jordan was established in 1986 to mitigate the impacts of economic reforms. By 2018, it provided assistance mainly through a monthly financial-aid programme which covered around 100,000 families. This programme was deemed to have certain shortcomings related to coverage, notably the exclusion of bigger households and working poor people. Therefore, a key strategic objective of the country’s 2015–2019 social protection strategy was to improve the performance and efficiency of social assistance programmes.
In 2019, the National Aid Fund launched a new cash-transfer programme, the Unified Cash-Transfer Programme, which would gradually replace the old monthly financial-aid programme. By the end of 2023, the new programme covered 170,147 households comprising 866,400 individuals, corresponding to around 7.6 per cent of the national population. Meanwhile, the number of people covered by the monthly financial-aid programme had been reduced by around half, to around 1.3 per cent of the population.
The Unified Cash-Transfer Programme targets beneficiaries based on a comprehensive list of 57 indicators chosen as proxies for estimating income. These indicators relate to demographic and socioeconomic characteristics, including disability status, material possessions and type of housing. The indicators are verified through the National Unified Registry, which was launched the same year as the Unified Cash-Transfer Programme. The new registry has a simplified online registration process, which has facilitated the expansion of the new programme.
By 2023, the number of ministries and agencies connected with the new registry had reached 35. The system is also connected with the civil registry and identity system, which encompasses the entire national population.
The current objective is for the National Unified Registry to become an integrated social protection information system, which will include the function of a proper social registry. It will contain data not only on current beneficiaries but also on potential ones. It will also be used to select beneficiaries for multiple programmes operated by different entities, eventually functioning as a “single-window” entry point.
Applications will go through the new registry by default, being evaluated using a unified welfare ranking formula. Applicants may then be referred to one or several of programmes, depending on eligibility. In 2024, a plan was approved to use the new registry for directing applicants towards five additional social protection services, including assistance for persons with disabilities, energy support and health insurance.
Inam is a mother of nine. In 2016, she and her five sons and four daughters were forced to relocate from Zarqa Governorate to Amman after a retaliatory attack led to their home and belongings being set on fire.
One of Inam’s sons died in prison following the incident. Another remains incarcerated, and a third who sustained a gun injury is currently unemployed. Her fourth son has Down syndrome, while her youngest son is in his final year of school. Three of her daughters are married; the youngest, recently divorced at the age of 20, now lives with her mother. Inam herself suffers from health issues, including burns from the fire and epilepsy.
Inam receives 50 Jordanian dinars per month in assistance from the Jordanian National Aid Fund after learning about it from others. She qualified for aid as a mother of orphans. She also received emergency cash assistance to help replace furniture lost in the fire, and occasionally receives seasonal support, such as assistance during Ramadan. Additionally, her high-school-aged son has been participating in a programme offering online educational support for students (for the full story, see this video: https://youtu.be/EpAMdzRuuNE).
Using the National Unified Registry as a social registry will address multiple dimensions of inequality by ensuring that households receive relevant services and benefits and are assessed equally in terms of their social protection and social service needs. For instance, a person with a disability applying for cash transfers under the National Aid Fund may be referred to disability-specific programmes or services that they would not otherwise have been aware of.
This, in combination with a facilitated registration process, ensures that more people will benefit from specific social protection mechanisms appropriate to their needs, since cash transfers alone cannot effectively tackle all dimensions of inequality.
The National Unified Registry’s enhanced cross-verification functions – for example, verifying land and vehicle ownership statements – will also allow scarce resources to be channelled to those most in need, thereby further reducing income inequality.
Enabling the National Unified Registry to function as a proper social registry will further enhance both the effectiveness and the efficiency of the national social protection system of Jordan, with positive impacts on poverty and inequality. Additionally, using the new registry to foster economic empowerment – possibly supported by machine-learning-aided job-market information systems – could also promote sustainable poverty reduction, by identifying training needs and matching social assistance beneficiaries with jobs.
However, the unification of structures and processes carries various risks. In the worst case, targeting errors could be multiplied across all programmes that use the registry. It is therefore important not only to ensure that the unified welfare ranking formula is well devised and reliably implemented, but also that there are accessible and effective redress mechanisms in place. Furthermore, processes that are standardized across programmes for different social groups must remain responsive to the specific circumstances and needs of individual vulnerable groups. This is relevant not just in terms of the benefits provided but also in terms of implementation processes (such as outreach, registration, enrolment and payment) that such an integrated information system requires households and individuals to use.
For more details about social protection reform, see this video featuring the Jordanian Minister for Social Development, Wafaa Bani Mustapha: https://youtu.be/n5jJtTxxaYA.
Tunisia has one of the region’s most developed and comprehensive social protection systems. In 2024, 54 per cent of the population was covered by at least one form of social protection, far above the regional average of 35 per cent. This is partly due to comparatively comprehensive social insurance coverage, which exceeds that of most other countries in the region.
The Government of Tunisia has taken steps to address one of the system’s longstanding shortcomings, a limited maternity-benefits policy. This issue was particularly significant for women in the private sector, where the duration of leave and financial benefits provided were among the lowest in the Arab region. Recent reforms to maternity-leave policies represent a critical step toward enhancing women’s labour-market participation given the role of maternity insurance in supporting working mothers. It is also a step towards ensuring that both men and women can balance work and family responsibilities without jeopardizing their financial security and career prospects. These efforts come against the backdrop of persistently low labour-force participation in Tunisia, which stood at 24 per cent in 2023, compared with 63 per cent among men, underscoring the need for structural changes to close the gender gap.
Previously, mothers in the private sector were only entitled to four weeks of maternity leave. This short period was well below the minimum standard set by ILO in the Maternity Protection Convention, which provides for a minimum of 14 weeks’ maternity leave at two-thirds pay. Previous legislation did not recognize the role of fathers during childbirth, granting only one day of leave for fathers in the private sector and two days for those in the public sector. This disparity in leave arrangements had contributed to widening the inequality between men and women, putting the burden of postpartum childcare solely on women and consequently pushing them out of the labour market after giving birth.
In 2024, Tunisia ratified a new law which introduced significant updates to maternity and paternity leave in both the public and private sectors. The new law establishes equal leave rights for employees, addressing maternity and paternity leave with a focus on social justice, gender equality and family support.
Maternity leave: under the new law, mothers in both the private and public sectors are entitled to maternity leave covering both the pre- and post-natal periods. This includes a maximum of 15 days before the birth and three months after birth, with an extension to four months in the case of multiple births, children with disabilities or other special circumstances. In addition, the law grants mothers the right to breastfeeding breaks for up to one year after returning to work to ensure a balance between work and childcare responsibilities.
Paternity leave: one of the most notable improvements under the new law is the extension of paternity leave, making Tunisia one of the leading Arab countries in this regard. Fathers in both the public and private sectors are now entitled to 7 days’ leave, which can be extended to 10 days in the case of multiple births, children with disabilities or other special situations. The extension of paternity leave is in line with global trends towards more inclusive family policies, recognizing the importance of fathers’ involvement in early childcare.
Job protection and non-discrimination: a key element of the new law is the guarantee of job protection during maternity, paternity and breastfeeding leave. The law explicitly prohibits the dismissal or punishment of workers on the grounds of pregnancy or childbirth. Employees in both the public and private sectors are guaranteed to retain their rights to career advancement, promotion and retirement during these leave periods. This protection is an important step in fostering an environment where workers, especially women, do not have to choose between career advancement and starting or growing a family.
The new parental-leave law of Tunisia is an essential part of the country’s broader social protection reforms aimed at promoting a more inclusive and equitable society. However, continued monitoring, enforcement and adjustments are necessary.
While the law harmonizes leave entitlements, significant challenges remain in addressing financial disparities between the public and private sectors. Although the length of leave has been equalized across both sectors, inequalities in pay persist. Mothers working in the public sector are entitled to their full salary during maternity leave, whereas those in the private sector receive an allowance equivalent to two thirds of the average daily wage. This allowance is capped at twice the minimum wage and does not include employer contributions. This disparity underscores the financial inequalities between the public and private sectors and indicates the need for further reforms to fully achieve the objectives of the law.
Private-sector concerns about the financial burden of compliance highlight the need for supportive measures such as government subsidies and tax incentives. The requirement to apply for the allowance within one month of childbirth adds another layer of administration that can be burdensome for mothers navigating the postpartum period.
While the recognition of the father’s role in childcare is a positive development, the provision of only seven days of paternity leave is still insufficient and undermines the goal of shared parental responsibility.
To effectively reduce inequality, social protection systems and programmes need to be universal, progressively financed, and responsive to the needs of vulnerable groups. This requires Governments to plan economic development in conjunction with social policies, and vice versa.
Broad-based economic growth is key to ensuring that opportunities are created in sectors that foster socially insured, decent employment. At the same time, budgets need to be planned and implemented with a view to limiting unintended negative effects, such as the unintentional exclusion of people without access to poverty-targeted social assistance or employment-based social insurance. To avoid this, Governments may find it beneficial to reduce the legal, administrative and financial factors which make it difficult for informal workers and low-income self-employed to enrol in national social insurance schemes, such as by temporarily co-financing their social insurance contributions.
Figure 31 illustrates the broad principles of an integrated and universal social protection system (figures 4 and 5 in chapter 1). In this example, non-contributory support is not limited to the poorest, but also covers the middle section of society, where it can partly take the form of co-financed social insurance contributions. The level of this support is gradually discontinued for those who have a certain level of earnings, while the level of benefits provided through the system always increases in line with incomes.
Extending social insurance coverage and consolidating funds provides higher potential for reducing inequality though risk pooling across income groups. At the same time, social assistance programmes need to be progressively financed. An excessive reliance on resource collection through regressive measures such as value-added tax risks undermining the redistributive impact of cash transfers. Direct taxation, such as through personal or corporate income tax, is generally more equitable. However, it currently plays a relatively small role in the Arab region. Furthermore, in order for social protection to effectively reduce inequalities, including multidimensional ones, it is essential that design and delivery mechanisms be adapted to the various life-cycle needs and often overlapping vulnerabilities of different groups, notably women, older persons, young people, persons with disabilities and migrants.
At macro level, the following social protection reforms can be advanced to guarantee universal and progressive social protection in support of redistribution while leaving no one behind:
Non-contributory social protection can have an inequality-reducing impact if it is accurately targeted and equitably financed. It has a greater impact if it is financed through progressive forms of taxation – for example, personal and corporate income tax – rather than regressive indirect taxation such as value-added tax.
By bringing a higher number of workers – including self-employed workers with relatively high incomes – into risk and contribution pools, Governments can reduce the need for further expansion of social assistance resulting from unprotected exposure to life-cycle risks such as poor health, old age and maternity/childcare. Depending on the context-specific reasons for informality, measures to be taken may include awareness and advocacy campaigns, simplification of procedures, and labour inspections at larger companies to enforce effective social insurance coverage for workers that employers have not registered.
Social services, including healthcare and education, often complement social protection programmes, which stimulate demand for these services – notably in the case of conditional cash transfers. To enable the effective human capital accumulation that could break the poverty cycle and promote equality, it essential that such services are not only accessible, but also of good quality.
While horizontal expansion (adding more beneficiaries) may often be a necessity the desired impacts in terms of poverty and inequality reduction will not materialize if benefits are too low. Especially in contexts of high inflation, it is therefore essential to have indexation mechanisms in place that maintain the purchasing power of beneficiaries.
Social protection policies should not be conceived in a silo, as they are closely connected with macroeconomic and other policies. Integrated and coherent policy planning should be aimed at translating economic growth into the creation of formal private-sector-driven employment that is socially insured against life-cycle risks, and to ensure that social protection policies are conducive to such growth.
When introducing unemployment insurance schemes such as those currently being arranged in Tunisia and planned in Morocco, options should be considered which allow informal workers to join. Policymakers might consider subsidizing these workers’ contributions and simplifying procedures with a view to providing short-term benefits for temporary periods of unemployment.
The report identified six groups particularly affected by inequality, who must be given particular consideration in the context of social protection reform: informal workers, women, persons with disabilities, older persons, young people and migrants. There are considerable overlaps between these groups – for instance, older persons are much more likely than people in other age groups to have disabilities, and young people are disproportionately affected by informality.
Informal workers are a diverse group, and different informal workers may be informal for different reasons. While informality may in some cases be a result of a lack of statutory social insurance coverage, meaning that there is no social insurance scheme in place for certain groups of informal workers to join, it may also be due to other reasons, such as unaffordability of contributions or limited awareness. It is therefore important to better understand the reasons behind informality and, on that basis, to devise measures tailored to enhance take-up.
Target: Informal WorkersTo facilitate formalization and social insurance membership of the self-employed, domestic workers, and micro and small enterprise owners, policymakers should consider arranging simplified, flat-rate combined taxation and contribution arrangements (such as Monotax-type schemes), the contributions of which at times need to be subsidized for low-income self-employed individuals and micro-entrepreneurs.
Target: Informal WorkersWhile the formality rate in many Arab countries is higher among women than among men, the number of female formal workers remains vastly inferior to the number of male formal workers, as a result of lower labour-force participation among women. Stimulating women’s labour-force participation and their access to formal jobs, including in the private sector, is therefore an effective means of increasing women’s social insurance coverage. The introduction of maternity benefits in a number of Arab countries is an important and encouraging step in this direction.
Target: WomenIn order for persons with disabilities to take up employment opportunities in the formal sector, and thereby contribute to social insurance, it is necessary that workplaces as well as public spaces more generally, including public transport systems, are accessible. This requires measures to adapt the physical infrastructure as well as to change attitudes and combat prejudices. It is also important to adapt the eligibility criteria for social assistance for persons with disabilities so that they do not force beneficiaries to choose between receiving benefits and carrying out economic activity. Social assistance is often provided only to those who are deemed “too disabled to work”; instead, it should be conceived of as a means of enabling labour-force participation.
Target: Persons with DisabilitiesMany countries in the region are attempting to increase enrolment in social insurance, including pension schemes. This will eventually mean that a higher proportion of older persons receive old-age pensions. However, persistently low levels of economic inactivity among women mean that even with measures to increase enrolment, coverage will not be complete. Contributory old-age pensions should therefore be complemented by non-contributory ones. These should not be set up in a way that disincentivizes participation in the contributory system.
Target: Older PersonsInvesting in vocational education tailored to labour-market needs will help young people, especially in underrepresented sectors, to gain relevant skills, improving their employability and access to formal social protection. Expanding unemployment support programmes for young people, such as the provision of aid by Bahrain to first-time jobseekers, alongside training and job-placement services, can bridge the gap between education and employment, reduce youth unemployment and ensure access to social protection.
Target: Young PeopleSome countries in the region have taken steps to increase migrants’ registration in social protection systems or to adjust restrictive requirements that hindered earlier access. Furthermore, substantive measures are needed to ensure that social insurance benefits for international migrants can be paid out after they leave the country, or their acquired rights transferred to their next country of residence.
Target: Migrants