AR
1. الأمن الغذائي الإقليمي: كان هشاً قبل الجائحة 2. جائحة كوفيد- 19 : التحديات الناشئة في مجال الأمن الغذائي في المنطقة العربية 3.ازدياد الضغوط على الأمن الغذائي بسبب جائحة كوفيد- 19 4.آثار جائحة كوفيد- 19 والسيناريوهات البديلة للأمن الغذائي 5.الخطوات المقبلة: تعزيز قدرة الأمن الغذائي على الصمود في أعقاب صدمات جائحة كوفيد- 19 6. المرفقات والمراجع

الأمن الغذائي العربي

مخاطر ومسارات

يشكل هذا التقرير تتويجاً للجهود التي تبذلها المكاتب الإقليمية والأقسام والمقرات التابعة للإسكوا ومنظمة الأغذية والزراعة. فقد تعاون الشركاء مع خبراء آخرين لإجراء عمليات التقييم وتقديم تحليلات سليمة، ولتحديد مسار عمل ملائم من خلال تقييم التحديات ومحاكاة التوقعات الغذائية القصيرة والمتوسطة الأجل حتى عام 2030 .

كان عام 2020 عاماً مثقلاً بالتحديات، رفع المعاناة الإنسانية إلى مستوى غير مسبوق من الناحية الاجتماعية الاقتصادية، ومن الناحية الصحية أيضاً. فقد انتشر فيروس كورونا، وهو مرض معدٍ مستجد، انتشاراً سريعاً وواسعاً، فأوقع نُظُم الرعاية الصحية في محنة وأطلق العنان لحالة من أسرع وأقوى حالات الركود التي شهدها العالم في التاريخ الحديث. في المنطقة العربية، جاءت الجائحة لتفاقم الكثير من التحديات التي سادت منذ عقود، بما في ذلك ارتفاع معدلات النمو السكاني، والنزاعات ونزوح السكان، والفقر والبطالة، وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية، والاعتماد الكبير على أسواق الأغذية الخارجية نظراً إلى الندرة المتزايدة للمياه والأراضي الصالحة للزراعة. فإلى أي مدى كانت المنطقة مستعدة لمعالجة هذه الصدمات والتكيُّف معها، وما هي الدروس المستفادة؟

تعرضت بلدان عربية كثيرة في الفترة الأخيرة لاختبارات كبيرة نتيجة مجموعة من الأزمات، بما في ذلك الاضطرابات الاجتماعية السياسية والنزاعات المسلحة، والانتكاسات الاقتصادية المدمرة، مدفوعةً بتدهور أسعار النفط وانخفاض قيمة العملة. وقد أدت هذه الأزمات الحديثة إلى زيادة حدة آثار الأزمات السابقة وتفاقمها. وعليه، وجدت جائحة كوفيد- 19 في المنطقة أرضاً خصبة كي تفاقم مواطن ضعفها الكثيرة، لا سيما تلك التي يعاني منها نظامها الغذائي. فقد تضررت سُبُل عيش الناس وصحتهم، وضعفت ميزانيات الدول أكثر فأكثر، وهذا ما شكل تحدياً لقدرة العديد من البلدان المتوسطة والمنخفضة الدخل على الاستجابة لهذه الأزمة على النحو المطلوب.

يرتكز النظام الغذائي في المنطقة العربية على التجارة الإقليمية والعالمية في السلع الغذائية والزراعية، فيتطلب بالتالي سلسلة إمدادات غذائية مستدامة تعمل بشكل جيد، فتدر دخلاً وتبني سُبُل العيش مع الحفاظ على الموارد الطبيعية. لكن جائحة كوفيد- 19 والتدابير المتخذة لوقف انتشارها قلبت سير عمل الأسواق الغذائية رأساً على عقب. فأدى تقييد التنقلات وتكديس الأغذية إلى تفريغ مؤقت لرفوف المتاجر، في حين تم التخلص من الأغذية الطازجة مع انخفاض طلب المطاعم والمشترين المؤسسيين الآخرين عليها. فترك هذا الأمر أثراً شديداً على الأعمال التجارية المتصلة بالأغذية، وأدى إلى ارتفاع معدلات البطالة، وخسارة المداخيل، وزيادة الفقر.

يأتي هذا التقرير في الوقت المناسب ليسلُط الضوء على كيفية تأثير جائحة كوفيد- 19 على الأمن الغذائي في المنطقة، مع التركيز على مَواطن الضعف والهشاشة الكامنة في النُظُم الغذائية، وقابليتها الشديدة للتعرض للصدمات. وقد أُجريت عمليتا محاكاة بشأن أثر جائحة كوفيد- 19 ، إلى جانب إسقاطات لنتائج صدمات السوق، مثل ارتفاع أسعار الأغذية، ونتائج التحسن الملحوظ في إنتاجية الحبوب، من أجل تحديد التوصيات الرئيسية لتعزيز قدرة أسواق الأغذية على الصمود. ويعرض هذا التقرير أيضاً دراستَي حالة عن الأمن الغذائي في لبنان واليمن. ويقدم التقرير على امتداد أجزائه خيارات للاستجابة لانعدام الأمن الغذائي المتزايد، ومعالجة الوضع الراهن الذي يعاني منه الغذاء والتغذية، والحد من أوجه الضعف، والاستجابة لجائحة كوفيد- 19 من أجل تسليط الضوء على الطرق البديلة لتعزيز قدرة المنطقة على مواجهة الصدمات المستقبلية.

وعليه، يشكل التقرير مرجعاً مفيداً فيما تسعى المنطقة إلى إعادة البناء بشكل أفضل. وتأمل منظمتا الإسكوا والفاو أن يساعد مضمون هذا التقرير والنتائج التي توصل إليها في توجيه عملية وضع السياسات وتخطيط البرامج في المنطقة، وفي دعم البلدان على التقدم بثقة أكبر نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، لا سيما الهدف 2 منها، إلى جانب أهداف أخرى تدعم تحقيق الأمن الغذائي.

DR-ROULA-DASHTI

رولا دشتي
وكيل الأمين العام والأمين التنفيذي
الإسكوا

Ruba Jaradat

عبد الحكيم الواعر
المدير العام المساعد والممثل الإقليمي
منظمة الأغذية والزراعة - المكتب الإقليمي للشرق الأدنى


المقدمة

يأتي الأمن الغذائي على رأس جدول أعمال الدول العربية. ويتسم استقرار توفر الغذاء والحصول عليه إلى جانب نوعية الأغذية وأثرها التغذوي بأهمية قصوى. وقد تم الاتفاق على الأبعاد الأربعة للأمن الغذائي، وهي التوفر والحصول والاستفادة والاستقرار، خلال مؤتمر القمة العالمي للأغذية في عام 1996 ، وأعيد التأكيد عليها في مؤتمر القمة العالمي للأمن الغذائي في عام 20091 . وهذه الأبعاد موجودة في جوهر تعريف الأمن الغذائي الذي يتوفر "عندما تتوفر لجميع الناس، في كل الأوقات، الإمكانات المادية والاجتماعية والاقتصادية، للحصول على أغذية كافية وسليمة ومغذية تلبي احتياجاتهم التغذوية وتناسب أذواقهم الغذائية للتمتع بحياة موفورة النشاط والصحة" (FAO, 1996 and 2009)

شكل فيروس كورونا أحدث تحدٍ للأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم وفي المنطقة العربية. وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية تفشي فيروس كورونا على أنه جائحة في 11 آذار/مارس 2020 ، في إشارة إلى أن الفيروس موجود في منطقة جغرافية واسعة ويؤثر على نسبة كبيرة من السكان. نظراً إلى سهولة انتقال عدواه وقدرته على التأثير الشديد على الفئات السكانية الضعيفة، اضطرت البلدان إلى اتخاذ تدابير جذرية لإنقاذ الأرواح والحد من انتشار الفيروس. فشملت التدابير الإغلاق التام أو الجزئي، وإغلاق الحدود، وتخفيض نسبة الإشغال داخل المؤسسات التجارية، بما في ذلك المؤسسات الغذائية. وقد تكبدت صناعة السياحة والخدمات المتصلة بها، بما في ذلك الفنادق وشركات الطيران، خسائر كبيرة في المداخيل وفرص العمل.

1. الأمن الغذائي الإقليمي: كان هشاً قبل الجائحة

sdg-1

يسجل انتشار انعدام الأمن الغذائي والنقص التغذوي والسمنة معدلات مرتفعة في المنطقة

حيث يعاني 116 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي و43 مليون شخص من النقص التغذوي، وترتفع هذه المعدلات أكثر بكثير في البلدان التي تشهد نزاعات. في المقابل، يعيش 115 مليون شخص يعانون من السمنة في المنطقة، مع ارتفاع معدلات السمنة في بلدان مجلس التعاون الخليجي والبلدان المتوسطة الدخل.

الإنتاج الزراعي ضعيف في عدة بلدان

فتسـجل إنتاجية القمح أداءً منخفضاً يبلغ 50 في المائة فقط من الإمكانات في أقل البلدان نمواً والبلدان التي تشهد نزاعات. والإنفاق الزراعي في البلدان المتوسطة الدخل منخفض أيضاً ويبلغ 0.2 في المائة، في دلالة على نقص الاستثمارات في هذا القطاع.




sdg-1
sdg-1

تواجه المنطقة تحديات في الحصول على الغذاء.

فمعدلات الفقر المرتفعة والمتزايدة تطال 29 في المائة من سكان المنطقة، وحوالي نصف السكان في البلدان التي تشهد نزاعات وفي أقل البلدان نمواً. أما نسبة البطالة فتبلغ 20 في المائة بين النساء، مقابل 8 في المائة بين الرجال، و26.5 في المائة بين الشباب. كذلك، فإن الحصول على الغذاء ينوء تحت قيود معدل تضخم مرتفع يصل إلى أكثر من 45 في المائة في أقل البلدان نمواً. أما الإنفاق على استهلاك الأغذية فهو مرتفع بنسبة 31 في المائة من الدخل في المنطقة، مقابل 22 في المائة في المتوسط في العالم. والإنفاق مرهق بشكل خاص في البلدان التي تشهد نزاعات والبلدان المتوسطة الدخل.

تواجه الاستفادة من الغذاء لعيش حياة صحية تهديداً بالخطر،

بما أن 40 في المائة من سكان أقل البلدان نمواً لا يصلون إلى خدمات مياه الشرب الأساسية و60 في المائة منهم لا يصلون إلى خدمات الصرف الصحي. وتعاني المنطقة من انتشار واسع لحالات تقزم الأطفال (22 في المائة)، وهزال الأطفال (8.2 في المائة)، وفقر الدم عند النساء في سن الإنجاب (35.5 في المائة).




sdg-1
sdg-1

تراجع الاستقرار السياسي الإقليمي من المرتبة 20 في عام 2010 إلى المرتبة 16 في عام 2018،

في إشارة إلى أن المنطقة ترزح تحت وطأة بلاء النزاعات التي تحمل معها آثاراً مباشرة على الأمن الغذائي. ويعيق تغيّر المناخ إنتاج الأغذية، فيحد من الإنتاجية الزراعية بنسبة قد تصل إلى 21 في المائة بحلول عام 2080.





توصيات عملية

يظهر هذا الاستعراض الإقليمي للأمن الغذائي قبل جائحة كوفيد-19 أداءً ضعيفاً في مجال النقص التغذوي ومقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي والسمنة. ومن المرجح أن يظل الأمن الغذائي ضمن الأولويات في جدول أعمال السياسات، نظراً إلى الحاجة الملحة إلى معالجة الثغرات والتحديات المحددة في مجال الأمن الغذائي. في ما يلي بعض الإجراءات العملية الإقليمية والوطنية الرئيسية الموصى بها.



● خفض الحواجز أمام الواردات والصادرات، لا سيما داخل المنطقة، لتعزيز تجارة الأغذية داخل المنطقة، والمدخلات المقدمة للزراعة والصناعات الغذائية المنتجة للسلع الأساسية.

● تعزيز التعاون والتنسيق الإقليميين عبر القطاعات في مجال الممارسات الزراعية المستدامة، والمشاركة فيهما على أساس أن ذلك سيؤدي أيضاً إلى التنسيق الوطني. فهناك حاجة واضحة إلى تحسين تنسيق استراتيجيات الزراعة والأمن الغذائي وإدارة المياه.

●تحسين جمع البيانات وتوفرها ونشرها لضمان وضع السياسات القائمة على الأدلة. فينبغي أن تشارك مكاتب الإحصاء الوطنية في جمع البيانات من مختلف المؤسسات العامة المشاركة في نظام الأمن الغذائي، بما في ذلك الوزارات أو الإدارات أو المؤسسات الخاصة بالمال والصحة والمياه والزراعة والتجارة والاستثمار، إلى جانب أصحاب المصلحة الآخرين ومن بينهم القطاع الخاص.

● مراجعة الإعانات المقدمة للأغذية، لا سيما القمح والسكر. فيتعين على الوزارات أو الإدارات أو المؤسسات الخاصة بالمال والصحة والزراعة والتنمية الاجتماعية، على سبيل المثال لا الحصر، أن تدرس أفضل السيناريوهات لضمان أن تستهدف الإعانات الفئات الأكثر ضعفاً وأن تتجاوز القمح والسكر لتشمل أغذية أخرى مغذية أكثر، مع الحد من هدر الأغذية وتعزيز النُظُم الغذائية الصحية أكثر. وتشتمل الأمثلة عن التدابير المحتملة على التحويلات النقدية، أو المبالغ النقدية المخصصة للغذاء، أو السلال الغذائية، أو برامج الوجبات المدرسية، من بين أمور أخرى.

● إعادة تحديد محاور التركيز في برامج شبكات الأمان الاجتماعي لتغطية الفئات الأكثر ضعفاً بشكل أفضل. فيتعين على الحكومات والمجتمع الدولي أن يعملا معاً لاستعراض معايير الأهلية وتسجيل الفئات الأكثر ضعفاً من أجل تجنب حالات انعدام الأمن الغذائي الشديدة. ويمكن أن تؤدي السجلات الاجتماعية دوراً هاماً في تعزيز فعالية برامج شبكات الأمان.

● تنفيذ مبادرات واستراتيجيات لوقف استهلاك الأحماض الدهنية المتحولة والحد من استهلاك السكر والملح والدهون المشبعة من خلال فرض ضرائب على المواد الغذائية والمشروبات مثل المشروبات المحلاة بالسكر والأغذية فائقة المعالجة، من بين أمور أخرى. توفير حوافز لزيادة استهلاك الفواكه والخضروات للتوصل إلى أنظمة غذائية صحية أكثر. فيتعين على الوزارات أو الإدارات أو المؤسسات المالية، إلى جانب العاملين في مجال الصحة والتنمية الاجتماعية، الاتفاق على خطوات لمعالجة السمنة وآثارها، بالموازاة مع وضع تدابير لزيادة الوعي العام.

● توسيع نطاق برامج التغذية المدرسية من خلال تشجيع المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص والجهات المانحة على دعم هذه البرامج في المجتمعات الأقل حظاً، بما في ذلك المجتمعات التي تضم لاجئين ونازحين.

● زيادة التركيز على الروابط بين الغذاء والصحة من خلال:
• تنظيم حملات عامة لإيصال المعلومات التغذوية مع التشديد على أهمية النشاط البدني.
• إدراج التثقيف التغذوي في المدارس ووسائل الإعلام.
• تعزيز الأسواق المحلية وتحسين الربط بين المنتجين والمستهلكين.

● اتخاذ الإجراءات المتعلقة بتغيّر المناخ على النحو التالي:
• إنشاء وحدات لإدارة مخاطر الكوارث لديها استراتيجيات ومبادئ توجيهية تشغيلية واضحة لتحسين قدرة النظم الغذائية على مواجهة الصدمات المرتبطة بالمناخ. يُعتبر التعاون والتنسيق بين مختلف المؤسسات العامة أمراً بالغ الأهمية.
• توفير الحصول على فرص التمويل والتأمين إلى جانب فرص الحماية الاجتماعية لصغار المزارعين في حال تعرضهم للتهديدات المرتبطة بالطقس.
• تقييم تأثير تغيّر المناخ على سلسلة الإمداد الزراعي من خلال تحديد المناطق المعرضة للخطر بواسطة أدوات مختلفة تشمل نموذج أكواكروب AquaCrop التابع لمنظمة الأغذية والزراعة، واتخاذ الإجراءات المناسبة لبناء قدرة المجتمعات المحلية الريفية على الصمود.
• إدماج المخاطر المناخية وإجراءات التكيّف ذات الأولوية بالنسبة إلى القطاع الزراعي في خطط التكيّف الوطنية بحيث يمكن توجيه الاستثمارات والتمويل في مجال تغيّر المناخ نحو حلول مرنة للزراعة.
• تعزيز معارف الشباب وقدراتهم التقنية في الممارسات الزراعية واستخدام التكنولوجيا الخضراء المناسبة في المؤسسات ذات الصلة بالأغذية.

2. جائحة كوفيد- 19 : التحديات الناشئة في مجال الأمن الغذائي في المنطقة العربية

sdg-1

فيروس كورونا هو جائحة عالمية من المتوقع أن تزيد عدد الجياع على مستوى العالم بمقدار 83 مليون إلى 132 مليون شخص،

يضافون إلى الـ 690 مليون جائع في عام 2019. وقد ضربت الجائحة المنطقة العربية في وقت سادت فيه بالفعل التحديات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والأمنية الغذائية الحرجة. فكشفت أكثر فأكثر عن أوجه الضعف في سلاسل القيمة الغذائية وعن القابلية الكبيرة للتضرر الناجمة عن الاعتماد الكبير على الواردات الغذائية.


في الأيام الأولى للجائحة، تأثر الإنتاج المحلي للأغذية الزراعية بالقيود المفروضة على التنقل،

التي حالت دون وصول عمال المزارع إلى الحقول، من بين قيود أخرى. وأدى نقص الواردات الناجم عن تعطل التجارة الدولية إلى ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج التي تشتد الحاجة إليها، بما في ذلك علف الماشية والمنتجات البيطرية، لا سيما في البلدان التي تواجه بالفعل تحديات اقتصادية. وقد أدى تكديس الأغذية والطلب المكثف عليها في الأشهر الأولى من الجائحة إلى تعريض تجار التجزئة لضغوط كبيرة.

sdg-1
sdg-1

في حين تمكن العمال في مختلف القطاعات من العمل من منازلهم، احتاج العمال في القطاع الغذائي الحيوي إلى مواصلة العمل على الأرض وفي الميدان.

ووجب اتخاذ تدابير وقائية عاجلة في المزارع، وفي الصناعات الغذائية، ولتجار الجملة والتجزئة. وتبيّن أن الزراعة أكثر قدرة على الصمود من قطاعات اقتصادية أخرى متعددة.




ترتب أثر الجائحة الأكبر على إمكانية الحصول على الغذاء عن تزايد البطالة والفقر.

فمن المتوقع أن تصل نسبة البطالة على الصعيد الإقليمي إلى 15 في المائة بحلول عام 2022؛ ومن المتوقع أيضاً أن تتزايد معدلات الفقر. وكانت البلدان التي تشهد نزاعات تسجل أعلى معدلات الفقر قبل جائحة كوفيد-91. ومن المتوقع أن ترتفع هذه المعدلات لتصل إلى 56.5 في المائة من السكان في هذه البلدان، أو 54 مليون نسمة، في عام 2202.




sdg-1
sdg-1

أثرت تحديات الجائحة بشكل خاص على النساء اللواتي يواجهن بالفعل معدلات بطالة أعلى من الرجال.

ومن المتوقع أن تخسر النساء أكثر من 700,000 وظيفة، الأمر الذي يحد من حصولها على الغذاء. في الوقت نفسه، تبيّن أن مساهمات المزارعات في الحفاظ على سلاسل الإمداد الغذائي خلال الأزمة والإغلاق الاقتصادي قيّمة للغاية. وقد حوّلت نساء كثيرات التحديات إلى فرص.


توصيات متعلقة بالإجراءات

لا يزال أثر جائحة كوفيد-19 على قطاع الأغذية يتكشف، ولا يزال عدم اليقين كبيراً. ولا بد للبلدان من تقييم أثر الجائحة على الصعيدين الوطني والمحلي لتحديد الإجراءات اللازمة. يمكن للتدابير الرئيسية التالية أن تعزز قدرة القطاع على الصمود، مع مراعاة الدور الحاسم الذي يؤديه التنسيق والتعاون في الإجراءات الوطنية لمعالجة الآثار الغذائية والصحية. وتصنَّف الإجراءات الوطنية على أنها قصيرة ومتوسطة الأجل، في حين تركز الإجراءات الإقليمية على المدى المتوسط.



● تعزيز قدرة سلاسل الإمداد على مواجهة الأوبئة من خلال تنويع قنوات شراء السلع الغذائية اللازمة.

● اعتماد آليات لتيسير التجارة، بما في ذلك من خلال التعجيل بالتكنولوجيات الرقمية وتكثيف استخدامها، مثل التبادل الإلكتروني للشهادات الصحية وشهادات الصحة النباتية، من أجل تقليص وقت التجارة وتكاليفها، الأمر الذي يمكن أن يساعد بدوره في تعزيز توفر الغذاء، والحد من خسائر الأغذية وهدرها.

● Sدعم القطاعين العام والخاص في زيادة القدرة على تخزين الأغذية على المستويين الوطني ودون الوطني. ويمكن للمؤسسات الخاصة و/أو الحكومية المولجة إنشاء احتياطيات وطنية أو دون وطنية مرتبطة بنظام إلكتروني مدار مركزياً، أن توفر معلومات أفضل وأسرع عن الأسواق الوطنية بشأن المخزونات الغذائية المتاحة لدى مختلف أصحاب المصلحة، بمن فيهم الحكومات والموردين والموزعين والبائعين.

● ضمان توفير نظم الحماية الاجتماعية، بما في ذلك النظم الصحية، لدعم الفئات السكانية الأكثر ضعفاً.

● إشراك مختلف أصحاب المصلحة في تصميم وتنفيذ تدابير الاستجابة للصدمات، بمن فيهم مجموعات المزارعين والنساء والشباب وغيرهم من المجتمعات المحلية.

● تقديم الدعم الموجه السريع للمرأة في القطاع الزراعي/غير النظامي حتى تتمكن من المساهمة في الحفاظ على سلاسل الإمداد الغذائي.

● دعم المراكز المجتمعية النسائية لضمان تقديم خدمات الصحة الإنجابية، والمشورة التغذوية والغذائية والصحية للنساء المحرومات والنساء في المجتمعات الريفية.

● تشجيع الاستثمارات والأعمال التجارية التي تقلل من خسائر المحاصيل والتخزين بعد الحصاد وتعزز توفر الغذاء، بما في ذلك الاستثمارات في بنوك الأغذية والتصنيع الغذائي، من بين أمور أخرى.

● معالجة النظم الغذائية ككتلة، والتخطيط وفقاً لذلك من أجل بناء قدرة القطاع على مواجهة الصدمات، بدءاً بأمن البذور والحصول على الأعلاف والخدمات البيطرية للمواشي والإنتاج الزراعي، مع التركيز على إدارة الآثار المتوسطة والطويلة الأجل على الأمن الغذائي.

● دعم وصول المزارعين والنساء الريفيات، بمن فيهم موردو المدخلات الزراعية، وتجار الجملة، وتجار الأغذية بالتجزئة والموردون من القطاع الخاص، والمستهلكون على طول سلاسل القيمة، إلى تكنولوجيا المعلومات والأدوات الأساسية للخدمات الرقمية، بما في ذلك عن طريق العمل من خلال منظمات المجتمع المدني.

● استكشاف فرص الاستثمار المتاحة للبلدان الأعضاء، بدعم من القطاع الخاص، لإنشاء مرفق إقليمي/دون إقليمي لاحتياطي/تخزين الغذاء (لا سيما القمح والحبوب) من أجل إدارة المخاطر المرتبطة بارتفاع مستوى الاعتماد على استيراد الحبوب وضمان توفر المخزونات الغذائية الملائمة. فتوفر الغذاء الموثوق به للتخزين وكذلك للبيع في السوق يمكنه أن يؤدي إلى استقرار الأسعار المحلية. ويؤكد البنك الدولي أنه يجب التشديد في السنوات القادمة على الإدارة العامة الجيدة للمخزونات وعلى مشاركة القطاع الخاص (الذي يملك معظم المخزونات الغذائية في جميع أنحاء العالم). ويمكن لتنسيق المخزونات المادية في جميع أنحاء المنطقة أن يعود بالفائدة المتبادلة على الحكومات، وقد يساعد على تخفيف الضغوط على أسواق الأغذية العالمية الضعيفة. كذلك، يمكن أن تستند الاحتياطيات الغذائية الإقليمية إلى مفهوم تجميع الموارد في احتياطي مشترك، على أن يرتكز على قواعد متفق عليها مسبقاً (Konandreas, 2017).

● تحسين التعاون الإقليمي ودون الإقليمي بشأن حركة الأغذية عبر الحدود إلى جانب حركة العمال الزراعيين. فالمنظمة العربية للتنمية الزراعية ومعها الجهات الفاعلة الإقليمية الأخرى، بما في ذلك منظمة الأغذية والزراعة والإسكوا، يمكنها تيسير الحوار بين البلدان الأعضاء لمعالجة أثر هذه الجائحة والفرص التي تمنحها من حيث التعاون الإقليمي في مجال الغذاء.

3. ازدياد الضغوط على الأمن الغذائي بسبب جائحة كوفيد- 19

sdg-1

تشمل نقاط ضعف البلدان العربية على الصعيد الإقليمي ندرة الموارد الطبيعية، والتحديات الاجتماعية الاقتصادية (النمو السكاني والبطالة والفقر)، والاعتماد على الواردات، والنزاعات.

وتتفاقم هشاشة الأمن الغذائي بسبب الجائحة، وتؤثر على قدرة المنطقة على الاستجابة لصدمات النظم الغذائية.




تشهد المنطقة تساقط أمطار محدود وموسمي للغاية وغير منتظم، يُستخدم في ما يصل إلى 56 في المائة للإنتاج الزراعي.

وقد أدى الاستغلال المفرط للمياه الجوفية لأغراض الري إلى استنفاد منسوب المياه الجوفية.






sdg-1
sdg-1

من المتوقع أن يستمر الطلب على الغذاء في التزايد في السنوات القادمة مع زيادة إجمالي عدد السكان بنسبة 53 في المائة، ووصول نسبة التحضر إلى 70 في المائة

بحلول عام 2050 (سيعيش 670 مليون شخص في المنطقة العربية بحلول عام 2050). تستورد البلدان العربية بالفعل 50 في المائة من السعرات الحرارية المستهلكة، ومن المتوقع أن يزداد الاعتماد على الواردات الغذائية. في المتوسط، تستورد المنطقة 63 في المائة من القمح، وهو أكثر الأغذية الأساسية التي يستهلكها السكان في المنطقة. ويستورد بعض البلدان أكثر من 90 في المائة من مواده الغذائية الإجمالية.



تؤثر النزاعات التي طال أمدها في خمسة بلدان على تجارة الأغذية

من خلال أمور تشتمل على انخفاض الواردات والصادرات الغذائية و/أو تعطل سلاسل الإمداد. وقد أدت لنزاعات إلى مستويات أعلى من النقص التغذوي، تسبب بدوره في زيادات كبيرة في معدلات التقزم والهزال عند الأطفال، وفقر الدم عند النساء. إلى ذلك، أضافت تدابير الاحتواء المتخذة لمكافحة فيروس كورونا ضغوطاً على سُبل عيش اللاجئين والنازحين داخلياً، وقيوداً على المساعدات الإنسانية.



sdg-1

توصيات عملية

من أجل إعادة البناء بشكل أفضل بعد جائحة كوفيد-19، سيتعين على المنطقة أن تركز على الاستخدام المستدام للموارد والمجتمعات الدامجة والاقتصادات المستدامة، بالتوازي مع بذل الجهود المتفانية لبناء السلام وتخفيف معاناة اللاجئين والنازحين داخلياً. ويتعين على السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تراعي منظور الجنسين أن تضع الحياة الاقتصادية للمرأة بصفة خاصة في صميم خطط الاستجابة للجائحة وخطط التعافي. ويمكن للمنطقة أن تستفيد من الاستراتيجيات والسياسات الناجحة القائمة لاعتماد التكنولوجيا وتعزيز التعليم وتحسين كفاءة استخدام الموارد (انظر الإطار 14).



● تشجيع استعمال صغار المزارعين للتكنولوجيات الخضراء والرقمية التي تتطلب استثمارات منخفضة ويسهل اعتمادها في المجتمعات الريفية. على المدى القصير، يجب التركيز على زيادة إنتاجية الأراضي والمياه، والاعتماد على التكنولوجيات المتاحة الناجحة بالفعل (الري بالتنقيط، والري تحت سطح الأرض، وتغطية المحاصيل للحد من التبخر والنتح، والمهاد العضوي، واعتماد أفضل ممارسات الري، واستخدام المحاصيل ذات الدورة القصيرة، واستخدام المحاصيل المقاومة للجفاف، وتعزيز الري التكميلي، وتجميع مياه الأمطار، والاستخدام المأمون للمياه المعالجة، وممارسات تعاقب المحاصيل، والاستناد إلى بيانات الطقس، واعتماد ممارسات عدم الحراثة، وما إلى ذلك). وينبغي أن يندرج دعم المؤسسات المحلية في تجربة ونشر الممارسات ضمن الأولويات. كذلك، يشكل بناء رأس المال البشري من خلال الخدمات الإرشادية المصممة خصيصاً لهذا الغرض، والاستفادة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، أمراً أساسياً لتسريع عملية اعتماد هذه الممارسات. ومن شأن السياسات الفعالة لتخصيص المياه أن تهيئ بيئة مواتية لتشجيع المزارعين على زيادة كفاءة استخدام المياه وإنتاجيتها.

● تسهيل الحصول على التمويل، لا سيما عند تجربة التكنولوجيات الجديدة التي تزيد من إنتاجية المياه والأراضي بالتعاون مع المؤسسات البحثية والأكاديمية والقطاع الخاص. وقد تشتمل هذه التكنولوجيات على استخدام الاستشعار عن بعد والذكاء الاصطناعي لتحديد الاحتياجات إلى المياه وظروف رطوبة التربة. ويتعين على الحكومات والمجتمع الدولي تيسير هذه العملية بالتنسيق مع منظمات المجتمع المدني المؤتمنة على دعم الاعتماد والنشر.

● دعم الاستثمار في سعيه إلى الحد من خسائر الأغذية وهدرها، والصناعة التحويلية للأغذية. فكلما ازداد استثمار الحكومات في الحد من خسائر الأغذية وهدرها، قلّت الضغوط المفروضة على الموارد الطبيعية في المنطقة.

● إقامة الحوارات بين القطاع الخاص والأوساط الأكاديمية ومؤسسات البحوث والمنظمات غير الحكومية والمجتمعات الريفية بشأن السياسات اللازمة لاعتماد تكنولوجيات تجميع مياه الأمطار في الزراعة. ويشمل ذلك تيسير التمويل والدعم للمنظمات غير الحكومية المحلية بهدف إجراء التدريب التقني وبناء القدرات على الصعيد المجتمعي.

● • تشجيع الاستثمار الوطني والدولي في برامج توظيف الشباب في أقل البلدان نمواً والبلدان التي تشهد نزاعات والبلدان التي تستقبل اللاجئين، مع التركيز بشكل تكميلي على تحسين الأصول الإنتاجية (الطرق الزراعية، ووحدات ما بعد الحصاد، وقنوات الري، وما إلى ذلك).

● إشراك القطاع الخاص في الاستثمار في التكنولوجيات الخضراء للمزارعين والتعاونيات، ودعم سبل العيش في المناطق الريفية في مجال التصنيع الغذائي من خلال استخدام تكنولوجيات مبتكرة ومناسبة لن تتعطل على الأرجح في أوقات الأزمات.

● دعوة المنظمات غير الحكومية وبنوك الطعام إلى تنفيذ برامج توعية للحد من هدر الأغذية ومخاطر تخزين المستهلكين للأغذية وإفراطهم في شرائها، لا سيما في أوقات الأزمات.

● تنويع مصادر الأغذية المستوردة للحد من التعرض للمخاطر، باستخدام عمليات مناقصة عامة شفافة؛

● تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتحديث البنية التحتية للمواصلات وتيسير دخول الواردات الغذائية.

● تعزيز التعاون الإقليمي لتعزيز التجارة البينية في السلع الغذائية.

● استعراض سبل المعونة الغذائية التي يعتمدها المجتمع الإنمائي لمعالجة الديناميكيات اللوجستية المتغيرة، وتحديد ممرات آمنة لتقديم المعونة الغذائية وحماية سُبل العيش.

●ضمان الوصول الآمن إلى نقاط جمع المياه المتاحة للعموم في الأوقات التي تُفرض فيها قيود على التنقل، وذلك في المناطق التي لا تكون فيها المياه متوفرة في أماكن تواجد اللاجئين والنازحين داخلياً والأشخاص في المجتمعات المضيفة.

● تزويد اللاجئين في المخيمات بأصول عينية لتربية الحيوانات الصغيرة وإنتاج محاصيل موسمية ذات دورة قصيرة (تصل مدتها إلى 50 يوماً) من خلال توفير البذور والسماد العضوي، كي يصير الحصول على الغذاء متاحاً في حالة تعطل تقديم المعونات.

● الالتزام بوقف النزاعات الاجتماعية السياسية والنزاعات المسلحة لإنهاء معاناة المدنيين، بالتوازي مع تسهيل توزيع المساعدات الإنسانية من خلال رفع جميع الحواجز أمام الواردات، وتشغيل سلاسل الإمداد، وتيسير حركة الأشخاص والبضائع، بما في ذلك العاملون في المجال الإنساني ومعداتهم.

● إعادة تأهيل البنية التحتية المدنية وتصليحها، لا سيما في نقاط الدخول وشبكات الطرق، لتيسير النقل السريع والآمن للإمدادات الغذائية والطبية وغيرها من المساعدات لتسهيل توزيع الأغذية.

● تفعيل جامعة الدول العربية للصندوق العربي للأمن الغذائي، بدعم من مختلف صناديق التنمية العربية والعالمية لتقديم الإغاثة خلال حالات نقص الغذاء أو حالات الطوارئ مثل جائحة كوفيد-19، وضمان استجابة إقليمية سريعة.

● إنشاء صندوق تضامن اجتماعي إقليمي و/أو وطني يدعم المجتمعات المحلية الضعيفة لضمان الاستجابة السريعة، وتقديم الإغاثة أثناء حالات نقص الغذاء أو الطوارئ الصحية.

4. آثار جائحة كوفيد- 19 والسيناريوهات البديلة للأمن الغذائي

sdg-1

قبل جائحة كوفيد-91، كانت معظم بلدان المنطقة، باستثناء السودان، تسلك الطريق السديد لتسجيل معدل نمو اقتصادي إيجابي وإن كان بطيئاً للفترة 2021-2020، بمعدل نمو قدره 2.6 في المائة أو أقل في معظم البلدان.

وظلت معدلات التضخم في هذه البلدان أدنى من 3 في المائة. أما التحديات الاقتصادية فاشتملت على تقلبات أسعار العملات.




باستثناء مصر، من المتوقع أن تمر جميع الاقتصادات في المنطقة بفترة ركود في عام 2020 بسبب جائحة كوفيد-91،

على أن تستأنف النمو في عام 2021.






sdg-1
sdg-1

تشير إسقاطات النمو على المدى المتوسط إلى أن الأزمة الحالية سوف تبطئ التنمية الاقتصادية في جميع أنحاء المنطقة

حتى عام 2030 مقارنة بتوقعات ما قبل جائحة كوفيد-91.






من المتوقع أن يبلغ النمو في مجموع استهلاك الأغذية 2 في المائة بالنسبة إلى الأغذية الأساسية خلال العقد القادم، يدفعه بشكل أساسي النمو السكاني وليس ارتفاع نصيب الفرد من الدخل.

وسوف يسجل إجمالي استهلاك الأغذية للفرد الواحد زيادة طفيفة، ومن المتوقع أن يكون أدنى بقليل من إسقاطات ما قبل الجائحة بحلول عام 2030.




sdg-1
sdg-1

تواجه البلدان التي تشهد أزمة اقتصادية أو اضطرابات اجتماعية سياسية، اضطرابات أشد في الأمن الغذائي

في ظل جائحة كوفيد-91، نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية المحلية وتباطؤ فترة التعافي مقارنة بالبلدان الأكثر استقراراً.






ينطوي استمرار الاعتماد على الحبوب المستوردة في الجزء الأكبر من الطاقة التغذوية على مخاطر شاملة على نظم الإمداد الغذائي المحلية،

تعرّض البلدان لصدمات الإمداد الغذائي الناجمة عن النقص المحتمل في الإنتاج لدى المصدّرين الرئيسيين أو عن القيود التجارية الأخرى التي تؤدي إلى ارتفاعات مفاجئة في أسعار الأغذية على الصعيد العالمي.




sdg-1
sdg-1

أنفق المستهلكون في المنطقة بمعدل 90 دولاراً تقريباً للفرد الواحد سنوياً على السلع الزراعية المستوردة في الفترة 2019-2017،

ومن المتوقع أن يرتفع هذا الإنفاق إلى 95 دولاراً للفرد الواحد سنوياً بحلول عام 2030. كذلك، من المتوقع أن تصل فاتورة التجارة الصافية في المنطقة إلى عجز قدره 46 مليار دولار بحلول عام 2030، بعد أن كانت 36 مليار دولار في الفترة 2019-2017 (بالأسعار الثابتة للفترة 2006-2004).



تشير محاكاة سيناريو القيود على التجارة العالمية إلى زيادة العجز الإقليمي في تجارة الأغذية الأساسية بمقدار 30 مليار دولار أخرى، ليصل إلى 76 مليار دولار بحلول عام 2030.

في المقابل، أظهرت محاكاة التخفيف المحتمل للآثار من خلال تحسين إنتاجية الحبوب في عدد من البلدان انخفاضاً في العجز التجاري الإقليمي بمقدار 20 مليار دولار في عام 2030. وينبغي مقارنة إمكانيات التوفير المحتملة هذه بالاستثمارات الضرورية وكذلك بالفوائد المتوقعة من تحسن الربحية في القطاع الزراعي المحلي.

sdg-1
sdg-1

يتبين أن البلدان التي لا تشهد نزاعات وتضم قطاعاً زراعياً كبيراً وتتمتع بقدرات على الاستيراد أقل تأثراً بالصدمات المحتملة في التجارة والأسعار والإنتاجية،

وهذا ما قد يساعد على تأمين الإمدادات الغذائية الوطنية في الأوقات الصعبة وعلى توفير سند للأمن الغذائي في جميع أنحاء المنطقة.





لقد أثّرت الأزمة الثلاثية المتمثلة في الركود الاقتصادي وانخفاض قيمة العملة وجائحة كوفيد-91 تأثيراً شديداً على لبنان الذي شهد تزايداً في مستويات الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

أما في اليمن وهو بلد من أقل البلدان نمواً يشهد نزاعاً مسلحاً وانخفاضاً في قيمة العملة، من بين أزمات أخرى تشمل الآن انتشار فيروس كورونا، فيعاني 80 في المائة من السكان من حالة أمن غذائي هشة ويعتمدون على المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم اليومية.



sdg-1

توصيات متعلقة بالإجراءات

حتى قبل جائحة كوفيد-19، كان الأمن الغذائي في المنطقة العربية معرضاً للخطر. فكشفت هذه الجائحة أكثر عن مواطن الضعف وتحديات الأمن الغذائي على الصعيد الإقليمي. وقد حللت الإسقاطات المذكورة أعلاه أثر جائحة كوفيد-19 على العرض والطلب على الغذاء بحلول عام 2030، إلى جانب سيناريوين محتملين بشأن ارتفاع الأسعار وتحسين الإنتاجية. بالإضافة إلى ذلك، نوقشت دراستا حالة عن لبنان واليمن. أما الهدف من ذلك فهو مساعدة البلدان الأعضاء على النظر في إجراءات الأمن الغذائي ذات الأولوية لتعزيز القدرة على الصمود في السنوات المقبلة. في ما يلي إجراءات رئيسية إضافية يتعين النظر فيها.

● دعم التنمية الاقتصادية باعتبارها عنصراً أساسياً في تعزيز الحصول على الغذاء، الذي يوفر سُبلاً لتعزيز الأمن الغذائي أكثر من التركيز على توفر الغذاء وحده. ويمكن أن يخفف استقرار الاقتصاد الكلي، مثل إجراءات المالية العامة السليمة، من حدة التضخم بحيث لا تؤدي التقلبات المؤقتة في أسعار الأغذية إلى زيادة في الإنفاق الاستهلاكي، لا سيما بالنسبة إلى الفقراء والفئات الأكثر ضعفاً.

● تعزيز بيئة اجتماعية سياسية واقتصادية مستقرة على الصعيدًين الإقليمي والعالمي، يمكن أن تساعد في تجنب القيود التجارية بغض النظر عن أسبابها، بما في ذلك القيود الناتجة عن جائحة مثل كوفيد-19. ويتطلب ذلك ضمان قدرة سلاسل الإمداد الإقليمية والعالمية على الصمود، وكفاية المخزونات العالمية لفترة محددة للتغلب على القيود التجارية أو الارتفاع المفاجئ في الأسعار، ومناسبتها للجميع، لا سيما البلدان الضعيفة والمعتمدة على الواردات الغذائية. ● دعم تنمية التجارة البينية، لأن ذلك يمكن أن يتيح فرصاً كي تتغلب المنطقة على القيود التجارية المحتملة في أوقات الأزمات، مع توفير استخدام أفضل للموارد الإقليمية، بما في ذلك الموارد الطبيعية والمالية والبشرية. وستنشأ هذه الفرص عن زيادة تبادل السلع والخدمات، وتعزيز حركة اليد العاملة.

● دعم الدخل والتنمية في المناطق الريفية من خلال الاستثمارات الرامية إلى زيادة الإنتاجية حيثما أمكن تحقيقها بشكل مستدام من خلال تعزيز الابتكار الزراعي من بين أمور أخرى، بما في ذلك تحسين التكنولوجيات لاستخدام المياه بكفاءة أكبر، ومعالجة مياه الصرف الصحي، وتكنولوجيا البذور، والزراعة الحضرية وشبه الحضرية.

● دمج التجارة كجزء من استراتيجيات الأمن الغذائي وكوسيلة للنمو الاقتصادي، فأزمة كوفيد-19 تتيح فرصة للنهوض بتحديث الزراعة وتحويلها وتحسين الإنتاجية وتعزيز القدرة على الصمود، مع مراعاة القيود البيئية والاستدامة.



● القيام باستثمارات مشتركة وشراكات في البلدان التي تتمتع بإمكانات إنتاج عالية نسبياً. فعلى الرغم من الزيادات المحتملة في الإنتاج المحلي، لا يمكن لأي بلد أن يحقق بمفرده الاكتفاء الذاتي من الغذاء ويقلل من الاعتماد على الواردات الغذائية. والفرصة متاحة أمام البلدان لتتعاون بطرق تكمل مزاياها الاقتصادية والتنافسية بشكل متبادل من خلال تعزيز الروابط الإقليمية. وتتيح الاضطرابات في سلاسل الإمداد العالمية فرصة لتعزيز الأمن الغذائي على الصعيد الإقليمي من خلال سياسات شاملة مثل سياسات الاتحاد الأوروبي (السياسات الزراعية المشتركة) والاتحاد الأفريقي (برنامج التنمية الزراعية الشاملة لأفريقيا). ويمكن أن تهدف هذه السياسات إلى تعزيز الإنتاج حيثما أمكن مع السماح بتجارة زراعية إقليمية أكبر حجماً وأكثر حرية.

● دعم الآلية الإقليمية المشتركة لتنسيق المياه والزراعة، التي تنسقها جامعة الدول العربية، من أجل طرح سياسات إقليمية منسقة لهذين القطاعين الرئيسيين.

● استكشاف خيارات السياسات العامة للتخفيف من الآثار السلبية المحتملة لإدماج الزراعة في اتفاقات التجارة التفضيلية، وزيادة الفوائد لجهة الأمن الغذائي والعمالة والصادرات.

5.الخطوات المقبلة: تعزيز قدرة الأمن الغذائي على الصمود في أعقاب صدمات جائحة كوفيد- 19

تواجه البلدان العربية تحديات بسبب هشاشة الأمن الغذائي الذي من المتوقع أن يزداد تدهوراً في المستقبل القريب نتيجة الآثار السلبية المترتبة عن جائحة كوفيد-19. استجابة لذلك، جددت الحكومات العربية تركيزها على توفر الغذاء والحصول عليه، مع الاعتراف بالترابط الوثيق بين الغذاء والصحة. فالجائحة تتيح فرصة لإعادة تصور الأمن الغذائي في المنطقة العربية و"إعادة بنائه على نحو أفضل".

ينطوي الأمن الغذائي على نظام إيكولوجي معقد ومتكامل يمتد من المزرعة إلى الاستهلاك، ومن المستوى الفردي إلى المستوى الوطني إلى المستوى العالمي. ووضع السياسات المتصلة بالأمن الغذائي معقد بطبيعته ومتعدد الأبعاد ومنتشر عبر العوامل الاجتماعية الاقتصادية والموارد الطبيعية. فهو يشمل مجموعة متنوعة من أصحاب المصلحة الذين يتفاعلون بعضهم مع بعضهم الآخر، بما في ذلك مختلف المؤسسات العامة، والمزارعون، والأسر المعيشية، والمجتمعات المحلية، والأعمال التجارية، والأوساط الأكاديمية ومراكز البحوث، ومؤسسات المجتمع المدني. وتتطلب معالجة الأمن الغذائي في المنطقة رؤية وآليات حوكمة تعزز دينامية النظم الغذائية للجميع ومتانتها وسير عملها.

إن بناء القدرة على مواجهة انعدام الأمن الغذائي المتزايد من أجل السماح للبلدان والمجتمعات المحلية بالصمود والتعافي من الصدمات التي تؤثر على هذا الأمن الغذائي، إن كانت طبيعية (الفيضانات، فترات الجفاف، تغيّر المناخ)، أو من صنع الإنسان (النزاعات، الاضطرابات الاجتماعية، القيود التجارية)، أو قائمة على السوق (تقلبات الأسواق، الارتفاع الحاد في الأسعار) أو متعلقة بالصحة (جائحة كوفيد-19) يجب أن تصبح هدفاً ملحّاً أساسياً في السياسات العامة للبلدان ما يخوّلها أن تفي بالتزاماتها بأهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030. وينطوي بناء القدرة على الصمود على الاستعداد لمواجهة الصدمات القصيرة والمتوسطة والطويلة الأجل، والحماية منها، وتعزيز الاستجابة لها، والتعافي منها. ويتعين على البلدان وجميع الجهات الفاعلة من المستوى الإقليمي إلى المستوى دون الإقليمي والوطني والمجتمعي أن تتبنى مبدأ التركيز على القدرة على الصمود. فتكون البداية بمعالجة مواطن الضعف الإقليمية من خلال برامج تقييم ووقاية دقيقة تهدف إلى تحديد العلامات المبكرة للصدمات والعمل بسرعة على تقليل آثارها على الأمن الغذائي.

وتحتاج المنطقة إلى تعزيز الآليات القائمة، وتطوير مؤسسات وبرامج فعالة تتسم بالمرونة الكافية للاستجابة للصدمات المفاجئة في مجال الأمن الغذائي. وسيستلزم بناء القدرة على الصمود اتخاذ تدابير من أجل:

● الحرص على أن سلسلة الإمدادات الغذائية تعمل على النحو المنشود، وأن البنية التحتية اللازمة والحوافز المناسبة موجودة. فالغذاء يجب أن يكون متوفراً في جميع الأوقات وأن يصل إلى جميع أنحاء أي بلد كان. وينبغي اتخاذ خطوات للحد من خسائر الأغذية وهدرها.

● الحرص على أن خطط معالجة انعدام الأمن الغذائي قائمة وقادرة على الاستجابة لنقص الغذاء وعلى تقديم المساعدة الغذائية في حال كانت شبكات الأمان الاجتماعي محدودة.

● تعزيز النظم الغذائية الصحية وتنفيذ برامج حماية اجتماعية أكثر متانة لضمان حصول الفئات الضعيفة على الغذاء الآمن والكافي والمغذي لمعالجة مشكلتَي نقص التغذية والإفراط في التغذية.

● ضمان الرصد المستمر لحالة الأمن الغذائي من خلال جمع البيانات والمعلومات وتقييمها ونشرها، وقد يتضمن هذا وضع برامج فعالة للإنذار المبكر واستخدام تكنولوجيات مبتكرة على النحو المناسب.

● الاستفادة من الموارد المتاحة على المستويين القُطري والمجتمعي لمعالجة المشاكل عند نشوئها وتوزيع الموارد المحدودة وإعادة تخصيصها.

● تعزيز التعاون بين أصحاب المصلحة المتعددين عبر مجموعات من الجهات الفاعلة والقطاعات لتحقيق آثار أكبر على الأمن الغذائي والتغذية.

بالإضافة إلى هذه التدابير، ترد أدناه تفاصيل عن استراتيجيات محددة لمعالجة تداعيات جائحة كوفيد-19 على المدى القصير والمتوسط والطويل.

فعلى المديَين القصير والمتوسط، يُنتظر من الحكومات أن تعطي الأولوية لمعالجة صعوبات الاقتصاد الكلي مثل انخفاض قيمة العملة، والفقر والبطالة، وعدم كفاية شبكات الأمان الاجتماعي للفقراء، والإعانات الغذائية. وقد ينطوي ذلك على تعاون أكبر مع المجتمع الدولي إلى جانب تعاون إقليمي أوثق للتخفيف من آثار الجائحة. ونظراً إلى عدم اليقين الكبير السائد بشأن المدة التي ستستمر فيها الجائحة، يبقى تعزيز الإنتاج الزراعي المحلي عنصراً هاماً في استراتيجية الأمن الغذائي، حيث تتوفر الموارد الطبيعية والبنية التحتية، كما هو الحال في الجزائر ومصر والمغرب ولبنان والسودان وتونس. في الوقت نفسه، يمكن تخفيف القيود المفروضة على الموارد الطبيعية إذا تمكنت البلدان من الاستثمار بكثافة في الابتكارات التكنولوجية مثل الزراعة المائية aquaponics والزراعة الرأسية وتكنولوجيات كفاءة استخدام المياه والزراعة الحضرية وشبه الحضرية، والنظم الزراعية العاملة بالاستشعار عن بعد والحديثة المتكاملة، وغيرها الكثير. ويمكن للمنطقة أن تستقي الدروس من الرابط بين المياه والطاقة والغذاء لتحقيق أقصى قدر من الكفاءة في استخدام الموارد. وفي حين أن الإنتاج الزراعي يساعد على تعزيز الأمن الغذائي، يستطيع دعم القطاع الزراعي أن يطور أيضاً المناطق الريفية، ويحمي الموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي للأجيال المقبلة.

ونظراً إلى القيود المرتبطة بالموارد الطبيعية، تحديداً في ما يتعلق بالمياه والأراضي الصالحة للزراعة، يجب إعادة تقييم الإنتاج الزراعي المحلي باستمرار على المديَين المتوسط والطويل لتجنب المزيد من استنفاد الموارد، مثلاً من خلال زيادة التركيز على تجارة المياه الافتراضية. وستستمر التجارة في الاضطلاع بدور هام في تعزيز توفر الغذاء والحصول عليه، وعلى هذا الأساس، قد تنظر البلدان في تيسير الممارسات الرامية إلى الحد من الاختناقات الإجرائية والإدارية، وتقوية التجارة داخل المنطقة لتعزيز القدرة على مواجهة الصدمات العالمية.

أما على المديَين المتوسط والطويل فيتعين على القطاع الخاص أن يركز على التصنيع الغذائي للمساعدة في تطوير صناعة أغذية إقليمية مربحة ومستدامة وشاملة للجميع. فمن شأن ذلك أن يتيح فرصة لإشراك رأس المال البشري المتاح، بما أن الشباب والمتعلمين يشكلون أحد أهم الأصول الواعدة في المنطقة. وستستفيد المنطقة على المديين المتوسط والبعيد من المزيد من تحرير التجارة، مع العلم أن نظام رصد لتتبع أسعار الأغذية وإنتاجها وإمكانات التصدير والوصول إلى الأسواق، يمكنه أن يزيد من تعزيز الأمن الغذائي.

المرفقات والمراجع

Share On Whatsapp