بدا الأداء التنموي في المنطقة العربية جيد ًا خلال
العقود الأربعة السابقة لعام 2010، مع ارتفاع م ّطرد
في متوسط العمر المتوقع ومتوسط سنوات التعليم،
وبخاصة بين الشباب والنساء1. ومع ذلك، ظلت
مستوياتالعمالةمتخّلفة.وفيالعقودالثلاثة
الماضية، زادت نسبة السكان في سن العمل في
المنطقة العربية بنسبة 17 في المائة، في حين زادت
نسبة العمالة إلى السكان بنسبة تقل عن 1 في المائة،
مسجلة أدنى مستوى لاستحداث فرص العمل بين
المناطق في الفترة نفسها. وفي الوقت نفسه، فإن
معظم فرص العمل استحدثت في القطاع الخاص
غير النظامي وفي القطاع العام. لذا، تتطلب الفجوة
بين السكان الذين هم في سن العمل والوظائف
المستحدثة إعادة النظر في نموذج التنمية الذي
ساد في المنطقة منذ تسعينات القرن الماضي. وقد
تضمنت التحاليل الإقليمية، لا سيما تقرير التنمية
الإنسانية العربية الأول لعام 22002 وتقرير التنمية
الإنسان ّية العربية لعام 32009 أربع وقائع شاملة ً
تشكل أساسا للسؤال الرئيس الذي يعالجه هذا التقرير، وهي لماذا لا يخلق القطاع الخاص النظامي في المنطقة العربية فرص عمل لائقة وشاملة بما فيه الكفاية. أما الوقائع فهي على الشكل التالي:
• رواية الاقتصاد السياسي السائدة التي تزعم أن الدول العربية صرفت بانتظام الإعانات والمساعدات الريعية على المنتخبين مقابل القليل من المساءلة في السياسة العامة أو حتى في غياب تام للمساءلة:
كثير من الأحيان، بتشكيل اقتصادات ريعية وذات إنتاجية منخفضة مع عجز كبير في مشاركة الشباب والمساواة بين الجنسين، وقطاع غير نظامي واسع،ترتبط هذه الصفقة الاستبدادية، كما يشار إليها في كثير من الأحيان، بتشكيل اقتصادات ريعية وذات إنتاجية منخفضة مع عجز كبير في مشاركة الشباب والمساواة بين الجنسين، وقطاع غير نظامي واسع، ودورمحدودللقطاع الخاص النظامي،لاسيمافي مجال استحداث فرص العمل4.
• تقدم كبير في مجال التنمية البشرية على مستوى
المؤشرات الرئيسة للصحة والتعليم، مما جعل
ًً
المنطقة تتمتع بقوى عاملة أكثر تعليما وشبابا: ومع
ذلك، وعلى الرغم من معدلات نمو الناتج المحلي
الإجمالي المرتفعة نسبيًا من عام 1990 إلى عام
2010، لم ُتتح فرص العمالة المنتجة اللائقة الكلية.
ً
فقد جرى استحداث فرص العمل أساسا في الإنتاج
غير النظامي المنخفض القيمة المضافة كما في القطاع العام، مما زاد أيضًا من الاستقطاب السياسي. ونتيجة لذلك، ركدت إنتاجية العمل الكلية والأجور الحقيقية وانخفضت على مستوى قيمتها الحقيقية. وقد أدى ذلك إلى حرمان قطاعات واسعة من الشباب العربي، ولا سيما أولئك الذين لديهم مؤهلات تعليمية عليا. وكما هو متوقع، انجرت أقلية إلى التطرف والنزاعات.
• انخفاض معّدل شمول النساء:كماأبرزت منظمة العمل الدولية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في عام 2012، فإن الفرق الرئيس بين ملامح العمل في المنطقة وغيرها هو نسبة المشاركة الشديدة الانخفاض للمرأة، الذي، كما يقول التقرير، هو عدم كفاية الوظائف التي تنتجهاالاقتصادات العربية،والقيودالبنيوّية وديناميات الجنسين التي تميزضدالمرأة.ويشير
التقرير،الذي تعّمق في الأسباب الجذريةلهذاالعجز، إلى حالات العجز في النمو الشامل والتحول البنيوي المرتبط بممارسات الحوكمة والعقود الاجتماعية وسياسات الاقتصاد الكلي التي أدت إلى نتائج ضعيفة في مجال الشمول.
• النقاش الإقليمي حول حجم القطاع العام في مجال
العمالة الذي قد يغلب العمالة النظامية في القطاع
الخاص: مع الاعتراف بعدم وجود طريقة سهلة
لتحديد الحجم الأمثل للقطاع العام، فإن التحدي الذي
ًًً
يواجه البلدان العربية ليس قطاعا عاما منتفخا (على
الرغم من أن الوضع قد يكون كذلك في بعض البلدان)، ولكن بالأحرى فشل سياسات القطاع العام التي تؤدي
ّ إلى تحول وتنويع على المستوى البنيوي الاقتصادي
ً
بشكل أكثر نجاحا. فيضغط هذا الفشل على حكومات
كثيرة، ولا سيما في الاقتصادات الغنية بالنفط، من أجل إيجاد فرص عمل شاملة للجميع في القطاع العام مع فرص عمل محدودة في القطاع الخاص النظامي. وبالتالي يمكن اعتبار قطاع الوظيفة العامة المو ّسع أثرًاجانبيًامعقو ًلاللعقدالاجتماعي،لاسيماكمكافأة للنخبة التي لديها علاقات سياسية ج ّيدة.