مساعد الوصول

حجم أكبر

النص إلى الكلام

  • أولا ، للغة العربية اختر Majed من القائمة المنسدلة ، وثانيا. ما عليك سوى تحديد أي نص على الصفحة ليقرأه جهاز الكمبيوتر لك.

ضوابط النص

خيارات الرؤية

تسليط الضوء على الروابط

ترجم هذه الصفحة

مدقق تباين الألوان

1. أزمة متكاملة المعالم تُشعِل عدم المساواة 1 2. عدم المساواة والأمن الغذائي2 3. الأمن الغذائي وعدم المساواة: تحليل المخاطر والاتجاهات3 4. حلول في السياسات العامة 4 تنزيل
text text text

عدم المساواة في المنطقة العربية:
غياب الأمن الغذائي يشعل الفوارق

تمهيد


انعدام الأمن الغذائي وجهٌ وحشيّ لعدم المساواة: وما إن يلوح خطره حتى يفرّق الأمم ويفتّت المجتمعات. وقصة الجوع قديمة بقدم البشرية، ولكنها اليوم باتت أشدّ تعقيداً، إذ تتشابك مع العولمة، وتغيُّر المناخ، والنمو السكاني، والجغرافيا السياسية.

وفي المنطقة العربية، تتفاقم الضغوط على الأمن الغذائي من جراء الحرب في أوكرانيا، وأزمة المعيشة العالمية، فتدفع هذه الأزمات أسعار المواد الغذائية نحو ارتفاع مطّرد. وفي بعض البلدان، دمّر الصراع قدرة المزارعين على إنتاج الغذاء وأتى على سُبُل عيش السكان بحيث لم يعودوا قادرين على تحمّل كلفة الأطعمة المغذّية. وفي بلدان أخرى، قضت الأزمات الاقتصادية على سُبُل العيش وأوهنت طاقات الحكومات الوطنية على إعالة سكانها.

وتأسر دوامة الفقر والجوع مئات ملايين الأسر في المنطقة العربية، فبات عليها اتخاذ قرارات صعبة بشأن كيفية تقسيم حصص الأغذية، وبشأن الأطعمة التي يمكن أن تقتطعها من وجباتها اليومية. والأشدّ تعرّضاً لخطر الجوع هم في الغالب الذين تجتمع عليهم أوجه متداخلة من عدم المساواة. وإذا ما لاح شبح الجوع في آفاق يغلّفها اليأس، قد يندفع البشر نحو مجازفات ما كانوا ليتّخذونها: قد يلجأون إلى وظائف خطرة، أو قد يبيعون أي أصول لديهم لمجرّد إطعام أسرهم، فتجرّهم دوامة الفقر والجوع أعمق وأعمق.

وخطر هذه الدوامة أشدّ على الأطفال الذين يعيشون تحت ظل الفقر، إذ تهدّدهم بالتأخر عن ركب التنمية. فمن دون الحصول على الطعام المغذّي الكافي، من غير المرجح أن ينمو هؤلاء الأطفال على قدم المساواة مع الأطفال الذين يعيشون في ظروف أفضل، ويتمتعون بتغذية جيدة. والأطفال الذين يعيشون في الفقر هم أشدّ عرضة لاعت ال الصحة، وأقل قدرة على تحمّل تكاليف الرعاية الطبية اللائقة. ولن تتاح لهم فرص التعليم التي تتاح لأقرانهم، ولن يتمكنوا أبداً من اللحاق بهم من حيث النمو النفسي والاجتماعي. وعندما يبلغون سنّ الرشد، ستتقلّص الفرص المتاحة لهم، وسيواجهون، على مدى حياتهم، أوجهاً مركّبة ومتداخلة من الإقصاء وعدم المساواة.

وليس الأمن الغذائي مسألة جوع فحسب، بل هو عامل تحديد للسيادة والاستقرار. فعلى مرّ التاريخ، وفي جميع أنحاء العالم، سار الازدهار يداً بيد مع حُسْن تغذية السكان. وبالمقابل، طالما أشعل فقر السكان وحرمانهم من الحصول على الغذاء الاضطرابات الاجتماعية وانعدام الاستقرار والعنف.

والمنطقة العربية موطنٌ لثروات هائلة، ولديها من الغذاء ما يكفي لإطعام سكانها، ما يطرح التساؤل: لماذا لا يزال انعدام الأمن الغذائي يهدّد المنطقة؟

والجواب هو، ببساطة، عدم المساواة. فالمنطقة العربية تسجّل أوسع فجوة لعدم المساواة في الدخل في العالم، وفيها قدر هائل من عدم المساواة في الحصول على الطعام المغذّي والصحي، وفي القدرة على تحمّل تكاليف هذا الغذاء. ويعاني ثلث سكان المنطقة من الجوع، ويعاني ثلث آخر من السمنة.

ومفتاح الحل هو التضامن وإعادة التوزيع. إلا أنّ نطاق المشكلة أوسع من أن تحلّه دولة واحدة بمفردها، فلا بد من تآزر بين قادة المنطقة لزيادة توفر الغذاء، وضمان الحصول عليه، وتحسين الاستفادة منه، وتحقيق استقراره. وفي بلداننا، علينا أن ندعم قطاع الزراعة والعاملين فيه، وأن نحسّن استخدام التقنيات الرقمية المبتكرة، وأن نعزز التجارة الإقليمية. علينا أن نركّز على إعادة التوزيع من خلال سياسات ضريبية تصاعدية، ونُظُم حماية اجتماعية شاملة للجميع. وعلينا أن نسرّع استجاباتنا لمخاطر تغيُّر المناخ بخفض الانبعاثات التي نسبّبها، والتكيّف مع الممارسات الجديدة، وتحسين إدارة أخطار الكوارث.

علينا أن نتحرّك الآن باعتماد سياسات عملية تقدّم حلولاً لإطعام مجتمعاتنا. وطالما أنّ الموارد كافية للجميع، من غير المقبول أن يعاني أي إنسان من الجوع، ناهيك عن المجاعة. فالأمن الغذائي ليس ترف اختيار، بل ضرورة ملحّة. وعلينا، في سعينا لإطعام سكان منطقتنا كافة، ألا نهمل أحداً.

رولا دشتي
وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة
والأمينة التنفيذية للجنة الاقتصادية والاجتماعية
لغربي آسيا (الإسكوا)

الفريق العامل على التقرير

المؤلفون الرئيسيون

مهريناز العوضي

رئيسة مجموعة العدالة بين الجنسين والسكان والتنمية الشاملة في الإسكوا

ريم النجداوي

رئيسة فريق سياسات الغذاء والبيئة، الإسكوا

جون أوتول

المسؤول الأول عن الشؤون الاقتصادية في الإسكوا

Maria Pilar Ouro Paz

Economic Affairs Officer, Climate Change and Natural Resources Sustainability Cluster, ESCWA


موجز تنفيذي

المنطقة العربية هي من أشد مناطق العالم معاناةً من عدم المساواة، الذي يتخذ فيها أشكالاً متعددة يتجه بعضها نحو التفاقم، داخل البلدان وفي ما بينها، نتيجة لتبعات جائحة كوفيد19-، وارتفاع أسعار الفائدة وتزايد أعباء الدَين على بعض البلدان، وأزمة ارتفاع كلفة المعيشة، علاوة على ارتدادات الحرب في أوكرانيا وما أوقعته من أثر بالغ في أسعار الغذاء والطاقة.

وبالنسبة إلى التفاوت بين بلدان المنطقة، ففي النتائج المباشرة للحرب في أوكرانيا مثال، إذ استفادت البلدان المُنتِجة للنفط من الوضع المستجدّ، وكسبت بلدان مجلس التعاون الخليجي ما يصل إلى 5.8 مليار دولار في عام 2022. وتأتي البلدان العربية المتوسطة الدخل على طرف النقيض، إذ خسرت بقيمة 6.7 مليار دولار بسبب ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة، ما سيثقلها بمزيد من الدين العام، ويحد من الحيز المالي المتاح لها من أجل تقديم الخدمات العامة الأساسية. والإنفاق العام في المنطقة على الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية هو، أصلاً، دون المعايير الدولية. ومن شأن زيادة الضغوط على تقديم الخدمات العامة أن تُفاقِم عدم المساواة، إذ تحدّ من الوصول إلى السلع العامة الأساسية التي تشتدّ حاجة أكثر السكان فقراً وهشاشةً إليها من أجل الحصول على الفرص والحفاظ على حد أدنى من مستوى المعيشة.

أما بالنسبة إلى التفاوت داخل البلدان، فأثرياء المنطقة يزدادون ثراءً ويرتفع عدد أصحاب الثروات التي تُقدَّر بالملايين، أكثر من أي وقت مضى، فقد سجّلت المنطقة 20,000 مليونير جديد في عام 2021. وبالمقابل، خسر ذوو الدخل المنخفض في المنطقة ثلث ثرواتهم في عام 2021، ويعيش اليوم 120 مليوناً من مواطني المنطقة في الفقر. ويشيع في المنطقة العربية عدم المساواة بين الجنسين، إذ يبلغ متوسط مداخيل النساء أقل من ربعه لدى الرجال، ويعود ذلك إلى أعراف المجتمع والتشريعات المُجحفة التي تحدّ من مشاركة المرأة في القوى العاملة، وتعوق نماء مسارها المهني. وحتى أكثر بلدان المنطقة مساواةً بين الجنسين لا تشغل إلا المرتبة 68 على المؤشر العالمي للفجوة بين الجنسين، في حين تُصنَّف ثلاثة بلدان في المنطقة بين العشرة الأدنى على سلّم المؤشر.

ويدرك معظم سكان المنطقة أنهم يعيشون في مجتمعات تتفرّق بين نقيضين. وفي استطلاع للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، أفاد ما يقرب من أربعة أخماس المستجيبين بأنهم يعتقدون أنهم يعيشون في مجتمع غير متكافئ، كما أن نسبة الذين يعتقدون أن عدم المساواة ينحو إلى التزايد تفوق نسبة الذين يرون أنه يتجه إلى الانخفاض.

وأوجه عدم المساواة في الدخل والثروة تَظهر في عدم المساواة في الوصول إلى الغذاء.

ويتبين ذلك بين بلدان المنطقة. فبالمقارنة مع بلدان مجلس التعاون الخليجي، تشهد البلدان العربية الأقل نمواً مستويات أعلى بخمس مرات في انعدام الأمن الغذائي، ومستويات أدنى بكثير في مجال الوصول إلى المياه النظيفة والصرف الصحي، وكلاهما من ضروريات الاستهلاك الغذائي الآمن.

وداخل البلدان، يهدّد انعدام الأمن الغذائي 181 مليون شخص، أي ما يقرب من 35 في المائة من سكان المنطقة، ما يمثل زيادةً بنحو 12 مليوناً عمّا كان عليه عدد هؤلاء الأشخاص قبل عام واحد فقط. ومعظم الذين يواجههم انعدام الأمن الغذائي يعيشون تحت ظل الفقر. وليست الأزمة فقط في عدد الذين يهددهم شبح الجوع، بل أيضاً في قسوته، إذ يواجه 54 مليون شخص في المنطقة مستويات شديدة من انعدام الأمن الغذائي، بزيادة قدرها 5 ملايين عن العام الماضي. وتمثل المجاعة خطراً حقيقياً بالنسبة إلى 460,000 شخص على الأقل في الصومال واليمن. وعلى النقيض من ذلك، وصلت معدلات السّمنة في المنطقة إلى مستويات مرتفعة للغاية، إذ يعاني 29 في المائة من السكان من السّمنة المفرطة، ما يمثّل ضعف المتوسط العالمي.

وإذ يهدد كلٌّ من نقص التغذية والسّمنة صحة السكان وسلامتهم كافة، فإن النساء هن الأرجح لأن يعانين من كل منهما. والنساء في سنّ الإنجاب هن أيضاً أشد عرضة للإصابة بفقر الدم (وتُقدَّر نسبة المصابات به في سنّ الإنجاب بنحو الثلث)، ما يزيد من احتمال ولادة الأطفال قبل الأوان وانخفاض الوزن عند الولادة، ويعزز تناقل عدم المساواة بين الأجيال.

وتتعدّد أوجه انعدام الأمن الغذائي، وتشمل العوامل المُسبِّبة له في المنطقة العربية الفيضانات وموجات الجفاف الناجمة عن تغيُّر المناخ، والأزمات الاقتصادية، والصراعات، والاحتلال، وهي تؤثر في الفقراء أكثر بكثير مما تفعل في الأغنياء. ويُحدِث تداخل هذه الأزمات وقعاً أشدّ بكثير مما ينجم عن كلّ أزمة على حدة.

ويتمثّل تهديد آخر للأمن الغذائي في المنطقة في محدودية ما تنتجه من مواد غذائية، وما تشهده من هدر هائل للمواد الغذائية. فالإنتاج الغذائي في المنطقة العربية يغطّي أقل من نصف استهلاكها، وهي تستورد ما تبقّى من احتياجاتها. ويتوفر في المنطقة من الغذاء ما يكفي لإطعام الجميع، لكنّ الهدر وارتفاع أسعار الواردات يُبقيان الملايين جائعين.

ويبقى مدى الفقر هو العامل المحدِّد للأمن الغذائي من عدمه، ولقدرة الأسرة على تحمّل تكاليف الأغذية المأمونة والمُغذّية. وتُنفق الأسرة العادية في المنطقة العربية على الغذاء ما يوازي ثلث دخلها، إلا أن الأسر الفقيرة تنفق نسباً أعلى بكثير، وتتأثر خياراتها للأغذية بدخلها الشهري.

يحلل هذا التقرير، من منظور عدم المساواة، الركائز الأربع للأمن الغذائي، وهي: التوفر والحصول والاستفادة والاستقرار. ويقدم توصيات في السياسات العامة لمعالجة قضايا الأمن الغذائي من منظورٍ يراعي عدم المساواة.

ويدعو هذا التقرير إلى تضامن إقليمي من أجل إعادة توزيع الموارد، من الحكومات والشركات والأفراد الذين يملكون فائضاً إلى الذين يعانون من الشح. ومن شأن إنشاء صندوق ثروات تضامني، وزيادة استخدام السياسات الضريبية التصاعدية لبناء نُظُم للحماية الاجتماعية الشاملة أن يساعدا على إعادة توزيع الموارد في المنطقة. ويجب ألا تكتفي برامج الحماية الاجتماعية بمعالجة الحرمان المباشر الناجم عن الفقر، بل أن تتيح أيضاً الأصول والفرص والمهارات التي تمهّد الطريق لانتشال المستفيدين من الفقر بشكل دائم. وتساعد زيادة الاستثمار في الصحة والتعليم على تعزيز أثر نُظُم الحماية الاجتماعية. وقد تحدّ استراتيجيات التغذية الوطنية من مشكلتي نقص التغذية والسّمنة، وقد تزيد الوعي العام بشأن الممارسات الصحية لتناول الطعام وممارسة الرياضة.

وأخيراً، يقدم هذا التقرير توصيات لتحسين منعة النُظُم الزراعية ونُظُم الحماية الاجتماعية إلى حد ما، وزيادة قدرتها على استيعاب الصدمات التي تطال أشدّ فئات المجتمع هشاشةً. وتساعد أنظمة الإنذار المبكر ووحدات إدارة الكوارث وتدابير التخفيف من آثار تغيُّر المناخ والتكيف معه على الحماية من الآثار المتنامية لتغيُّر المناخ. وعندما تقع الصدمات، فمن الأهمية بمكان توجيه مساعدات إنسانية فورية ومن دون اعتبارات سياسية من أجل حماية سكان المنطقة.


مقدمة

img


إننا نواجه الجوع على نطاق غير مسبوق، ونشهد أسعاراً للمواد الغذائية تفوق أي وقت مضى، وبات الوضع يهدد أرواح الملايين وسُبُل عيشهم. وتُشعل الحرب في أوكرانيا أزمة ثلاثية الأبعاد: الغذاء والطاقة والتمويل، وهي تهدد أضعف سكان العالم وبلدانه واقتصاداته بآثار مدمرة. يأتي كل هذا في وقت تتصدى فيه البلدان النامية لتحديات متتالية ليست من صنعها: جائحة كوفيد19-، وأزمة المناخ، وعدم كفاية الموارد وسط أوجه مزمنة ومتفاقمة من عدم المساواة.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، التقرير العالمي عن الأزمات الغذائية، 2022

لا يزال عدم اليقين يخيّم على العديد من الآفاق الاقتصادية والاجتماعية في مختلف أنحاء العالم، بما فيها المنطقة العربية. وتهدد الأمنَ الغذائي أزماتٌ متعددة ومتداخلة، من تفاقم عدم المساواة في الوصول إلى الموارد والفرص؛ وتزايد التضخم؛ وارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود؛ والتحديات التي تواجه سلاسل التوريد العالمية؛ وأثر تغيّر المناخ؛ والافتقار إلى شبكات إمداد محلية وإقليمية قوية ومحصّنة إزاء الصدمات. وقد أفضى تضافر هذه العوامل إلى أسوأ ظروف شهدتها بلدان العالم في الآونة الأخيرة، وهي عوامل قد تهدد استقرار الدول وازدهارها في جميع أنحاء العالم.

وتتفاقم هذه الظروف بفعل الحرب في أوكرانيا، واضطراب سلاسل الإمداد، واستمرار التداعيات الاقتصادية لجائحة كوفيد19-، وارتفاع الديون وأسعار الفائدة، مما دفع التضخم نحو مستويات غير مسبوقة، ولا سيما في أسعار المواد الغذائية والوقود، وأشعل أزمةً عالمية قد تهوي بالملايين إلى ربقة الفقر المدقع، وتنشر الجوع وسوء التغذية، وتأتي على مكاسب إنمائية لم تتحقق إلا بشق الأنفس.

ولهذه الأزمات، بما هي عليه من تعقيد وجسامة، آثارٌ جلية في المنطقة العربية، وهي تكوّن أوجهاً جديدة من عدم المساواة، كما تفاقم أوجهاً أخرى كانت قائمة، لا سيما وأن المنطقة لم تحقق المنعة الكافية لامتصاص الصدمات، وتعاني من تفاوتات متجذّرة تاريخياً.

يتّبع هذا التقرير عن عدم المساواة في المنطقة العربية النهج نفسه المتّبع في التقرير الأول، الذي صدر تحت عنوان "عدم المساواة في المنطقة العربية: قنبلة موقوتة (2022)" والذي ركّز على تحدي بطالة الشباب والشابات في المنطقة. ويستوحي هذا التقرير أيضاً من مبادرة مجموعة باثفايندرز من أجل مجتمعات سلمية وعادلة وشاملة، التي تسعى إلى إيجاد حلول عملية وقابلة للتطبيق سياسياً لتحقيق الهدف العاشر من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بالحد من عدم المساواة، ويعرض أحدث النتائج حول عدم المساواة في المنطقة العربية من أجل الاسترشاد بها في تصميم السياسات العامة. وموضع التركيز في هذا التقرير هو تزامن أزمات كلفة المعيشة، وانعدام الأمن الغذائي، وفقر الطاقة لتشكّل أزمة متكاملة المعالم تضرب المنطقة العربية بمزيد من عدم المساواة. ويتناول التقرير أيضاً التحديات التي تواجه الأمن الغذائي في المنطقة، بعد أخذ آخر التطورات العالمية والإقليمية في الاعتبار، ويقدم مجموعة من التدابير العملية من أجل تحقيق إنصاف أكبر في توزيع الفرص بحيث تصل إلى السكان الأكثر هشاشةً فتتقلص أوجه عدم المساواة في الأمن الغذائي.

وللتقرير ثلاثة أغراض رئيسية. الأول هو استعراض أحدث النتائج عن الأشكال المتعددة الأبعاد لعدم المساواة التي جرى تحديدها في الإصدار الأول من التقرير، وهي: تركيز الثروة وعدم المساواة؛ وفقر الدخل؛ وعدم المساواة من حيث الدخل؛ وعدم المساواة بين الجنسين. والغرض الثاني هو الإضاءة على مسألة الأمن الغذائي باعتبارها شكلاً لا يُستهان به من أشكال عدم المساواة، فيشدد التقرير على أن تهديد الأمن الغذائي هو تهديد لأمن المنطقة. والغرض الثالث هو التطرّق إلى بدائل للسياسات العامة تمكّن من تحقيق انخفاض ملحوظ في عدم المساواة، ولا سيما معالجة التحدي البارز في هذا السياق، أي الأمن الغذائي في المنطقة.

ويستند التقرير إلى مراجعة مكتبية، بالإضافة إلى استطلاع عام عبر الإنترنت حول الأمن الغذائي في المنطقة العربية تم نشره على منصات التواصل الاجتماعي لالتماس تصوّرات السكان بشأن الأمن الغذائي في عام 2022. وكان الغرض من الاستطلاع فهم تصوّرات سكان المنطقة العربية ومخاوفهم بصورة عامة، وبشأن الأمن الغذائي بصورة خاصة. ولم يستند الاستطلاع إلى عينات تمثيلية بل إلى ردود عشوائية من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، ولذا تُعدّ النتائج إرشادية ولا يمكن تعميمها. وقد أُجريَت مقابلات شخصية مع صانعي السياسات من المنطقة العربية لاستكمال نتائج الاستطلاع عبر الإنترنت. وأُجريَت دراسات حالة لأربعة بلدان (العراق ودولة فلسطين ومصر وموريتانيا) باستخدام المسوح الصحية والديمغرافية، فضلاً عن مسوح إنفاق الأسر المعيشية واستهلاكها لتحليل أوجه عدم المساواة في أنماط استهلاك الأغذية.

1. أزمة متكاملة المعالم تُشعِل عدم المساواة

الرسائل الرئيسية


img

فاقمت جائحة كوفيد-19 أوضاعاً هي في الأصل صعبة في المنطقة العربية، ثم أتت الحرب في أوكرانيا لتزيد الأزمة سوءاً.

img

يعيش حوالي 120 مليون شخص في ظل الفقر في المنطقة العربية.

img

باستثناء مجموعة بلدان مجلس التعاون الخليجي، يتّجه عدم المساواة من حيث الثروة إلى الارتفاع. وقد ارتفعت حصة ال 1 في المائة الأعلى على سلّم الدخل من مجموع الثروة، في حين انخفضت حصة ال 50 في المائة الأدنى على سلّم الدخل.

img

سُجّل 20,000 مليونير جديد في المنطقة العربية خلال عام 2021. ويزيد فيها متوسط دخل أغنى 1 في المائة بحوالي 128 مرة على متوسط دخل أفقر 50 في المائة.

img

تتصدر الإمارات العربية المتحدة ترتيب بلدان المنطقة من حيث تقليص الفجوة بين الجنسين، إلا أنّ مرتبتها العالمية هي 68.

img

في المنطقة العربية، يقلّ متوسط دخل النساء عن ربع (23.9 في المائة) متوسط دخل الرجال.

img

في البلدان العربية، الإنفاق العام على الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية أقل من المعايير الدولية، ما يعسّر الوصول إلى الخدمات العامة على السكان الذين يعيشون في فقر وأشدّهم هشاشة.

img

يؤدي ارتفاع الديون وتزايد أسعار الفائدة وبطء النمو إلى إثقال أجيال المستقبل بأعباء الدين، وزيادة عدم المساواة في الوصول إلى الخدمات العامة والفرص الاقتصادية.

img

تغيب عن بلدان المنطقة العربية المساواة في توزيع المكاسب والخسائر التي توجدها الحرب في أوكرانيا: فبلدان مجلس التعاون الخليجي كسبت 5.8 مليار دولار، وخسرت البلدان المتوسطة الدخل 6.7 مليار دولار.

img


علينا ألا نتعلّل بالأوهام: نحن مقبلون على مسارٍ عاصف، ويخيّم على العالم شتاء من القلق: من أزمة غلاء مستعر في المعيشة، وانهيار في الثقة، وتفجّر في أوجه عدم المساواة. كوكبنا يحترق، وسكانه يتألمون، وأشدّهم ضعفاً هم أشدّهم معاناة.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، 2022

ألف. تطورات عالمية وإقليمية

في المنطقة العربية أوجهٌ هيكلية من عدم المساواة تضرب بجذورها في التاريخ، وتجتمع فيعزز بعضُها بعضاً، ويفاقم أحدُها الآخر. فعلى سبيل المثال، سجّلت المنطقة أعلى معدلات بطالة الشباب في العالم على مدى ربع القرن الماضي، ويبلغ المعدل اليوم 23 في المائة. وما فتئ عدم المساواة بين الجنسين على مستويات أعلى من المتوسط العالمي. وتلوح في الأفق أزمة من تغيُّر المناخ، لا سيما وأن المنطقة هي الأشدّ شحاً في المياه والأكثر اعتماداً على استيراد الغذاء في العالم.

والأزمات التي ضربت المنطقة معقدة ومتداخلة وواسعة النطاق، وقد فاقم ذلك أثرها، وأعاق أي تقدم قد تحرزه السياسات الاجتماعية والاقتصادية المعتمدة للحدّ من الأوجه القائمة لعدم المساواة. وتقترن هذه الأزمات بإمكانية خفض المساعدة الإنمائية الرسمية، أو تحويلها عن المنطقة العربية، بسبب الحرب في أوكرانيا وتغيُّر أولويات تلك المساعدة.

يناقش هذا القسم التطورات العالمية والإقليمية المؤثّرة. وتشمل هذه التطورات: الحرب في أوكرانيا؛ وأزمة غلاء المعيشة؛ وتزايد الدين؛ وأسعار الصرف وشروط التجارة.

1. الحرب في أوكرانيا: أزمة تُعقِّد الأزمات

فاقمت الحرب في أوكرانيا وضعاً كان في الأصل صعباً في المنطقة العربية. وتتفاوت التداعيات الاقتصادية للحرب من بلد إلى آخر، تبعاً للوضع المالي لكل بلد، ولمستوى اقتراضه، ومدى اعتماده على الواردات، لكنّ أثرها الإجمالي على المنطقة وخيم. وقد تسببت الحرب بتراجع النمو الاقتصادي العالمي من 4.9 في المائة إلى 4.4 في المائة، وبارتفاع معدلات التضخم، ما يدفع، في عام 2023، إلى ركود اقتصادي وكساد تضخمي.

وشملت الآثار المباشرة للحرب ارتفاعاً حاداً في أسعار النفط والغاز في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في المنطقة العربية. وقد وضعت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) ثلاثة سيناريوهات لتقييم أثر الحرب:

  1. سيناريو خط الأساس الذي يفترض أن الحرب لم تندلع وأن متوسط سعر برميل النفط هو 70 دولار؛
  2. وسيناريو صراع قصير الأجل ينتهي في حزيران/يونيو 2022 يبلغ أثناءه متوسط سعر النفط 100 دولار للبرميل؛
  3. وسيناريو صراع طويل الأجل يصل أثناءه متوسط سعر النفط إلى 170 دولار للبرميل.

2. أسوأ أزمة غلاء معيشة منذ جيل

تتولّد أزمة غلاء المعيشة وتنتقل عبر مسارات رئيسية عدة، تشمل: ارتفاع أسعار الأغذية، وارتفاع أسعار الوقود والغاز، وارتفاع أسعار الفائدة، وضيق الظروف المالية. ولكل من هذه المكوّنات آثاره الهامة؛ إلا أن اجتماعها كلها يجعلها تؤازر بعضها بعضاً بحيث تشكّل دوّامة يصعب الخروج منها. وقد بدأت هذه الظاهرة بسبب جائحة كوفيد19- والحرب في أوكرانيا. ومع ارتفاع كلفة المعيشة، يبحث العاملون عن وظائف جديدة بحيث ترتفع أجورهم وتواكب التضخم؛ غير أن زيادة الأجور بشكل جماعي قد ترسّخ التضخم.

فالزيادة في أسعار المواد الغذائية والوقود، على سبيل المثال، أدت إلى زيادة غير متناسبة في عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر في البلدان العربية. وتفيد توقعات الإسكوا بشأن النمو في الأردن وتونس ومصر أن الحرب في أوكرانيا سببت ارتفاعاً في مستويات المعيشة نتيجة للأوضاع المعقدة التي تحكم أسواق الطاقة والسلع الأساسية في هذه البلدان، ما أسفر في عام 2022 عن ارتفاع أسعار الأغذية بنسبة 15 في المائة، وأسعار الوقود بنسبة 25 في المائة.

ونتيجة لذلك، تباطأت جهود الحد من الفقر في هذه البلدان الثلاثة. واستخدام خطوط الفقر التي حددتها الإسكوا يشير إلى تزايد الفقر في كل من الأردن وتونس ومصر خ ال عام 2022 مقارنة بالسنوات السابقة، ولا سيما تلك التي سبقت جائحة كوفيد-19 (الشكل 1).


الشكل 1. نسب أعداد الفقراء من مجموع السكان باستخدام خطوط الفقر التي حدّدتها الإسكوا في الأردن وتونس ومصر، 2021-2022

Source: ESCWA projections. For more information on the forecasting methodology, see ESCWA (2022a). Available here.
Note: For Jordan, the poverty rate was computed using ESCWA poverty lines. See ESCWA (2022b). Available here.
ارتفاع أسعار الطاقة وفقر الطاقة

بدأت الأسعار العالمية للوقود الأحفوري في الارتفاع في عام 2021 مع انتعاش الطلب العالمي بعد جائحة كوفيد-19، وبالمقابل كان العرض شحيحاً بعد سنوات من تقلّص الاستثمار في قطاع الطاقة. وأما الحرب في أوكرانيا، التي نشبت في أوائل عام 2022، فقد رفعت الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة تاريخياً، ولا سيما أسعار الغاز الطبيعي، بعد اضطراب خطوط تجارة سلع الطاقة، والمخاوف بشأن الإمدادات المستقبلية. وللاتحاد الروسي حصة كبيرة من أسواق الغاز الطبيعي (20 في المائة من الصادرات العالمية)، والنفط الخام (10 في المائة)، والفحم (5 في المائة). وبحلول نهاية الربع الأول من عام 2022، تضاعفت أسعار النفط الخام مرتين، وأسعار الفحم ثلاث مرات، وأسعار الغاز الطبيعي أكثر من خمسة مرات مقارنة بأوائل عام 2021. وتشير التوقعات حتى عام 2026 إلى بقاء أسعار النفط الخام والفحم أعلى مما كانت عليه قبل الحرب، ولكن بنصف نسبة ارتفاعها الحالي، وكذلك أسعار الغاز الطبيعي بحوالي ربع نسبة ارتفاعها الحالي.

فقر الطاقة هو مسألة مساواة. وتُعرَّف الأسرة المعيشية بأنها فقيرة من حيث الطاقة إذا أنفقت أكثر من 10 في المائة من دخلها المتاح على خدمات الطاقة، ولم تترك سوى القليل للنفقات الأخرى. وقد انعكست الزيادة الكبيرة في الأسعار العالمية للطاقة ارتفاعاً في معدلات فقر الطاقة في جميع أنحاء المنطقة العربية.

وثمة تفاوت شديد في تأثير زيادة أسعار الطاقة على مختلف فئات الدخل. والزيادات الأخيرة في كلفة الطاقة (بما في ذلك وقود السيارات) جعلت الإنفاق على الطاقة يأخذ نسبة من الدخل، بعد خصم الضرائب والتحويلات، أعلى بكثير بين الأسر المعيشية عند الخمس الأدنى من سلّم الدخل مقارنة بالأسر المعيشية عند الخمس الأعلى من سلّم الدخل. وذلك لأن الأسر ذات الدخل المنخفض تنفق حصة أكبر من دخلها على الطاقة المستخدمة في أساسيات مثل الطهي والتدفئة والكهرباء.

وفي حين تتزايد نسبة ما تنفقه الأسر الأفقر من مجموع دخلها على الطاقة، قد تتمكن الأسر ذات الدخل المرتفع من استيعاب الزيادات في تكاليف الطاقة بسهولة أكبر. وارتفاع قيمة فواتير الوقود يضرّ بالأشخاص ذوي الدخل المنخفض، ولا سيما الأسر المعيشية الأكبر سناً والمقيمة في مناطق ريفية، بدرجة أشدّ من غيرهم بسبب أنماط إنفاقهم. وتتزايد بسرعة أعداد الأسر التي بات عليها الاختيار بين إنفاق دخلها على شراء المواد الغذائية وبين شراء ملابس للأولاد في العام الدراسي الجديد. وفي العديد من البلدان، اضطر أكثر من نصف معيلي الأسر إلى تحويل إنفاقهم عن الفواتير المنزلية والطبية، وسداد القروض، والملابس، والهوايات، والنقل من أجل شراء الطعام. ويجد الكثيرون أنفسهم مضطرين إلى الاختيار بين استخدام الكهرباء وإطعام أسرهم. ويتخلى الكثيرون عن بعض وجبات الطعام في معظم الأسابيع من أجل إطعام من يعولون من أطفال.


3. ارتفاع الدين يثقل الإنفاق العام

بعد أن بلغ التضخم أعلى مستوياته منذ عقود عدة، وبعد اتساع نطاق المجالات الاقتصادية التي تعاني من ضغوط الأسعار في العالم، أدركت المصارف المركزية ضرورة معالجة التضخم المتوقع لتفادي إجراء المزيد من التعديلات المعطِّلة في وقت لاحق. ورفعت المصارف المركزية أسعار الفائدة بشكل ملحوظ في محاولة لخفض التضخم.

وارتباط هذه الأمور ببعضها بات واقعاً في المنطقة العربية، فقد شهد متوسط النمو السنوي للدين العام في المنطقة العربية ارتفاعاً حاداً خلال العقد الماضي، وظل أعلى من معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي حتى عام 2020 (الشكل 4).


الشكل 4. نمو الناتج المحلي الإجمالي مقابل نمو الدين العام في المنطقة العربية


المصدر: حسابات الإسكوا استناداً إلى بيانات من صندوق النقد الدولي.

4. أسعار الصرف وشروط التجارة

فرض الارتفاع العالمي في الأسعار ضغوطاً على الاحتياطيات الدولية للبلدان المستوردة للأغذية، وبالتالي على أسعار صرف عملاتها مقابل الدولار. وضرب الارتفاع العالمي في أسعار الأغذية المنطقة العربية بشدة، لا سيما وأنها مستورد صافٍ للأغذية. وعلاوة على ذلك، سُجل انخفاض في قيمة كل من الجنيه المصري، والدرهم المغربي، والدينار التونسي، والليرة اللبنانية. وانخفاض قيمة العملة يقلّص القوة الشرائية للأفراد، ويثقل ميزانيات الدول بمزيد من الضغوط.

وتترتب على ارتفاع قيمة الدولار آثار واسعة النطاق على الاقتصاد العالمي، وانخفاض في قيم العملات في بلدان أخرى. وتدفع قوة الدولار أسعار الواردات صعوداً، فتزيد من التضخم. وكذلك، فإن لقيمة الدولار تبعات على الاقتصادات الناشئة، إذ تهدد هذه البلدان بالتأخر عن سداد ديونها.

التحول إلى الدولار

في مواجهة الانخفاضات السريعة والتقلبات الشديدة في قيم العملات المحلية، تلجأ أسواق المواد الغذائية والشركات التجارية التي تستورد السلع والمواد والمكونات الغذائية من الأسواق الدولية بعملات قوية، مثل الدولار، إلى تحويل أسعار التجزئة النهائية إلى الدولار أيضاً. وهذه العملية تزيد من تضخم أسعار المواد الغذائية وتأسر الأسعار المحلية في دوّامة أسعار العملة العالمية. والتغيرات في قيمة الدولار عامل شديد التأثير على أسعار الأغذية المحلية بالتجزئة في المنطقة العربية، لكن بدرجات متفاوتة، فالسكان الذين لديهم إمكانية الوصول إلى الدولارات من خلال العمل لدى الشركات المتعددة الجنسيات أو التكتلات الدولية، أو الذين يتلقون تحويلات خارجية، محميون إلى حد ما من تقلبات أسعار العملات المحلية.

ولعل في إجراءات دعم أسعار الأغذية التي تستخدمها بعض البلدان ما يخفف من صدمات التقلب في أسعار العملات الدولية على المستهلكين، إلا أن إمكانات الدول العربية لتحمُّل هذا التقلب تتعرض لاختبار شديد مع الضغوط على الحيز المالي والانخفاض الكبير في قيم العملات المحلية.

وتُفاقِم دولرة أسعار المواد الغذائية في أسواق الجملة والتجزئة وشركات الأغذية والمطاعم من انعدام الأمن الغذائي لدى الأسر ذات الدخل المنخفض، ولدى السكان الذين يعيشون تحت ظل الفقر والهشاشة، ولا سيما الذين يعتمدون على الأعمال الخيرية، أو على مدفوعات المساعدة الاجتماعية، أو التحويلات المالية، والذين يتقاضون، بالعملات المحلية التي تنخفض قيمتها، الحد الأدنى من الأجور في القطاع غير النظامي. والحاصل أن الدولرة تزيد من عدم المساواة.

باء. لمحة عن عدم المساواة في المنطقة العربية

تنحو تصورات سكان المنطقة إلى السلبية بشأن المساواة الاجتماعية والاقتصادية في بلدانهم. وكما اتضح من الشكل 6، تنتشر بين السكان آراء سلبية بشأن أوضاعهم في الحاضر والمستقبل. ويعتقد 21 في المائة فقط من المستجيبين أنهم يتمتعون حالياً بالمساواة الجزئية أو الكاملة، ويعتقد 14 في المائة فقط أن المساواة ستتحسن في السنوات الخمس المقبلة. ومن المثير للقلق أن 69 في المائة من المستجيبين أفادوا أن المجتمع سيتجه إلى زيادة في عدم المساواة خلال السنوات الخمس المقبلة، وأن غالبيتهم يعتقدون أن هذه الزيادة ستكون كبيرة.


الشكل 6. تصوّرات سكان المنطقة بشأن المساواة الاجتماعية والاقتصادية

المصدر: نتائج استطلاع للرأي على الإنترنت وضعته الإسكوا

1. فقر الدخل

يتّجه فقر الدخل نحو الارتفاع منذ عام 2010 ، ما عكس التقدم الذي شهدته العقود السابقة في الحد من الفقر. وقد بلغ متوسط معدلات الفقر في المنطقة (باستثناء بلدان مجلس التعاون الخليجي) 36 في المائة في المنطقة في عام 2022 (أي أن ما يعادل 121 مليون شخص يعيشون في الفقر). والمنطقة العربية هي المنطقة الوحيدة في العالم التي تزايدت فيها معدلات الفقر على مدى العقد المنصرم. واتخذت مشكلة تزايد فقر الدخل منحىً شديد الحدة في البلدان المتأثرة بالصراع. وكما هو مبين في الشكل 7، شهدت المنطقة، بين عامي 2019 و2022، ارتفاعاً في أعداد الأشخاص الذين يعيشون في الفقر نتيجةً لاقتران جائحة كوفيد19- بالأزمة الأوكرانية، وتأثير ارتفاع أسعار الغذاء والوقود في البلدان المستوردة للنفط التي تضمّ الغالبية العظمى من الذين يعيشون في فقر. ومن المهم ملاحظة أن الشكل 7 لا يشمل الجمهورية العربية السورية أو لبنان أو ليبيا أو اليمن بسبب محدودية البيانات، وتشير التوقعات إلى ارتفاع كبير في أعداد الفقراء في هذه البلدان منذ عام 2010 بسبب الصراع وعدم الاستقرار السياسي.


الشكل 7. اتجاهات الفقر باستخدام خطوط الفقر التي حدّدتها الإسكوا في بلدان عربية مختارة، 2010-2022

Source: ESCWA projections and poverty lines. For more information on the forecasting methodology, see ESCWA (2022a). Available here ; and ESCWA (2022b). Available here.
ملاحظة: البلدان المشمولة هي الأردن وتونس والجزائر وجزر القمر وجيبوتي والسودان والصومال والعراق ودولة فلسطين ومصر وموريتانيا

2. عدم المساواة في الثروة

وفقاً لأحدث التقديرات لتوزيع الثروة الإقليمية حتى نهاية عام 2021، فإن أرصدة الثروة الشخصية في المنطقة العربية، إذا ما قيست بالقيمة الاسمية بالدولار، باتت أكثر مما كانت عليه قبل الجائحة. إلا أن التباين في توزيعها في اتساع، إذ كان الذين في أعلى سلّم توزيع الثروة هم أكثر من استفاد من الاتجاه المالي العالمي التصاعدي، أما الذين في أدنى سلّم توزيع الثروة فقد تحمّلوا أشدّ أعباء الاضطراب وغلاء المعيشة، وعانوا تناقص قيم أصولهم، واضطروا، في حالات كثيرة، إلى استهلاك مدخراتهم.


الشكل 9. متوسط الثروة الشخصية في المنطقة العربية، كانون الأول/ديسمبر 2000-كانون الأول/ديسمبر 2021


Source: ESCWA estimates based on data from the Credit Suisse 2022 Global Wealth Databook.
الأثر المتضاعف لتركيز الثروة العالمية

لتركيز الثروة آثارٌ خطيرة على تدهور المناخ، لأن الأغنى عادة هم من يتسبّب بالكميات الأضخم من انبعاثات الكربون. وتشير تقديرات منظمة أوكسفام إلى أن أغنى 1 في المائة (63 مليون ملياردير) يتحمّلون وحدهم مسؤولية 15 في المائة من الانبعاثات التراكمية. وهذه النسبة هي ضعف كمية الانبعاثات التي يتسبب بها مجموع سكان العالم الذين يُصنَّفون في النصف الأدنى من سلّم توزيع الثروة. وقد بلغ إجمالي انبعاثات الكربون التي يتسبب بها أغنى 125 مليارديراً 393 مليون طن، وهو ما يعادل حجم ما تصدره فرنسا.

ولا تؤثر انبعاثات الكربون على تغيُّر المناخ فحسب، بل أيضاً على الزراعة ومستقبل الأمن الغذائي.

المصدر: Oxfam, Carbon Billionaires: the investment emissions of the world’s richest people, 2022.


3. عدم المساواة في الدخل

لا تزال المنطقة العربية تسجّل أعلى مستويات من عدم المساواة في الدخل في العالم، لكن مع تباين ملحوظ من بلد إلى آخر. وفي المنطقة العربية، ثمة اختلافات كبيرة داخل البلدان وفي ما بينها من حيث أوجه عدم المساواة التي تتفاوت بين الحال في قطر، حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي هو من بين الأعلى في العالم، والحال في اليمن، الذي يُعَدّ من بين أفقر بلدان العالم.

وفي المنطقة العربية، لا يملك أفقر 50 في المائة من السكان سوى 9 في المائة من مجموع دخل المنطقة، في حين يحتكر أغنى 1 في المائة 23 في المائة من مجموع هذا الدخل. والواقع في المنطقة العربية هو أن متوسط دخل أعلى 1 في المائة على سلّم الدخل هو أكثر بنحو 128 مرة من متوسط دخل أدنى 50 في المائة على سلّم الدخل. وهذا التباين هائل مقارنة بالمناطق الأخرى التي تسجل فجوات أضيق بين أفقر 50 في المائة وأغنى 1 في المائة. ففي أوروبا، على سبيل المثال، يحصل أفقر 50 في المائة على ما يقرب من 19 في المائة من دخل المنطقة، وهو ما يتجاوز بكثير حصة أغنى 1 في المائة الذين يستحوذون على 12 في المائة من دخل المنطقة. وفي شرق آسيا، يمتلك أفقر 50 في المائة 14 في المائة من مجموع الدخل، وأغنى 1 في المائة 15 في المائة من مجموع الدخل (الشكل 13).

الشكل 13. توزيع الدخل حسب المنطقة، 2021

المصدر: حسابات الإسكوا استناداً إلى بيانات من قاعدة بيانات عدم المساواة في العالم

4. عدم المساواة بين الجنسين

تعاني المنطقة العربية من فجوة مزمنة بين الجنسين. وكانت الفجوة بنسبة 37 في المائة في عام 2022، بعد أن كانت بنسبة 39 في المائة في عام 2021. وعلى الرغم من هذا التقدم الطفيف، لا تزال المنطقة العربية تعاني من ثاني أكبر فجوة بين الجنسين في العالم. ومن بين 13 دولة عربية يغطيها دليل الفجوة بين الجنسين لعام 2022 ، تتقدم دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل ملحوظ، بفارق بنسبة 28.4 في المائة، فتتصدر الترتيب في المنطقة العربية، علماً أن مرتبتها العالمية لا تتجاوز الـ 68. وبالمقابل، تتأخر الجزائر وعُمان وقطر بشكل كبير على هذا الدليل. وقد سجل عدد من بلدان المنطقة تحسناً كبيراً في عام 2022 مقارنة بعام 2021، وهذه البلدان هي الكويت والمغرب والمملكة العربية السعودية. وفي نهاية المطاف، إذا استمرت المنطقة العربية على وتيرة التقدم الحالية، سيستغرق سدّ الفجوة بين الجنسين 149 عاماً، وذلك مقارنة بمتوسط عالمي يبلغ 132 عاماً ً(الشكل 14).

الشكل 14. مدى تقلّص دليل الفجوة بين الجنسين في المنطقة العربية حتى عام 2022

المصدر: حسابات الإسكوا استناداً إلى التقارير العالمية عن الفجوة بين الجنسين الصادرة عن المنتدى الاقتصادي العالمي، 2022.

2. عدم المساواة والأمن الغذائي

الرسائل الرئيسية


img

انعدام الأمن الغذائي يبقي الجيل المقبل حبيس عدم المساواة: الأطفال الذين يولدون لنساء يعانين من نقص الحديد هم أكثر عرضة للولادة المبكرة ولديهم وزن أقل عند الولادة.

img

تشهد المنطقة العربية تفاوتاً شديداً في الحصول على الأغذية الجيدة والمغذية؛ فيعاني 33.3 في المائة من السكان من انعدام الأمن الغذائي، وحوالي 28.4 في المائة من السمنة المفرطة.

img

يطال النقص التغذوي 11.9 في المائة من سكان المنطقة (53 مليون شخص)، وهو أعلى من المتوسط العالمي البالغ 9.3 في المائة.

img

تنتج المنطقة العربية أقل من نصف الغذاء الذي تستهلك.

img

يعاني ثلث النساء في سن الإنجاب في المنطقة العربية من فقر الدم.

img

تساهم الفيضانات والجفاف والتضخم المفرط والصراع والاحتلال في ارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي في الجمهورية العربية السورية والسودان والصومال والعراق ودولة فلسطين وليبيا واليمن.

img

في المنطقة العربية، يهدر كل فرد ما بين 76 و 120 كيلوغراماً من الأغذية سنوياً، لكن بمعدلات متفاوتة بين البلدان؛ والأسر الثرية تهدر كميات أكثر من تلك التي تعيش تحت ظل الفقر.

img

يحصل جميع سكان دول مجلس التعاون الخليجي على مياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي، ولكن في أقل البلدان نمواً يحصل ثلثا السكان فقط على مياه الشرب وأقل من النصف على خدمات الصرف الصحي.

img

في الجزائر والجمهورية العربية السورية ومصر والمغرب واليمن، يبلغ عدد الأسر المعيشية الفقيرة التي تعاني من فقدان الدخل بسبب المخاطر المناخية ضعف الأسر الغنية.

img

تنفق الأسرة العربية المتوسطة ثلث دخلها على الغذاء.

img

معدلات السمنة أعلى بين الإناث منها بين الرجال في المنطقة العربية.

img


يُعرَّف الأمن الغذائي بأنه يتوفر «عندما تتوفر لجميع الناس الإمكانات المادية والاجتماعية والاقتصادية، للحصول على أغذية كافية وسليمة ومغذّية تلبي احتياجاتهم التغذوية وتناسب أذواقهم الغذائية للتمتع بحياة موفورة النشاط والصحة».

Source: FAO, The State of Food Insecurity in the World 2001

ألف. مقدمة

على الرغم من التقدم الملحوظ نحو الحد من الجوع منذ مؤتمر القمة العالمي للأغذية في عام 1996، لا يزال الملايين، في جميع أنحاء العالم، يعانون من انعدام الأمن الغذائي، مع تفاوتات كبيرة بين البلدان والأسر. وفي المنطقة العربية، يزيد انتشار انعدام الأمن الغذائي في أقل البلدان نمواً والبلدان المتأثرة بالصراعات، ويقل انتشاره في البلدان المرتفعة الدخل. وداخل البلدان، يشتدّ تعرّض الفئات الضعيفة، مثل اللاجئين والنساء والذين يعيشون في المناطق الريفية، لخطر انعدام الأمن الغذائي.

والعلاقة بين عدم المساواة والأمن الغذائي شديدة التعقيد ومتعددة الأوجه.

يستكشف هذا الفصل الترابط المذكور باستخدام إطار رصد الأمن الغذائي في المنطقة العربية، ويحلل كيف تبرز أوجه لعدم المساواة في الركائز الأربع للأمن الغذائي: التوفر والحصول والاستفادة والاستقرار، ضمن المؤشرات المحددة في الإطار، وكيف تترجم إلى عدم مساواة في المؤشرات الأساسية لنتائج الأمن الغذائي (النقص التغذوي والسمنة وتجربة انعدام الأمن الغذائي). ويجري تحليل أوجه عدم المساواة على ثلاثة مستويات: بين البلدان؛ وبين الأسر؛ وداخل الأسرة الواحدة، وكيف ترسّخ أوجه عدم المساواة هذه بعضها بعضاً. ويوسّع الشكل 17 إطار رصد الأمن الغذائي لتحليل المؤشرات ذات الصلة من منظور عدم المساواة.


الشكل 17. أوجه عدم المساواة وإطار رصد الأمن الغذائي

figure-17

المصدر: تحليل من فريق الإسكوا

باء. انعدام الأمن الغذائي من منظور المساواة

1. توفر الغذاء

الخطوة الأولى نحو تحقيق الأمن الغذائي هي الحفاظ على كميات كافية من الأغذية في بلد ما، إما عن طريق الإنتاج المحلي أو الاستيراد، بما في ذلك المساعدات الغذائية. وقد يُقاس توفر الغذاء في بلد ما باستخدام مجموع ما يتلقاه من إمدادات بالسعرات الحرارية، ويُحدد هذا المجموع بدوره، في المقام الأول، بعاملين: حجم الإنتاج الوطني للمواد الغذائية وقدرة البلد على استيراد هذه المواد. لا تنتج المنطقة العربية حالياً سوى نصف السعرات الحرارية التي تستهلكها، وتحول مصاعب جمّة دون زيادة إنتاجها الزراعي، ما يجعل المنطقة شديدة الاعتماد على الواردات الغذائية، وشديدة التعرّض لتداعيات أي تغيير في الأسعار العالمية للمواد الغذائية. وتستورد المنطقة 61.4 في المائة من احتياجاتها من الحبوب التي تُعَدّ أهم مجموعة من مجموعات المواد الغذائية، ومصدراً رئيسياً للسعرات الحرارية. يصف هذا القسم التحديات التي تواجه توفر الغذاء في المنطقة العربية، وما رُصِد من أوجه لعدم المساواة في جميع أبعاد توفر الغذاء.

خسائر القمح الليّن والتمور في المغرب

تُعزى خسائر القمح الليّن في المغرب، بالدرجة الأولى، إلى القصور في ممارسات التخزين، بخسائر بنسبة 20 في المائة للتخزين تحت الأرض وخسائر تتراوح بين 10 و15 في المائة للتخزين في الغرف. وقصور ممارسات التخزين هو أيضاً السبب الرئيسي لما يُفسَد من التمور، فتقع خسائر بنسبة 20 في المائة للتخزين تحت الأرض، وخسائر تتراوح بين 10 و15 في المائة للتخزين في الغرف. وتُفسَد التمور أيضاً أثناء الزراعة والحصاد بسبب الحشرات (10 في المائة) والطيور (15 في المائة) وسوء ممارسات الحصاد (1-3 في المائة).

Source: ESCWA, Working paper: food loss in Morocco, 2022.

2. الحصول على الغذاء

لا يقتصر الأمن الغذائي على ضمان إنتاج أو استيراد ما يكفي من الغذاء إلى بلد ما، بل يشمل ضمان حصول جميع السكان على الإمكانات الاقتصادية والمادية اللازمة للحصول على الغذاء. وذكر أمارتيا سين، في كتابه حول الفقر والمجاعات، أنّ بعض أسوأ المجاعات قد حدث رغم عدم حصول انخفاض كبير في كمية الغذاء المتوفرة للفرد، ما يدل على أن التحدي الأصعب ليس، غالباً، في توفر ما يكفي من الغذاء، بل في الحصول على الغذاء.

وفي معظم البلدان، ترتبط أوجه عدم المساواة في الحصول على الغذاء ارتباطاً وثيقاً بتباين الدخل، وتتأثر بشدة بظروف الاقتصاد الكلي مثل معدلات البطالة والتضخم. وبالنسبة إلى مناطق الصراع، قد يشكّل الحصول المادي على الغذاء عائقاً هاماً.



النساء في المناطق الريفية والأمن الغذائي

للنساء دورٌ أساسي في تحقيق الأمن الغذائي، إذ يشاركن في جميع مراحل نُظُم إنتاج الغذاء، من الزراعة إلى إعداد الأغذية فالتسويق وصولاً إلى الاستهلاك المنزلي. وعلى الرغم من أن النساء في المناطق الريفية يشكّلن نسبة كبيرة من القوى العاملة الزراعية في المنطقة العربية، ليست ظروف العمل المتاحة لهن مساوية لظروف عمل الرجال: فأجورهن أقل، وقد يغلب على وظائفهن الطابع غير المنتظم ولا النظامي، أو قد يتطلب عملهن مهارات منخفضة. والنساء هن أيضاً الأرجح لأن يتحملن حصة غير متناسبة من أعباء الرعاية غير المدفوعة الأجر. وعلى الصعيد العالمي، تكسب النساء العاملات في النُظُم الغذائية 82 سنتاً أمريكياً مقابل كل دولار يكسبه الرجال.أ وعلاوة على ذلك، فإن حصتهن من ملكية الأراضي أقل من حصة الرجال بكثير، ففي معظم البلدان العربية التي تتاح عنها بيانات، 96 في المائة من مالكي الأراضي هم من الذكور.ب وتعزز ديناميات الفقر أوجه عدم المساواة بين الجنسين، إذ تحدّ من فرص الحصول على التعليم والرعاية الصحية والصرف الصحي والخدمات الأساسية الأخرى المتاحة للنساء في المناطق الريفية. وتشير التقديرات الواردة في تقرير منظمة الأغذية والزراعة لعام 2023 إلى أنّ الحد من عدم المساواة بين الجنسين في النُظُم الغذائية العالمية سيترجَم إلى ربح إضافي بقيمة 3 ملايين دولار ويحدّ من انعدام الأمن الغذائي بالنسبة إلى 45 مليون شخص.ج

أ FAO, https://www.fao.org/documents/card/en/c/cc5343en, 2023.
ب بيانات البنك الدولي. http://info.worldbank.org/governance/wgi/.
ج FAO, https://www.fao.org/documents/card/en/c/cc5343en, 2023.



والتقلّبات في أسعار المواد الغذائية قد تحدّ من قدرة السكان على الحصول على الغذاء الذي يحتاجون إليه، ولا سيما الأسر ذات الدخل المنخفض التي تنفق نسبة كبيرة من دخلها على الغذاء، وليس لديها إلا قدرة محدودة على استيعاب الصدمات. وفي عام 2018، بلغ متوسط إنفاق الأسر العربية على الغذاء 31.3 في المائة، لكن مع تباين كبير من مجموعة سكان إلى أخرى؛ فأنفق مواطنو دول مجلس التعاون الخليجي 19 في المائة من دخلهم على الغذاء، مقارنة بنسبة 50 في المائة في الجمهورية العربية السورية .


الشكل 18. العلاقة بين نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي وحصة الدخل المنفق على الغذاء، 2018

Source: ESCWA calculations based on data from the World Bank Statistics and Knoema.

3. الاستفادة من الغذاء

تدخل عوامل عدة في تحقيق الإنصاف في الاستفادة من الغذاء. ولا تنحصر هذه العوامل في التأكد من توفر القدر الكافي من الغذاء في بلد ما، ولا في الحصول المادي للأسر على الغذاء وتمتعها بالسُبُل الاقتصادية اللازمة لهذا الحصول. وتشمل هذه العوامل الحصول على خدمات الصرف الصحي والمياه لمعالجة الأغذية بطريقة مأمونة، واستهلاك الأغذية بكميات كافية لضمان النتائج التغذوية الملائمة.

ويتبيّن من مسوحات الأسر أن ثمة عدد كبير من الأطفال دون سن 5 سنوات في المنطقة العربية يستهلكون بانتظام مجموعتين غذائيتين فقط أو أقل، وهذا النمط علامة على فقر غذائي مدقع، إذ إن تلبية الحد الأدنى من التنوع الغذائي للنمو والنماء الصحيين تتطلب استهلاك الأطفال لأغذية من خمس مجموعات على الأقل من أصل ثماني مجموعات غذائية موصى بها. ومعدلات الفقر الغذائي المدقع مرتفعة بوجه خاص في البلدان التي تشهد صراعات وفي أقل البلدان نمواً، مثل الصومال (63 في المائة) وموريتانيا (38 في المائة) والسودان (34 في المائة)، وبين أفقر الفئات السكانية في كل بلد، على النحو المبين في الشكل 19 .


الشكل 19. النسبة المئوية للأطفال دون سن الخامسة، الذين يستهلكون مجموعتين غذائيتين أو أقل، في كل فئة خُمسية للثروة وفي كل بلد

المصدر: حسابات الإسكوا استناداً إلى بيانات فقر الأطفال لليونيسف. لم تُدرَج فيها سوى البلدان التي تتوفر عنها بيانات.

4. الاستقرار

يرتبط الاستقرار بقدرة البلدان والأسر المعيشية على استيعاب أنواع مختلفة من الصدمات السلبية من دون تعديل أنماط استهلاكها الغذائي. وقد تكون الصدمات مفاجئة، مثل زيادة غير متوقعة في أسعار المواد الغذائية أو من جراء فترة جفاف، وقد تكون دورية، مثل توفر الغذاء المرتبط بمواسم الحصاد الزراعي.

وقد تؤثر الصدمات على الأمن الغذائي على صعيد كلي إذ تُحدِث تغييراً في الإمدادات الغذائية للبلد، وكذلك على صعيد جزئي إذ تُحدِث تغييراً في إمكانات الأسر للوصول إلى الغذاء.

وأدت الحرب في أوكرانيا، والعقوبات المفروضة على الاتحاد الروسي إلى خفض الإمدادات الدولية بالقمح والذرة والشعير وعباد الشمس والأسمدة والنفط، فارتفعت أسعار هذه السلع في الأسواق العالمية. وقد استفادت البلدان المنتِجة للنفط من هذا الارتفاع، وبالمقابل تضرّرت البلدان المستوردة للأغذية والنفط، ما أدى إلى توسيع فجوة عدم المساواة بين بلدان المنطقة. وقبل الحرب، كان العديد من بلدان المنطقة يعتمد بشدة على استيراد السلع الغذائية من أوكرانيا والاتحاد الروسي، فكانا مصدراً لأكثر من 66 في المائة من القمح المستهلك في الصومال وعُمان وقطر ولبنان ومصر، ولأكثر من 90 في المائة من زيت عباد الشمس المستهلك في تونس والجزائر والسودان ومصر. وكان الاتحاد الروسي أيضاً مصدر عدد من المدخلات الزراعية الرئيسية، مثل سماد البوتاسيوم.

الشكل 22. اعتماد البلدان العربية على الواردات. نسبة القمح المستورد من الاتحاد الروسي وأوكرانيا من مجموع مشتريات القمح في عام 2021 (النسبة المئوية)

المصدر: تحليلات الإسكوا استناداً إلى بيانات من قاعدة البيانات الإحصائية الموضوعية في منظمة الأغذية والزراعة
ملاحظة: يشمل الرسم البياني فقط البلدان العربية التي تستورد القمح من الاتحاد الروسي و/أو أوكرانيا. في الكويت، كانت نسبة وارادات القمح من أوكرانيا 0.07 في المائة، أما في قطر، فكانت النسبة 0.04 في المائة.


مصاعب في تحقيق الأمن الغذائي للاجئين في المنطقة العربية

من بين البلدان العشرة التي تضمّ النسب الأعلى في العالم للنازحين داخلياً بفعل الصراعات، ثمة أربعة في المنطقة العربية، وللمنطقة عموماً العدد الأكبر من مجموع اللاجئين في العالم. وفي عام 2021، بلغ عدد النازحين داخلياً في الجمهورية العربية السورية والسودان والعراق واليمن حوالي 15.31 مليون شخص. ومعظم حالات النزوح الجديدة تقع في الجمهورية العربية السورية والسودان والصومال واليمن.أ

وفي الغالب، يُحدِق خطر انعدام الأمن الغذائي باللاجئين أكثر من غيرهم. وعلى الرغم من عدم توفر بيانات دقيقة ومحدَّثة عن اللاجئين، تُبيّن الدراسات التي أجريت مؤخراً مدى خطورة أوضاع هؤلاء الأشخاص. وفي عام 2021، شهد حوالي 39 في المائة من اللاجئين السوريين في الأردن ولبنان ومصر مستوياتٍ من انعدام الأمن الغذائي تُصنَّف بين الأزمة وحالة الطوارئ.ب وفي عام 2022، كان انعدام الأمن الغذائي يطال 58 في المائة من الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين في الأردن.ج وفي دولة فلسطين في عام 2017، كانت النفقات الغذائية للأسر التي تعيش في مخيمات اللاجئين تقل بنسبة 19 في المائة عن بقية السكان، على الرغم من أن الغذاء يمثل نسبة أعلى من ميزانيتها (29.64 في المائة) مقارنة بغير اللاجئين (25.70 في المائة).د

ويعتمد اللاجئون كثيراً على المعونة الغذائية، وقد تبقى وجباتهم الغذائية ضمن أصناف محدودة، وقد لا تلبي كامل احتياجاتهم من المغذيات الدقيقة، ما يؤدي إلى مشاكل صحية. ووجدت دراسة أجريت في عام 2016 أنّ معدلات فقر الدم تبلغ 17 في المائة بين الأطفال السوريين في مخيم الزعتري (الأردن)، مقارنة بمعدل 9 في المائة في الأردن بشكل عام. بالإضافة إلى ذلك، تشير دراسات إلى أنّ الوجبات الغذائية للاجئين قد تحتوي على نسبة مفرطة من الدهون، ما يدفع بعض الأفراد إلى مشاكل السمنة. وفي دولة فلسطين، خصّصت الأسر التي تعيش في مخيمات اللاجئين نسباً أعلى من ميزانيتها الغذائية للزيوت والدهون مقارنة ببقية السكان.و
وأظهر تقييم صحي أجري في الفترة 2015-2016 للأطفال اللاجئين السوريين الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و59 شهراً انتشار السمنة بنسبة 10.6 في المائة.ز

أ FAO, The status of women in agrifood systems, 2023.
ب World Bank data. Available at http://info.worldbank.org/governance/wgi/.
ج FAO, The status of women in agrifood systems, 2023.
د ESCWA calculations based on Palestine’s Household Expenditure and Consumption Survey, 2016–2017.
Hossain, S.M.M., Leidman, E., Kingori, J. and others, Nutritional situation among Syrian refugees hosted in Iraq, Jordan, and Lebanon: cross sectional surveys, 2016.
و ESCWA calculations based on Palestine’s Household Expenditure and Consumption Survey, 2016–2017.
ز Sweetmavourneen Pernitez-Agan, Kolitha Wickramage, Catherine Yen and others, Nutritional profile of Syrian refugee children before resettlement, 2019.

جيم. نواتج الأمن الغذائي

يتبين من الأقسام السابقة أنّ تحقيق الأمن الغذائي يقتضي من البلدان أن توفر كميات كافية من الأغذية؛ وأن تتاح للسكان إمكانية الحصول المادي والاقتصادي على هذه الأغذية؛ وأن تستهلك الأغذية على نحو مأمون، وبالكمية والجودة اللازمتين. وعلى هذه الأبعاد المختلفة للأمن الغذائي أن تتحقق في الأوقات كافة، بغض النظر عن الصدمات الخارجية. وتؤدي أوجه عدم المساواة في الركائز الأربع المحددة في القسم السابق إلى تباين شديد في درجة الأمن الغذائي من بلد إلى آخر، ومن أسرة إلى أخرى، ومن فرد إلى آخر في الأسرة. ويمكن قياس هذه الآثار من خلال ثلاثة مؤشرات رئيسية: مستويات النقص التغذوي، ومستويات السمنة، وتصورات الأسر لانعدام الأمن الغذائي، وذلك ضمن مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي.

وعلى مستوى الأسرة المعيشية، ينتشر النقص التغذوي وانعدام الأمن الغذائي غالباً بين الفئات السكانية الأشدّ فقراً وهشاشة. وقد تتبين لمحة عن العلاقة بين عدم المساواة في الدخل ونواتج من اعدام الأمن الغذائي من خلال متغيرات الاقتصاد الكلي. وتُظهر مقارنة نمو الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة العربية بتطوّر معدلات النقص التغذوي أنّ الزيادات في الثروة لم تثمر انخفاضاً في النقص التغذوي. وفي حين أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي قد زاد بأكثر من الضعف في المنطقة منذ عام 2001، لم ينخفض النقص التغذوي إلا بنسبة 1 في المائة، كما هو موضح في الشكل 24.


الشكل 24 . النسب المئوية للتغيّرات في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي وانتشار النقص التغذوي في المنطقة العربية انطلاقاً من مستويات خط الأساس لعام 2001

المصدر: حسابات الإسكوا استناداً إلى بيانات من البنك الدولي

والعلاقة بين السمنة وعدم المساواة في الدخل أكثر تعقيداً، إذ تشير دراسات إلى أنّ معدلات السمنة أعلى بين الأسر الغنية وسكان الحضر في البلدان المنخفضة الدخل، وأنه مع زيادة دخل البلدان، تتحول المعدلات الأعلى للسمنة نحو السكان الأشدّ فقراً والمناطق الريفية. وبناء على هذه الفرضية، ترتفع معدلات السمنة في الأردن بين الفقراء، أما في موريتانيا واليمن، فالسمنة أوسع انتشاراً بين الأغنياء، كما هو موضح في الشكل 25.


الشكل 25 . معدلات انتشار السمنة بين النساء بحسب الفئة الخُمسية لتوزيع الثروة والبلد

المصدر: تحليل الإسكوا استناداً إلى بيانات برنامج المسوح الديمغرافية والصحية

3. الألأمن الغذائي وعدم المساواة: تحليل المخاطر والاتجاهات

الرسائل الرئيسية


img

هدّد انعدام الأمن الغذائي، في عام 2021، وبدرجة تتراوح بين المتوسطة والحادة، ما مجموعه 180.8 مليون شخص في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا.

img

يعاني حوالي 35 في المائة من سكان المنطقة العربية من انعدام الأمن الغذائي بدرجة تتراوح بين المتوسطة والحادة، ومن الحرمان من الوصول المنتظم إلى الغذاء المغذي وبكميات كافية.

img

تشير التقديرات إلى أنّ عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي بدرجة حادة بلغ حوالي 53.9 مليون شخص في عام 2021، بزيادة قدرها 5 ملايين شخص عن العام السابق.

img

ليست أوجه عدم المساواة في الأمن الغذائي ظاهرة جديدة في المنطقة العربية؛ بل كانت موجودة قبل الحرب في أوكرانيا.

img

تشهد المنطقة العربية أزمة متعددة الأوجه، تتآزر فيها أزمات متعددة ومتداخلة لتُحدث وقعاً أشدّ من مجموع ما تحدثه كل أزمة بحد ذاتها.

img

في المنطقة العربية أوجه صارخة من عدم المساواة في انعدام الأمن الغذائي؛ فانعدام الأمن الغذائي أوسع انتشاراً بخمسة أضعاف في أقل البلدان نمواً منه في بلدان مجلس التعاون الخليجي.

ألف. مقدمـة

تتلاقى آثار تغيُّر المناخ مع تداعيات الاستهلاك المفرط للمياه وتدهور الأراضي والنمو السكاني لتُمعِن في الضغط على الموارد الطبيعية في المنطقة العربية، فتكون النتيجة تراجعاً في المحاصيل الغذائية، وخطراً داهماً على سُبُل العيش والأمن الغذائي.

وقد اتّبعت البلدان العربية، في السنوات الأخيرة، مسارات مختلفة للحفاظ على الأمن الغذائي. لكنّ تقدمها قد تبدّده الأزمات المتعددة التي ضربت المنطقة منذ عام 2020، فتكون النتيجة ظهور أوجه جديدة من عدم المساواة وتفاقم الأوجه القائمة. يشتمل هذا الفصل على تحليل لاتجاهات الأمن الغذائي بين عامي 2000 و2020، يليه تقييم لمختلف الصدمات الاقتصادية والسياسية والبيئية التي تعرّضت لها البلدان العربية في الفترة 2020-2022. ولا بد، هنا، من الإشارة إلى أنّ البيانات المتعلقة بالأمن الغذائي في هذه البلدان محدودة نسبياً. ويعرض الفصل أيضاً بيانات أولية عن عدم المساواة في تداعيات الصدمات على مختلف الفئات السكانية، ويبحث في كيفية تأثير الصدمات على نواتج الأمن الغذائي. وأُجري في الفصل أيضاً تحليلٌ لعدم المساواة في أنماط استهلاك الأغذية استناداً إلى دراسات حالات استُخدمت فيها المسوحات الصحية والديمغرافية، وكذلك مسوحات لإنفاق الأسر واستهلاكها.

باء. اتجاهات الأمن الغذائي في المنطقة العربية 2000-2020

اتّبعت البلدان العربية مسارات مختلفة للحفاظ على أمنها الغذائي على مدى العقدين الماضيين، واقترب بعضها من تحقيق هدف القضاء على الجوع للجميع، وبقيت الأوضاع على حالها في بعضها الآخر، وتدهورت في بلدان أخرى.

والجوع أحد أقسى أشكال عدم المساواة، ولا يزال تحدياً ماثلاً أمام المنطقة، ويقاس غالباً بمعدلات انتشار النقص التغذوي. ويعرَّف النقص التغذوي بأنه النسبة المئوية من السكان الذين لا يغطي استهلاكهم الغذائي المعتاد احتياجاتهم من الطاقة والتغذية. وكما هو مبين في الشكل 26، كان معدل انتشار النقص التغذوي مرتفعاً في معظم أقل البلدان نمواً في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، مع بعض التحسّن خلال السنوات العشرين الماضية. وحققت جيبوتي تقدماً كبيراً، فانخفض فيها المعدل، من أكثر من 40 في المائة في عام 2000 إلى 13.5 في المائة في عام 2020. وغالباً ما تفتقر البلدان التي تشهد نزاعات إلى بيانات موثوقة لتقييم حالة الأمن الغذائي، لكنّ منظمات المساعدة الإنسانية تشير إلى تدهور سريع في أوقات تصعيد العنف. وفي اليمن، دفع استمرار الصراع مستوى النقص التغذوي إلى زيادة حادة على مدى السنوات العشر الماضية، فبلغ معدل انتشار النقص التغذوي 41.4 في المائة بحلول عام 2020. أما في بلدان مجلس التعاون الخليجي والبلدان المتوسطة الدخل، فقد تراوحت معدلات انتشار النقص التغذوي بين المنخفضة إلى المتوسطة، وسجلت في السنوات الأخيرة بعض الزيادات في الأردن وفي لبنان، ولا سيما بين اللاجئين.


الشكل 26 . اتجاهات معدل انتشار النقص التغذوي حسب مجموعة البلدان، 2001 - 2020



المصدر: قاعدة البيانات الإحصائية الموضوعية في منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة

ويُستكمَل التحليل القائم على معدل انتشار النقص التغذوي بتصوّرات السكان لانعدام الأمن الغذائي، التي تقاس غالباً بمقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي، وهو مؤشر يلتقط التغييرات في أوضاع الأمن الغذائي بسرعة أكبر من معدل انتشار النقص التغذوي. وتُظهر البيانات المتاحة عن بعض البلدان العربية لعام 2015 مستويات منخفضة من انعدام الأمن الغذائي في بلدان مجلس التعاون الخليجي، ومعدلات إما مرتفعة أو متزايدة في البلدان التي تشهد صراعات وفي أقل البلدان نمواً. وتشهد البلدان المتوسطة الدخل اتجاهات متباينة، فينحو انعدام الأمن الغذائي إلى الانخفاض في الجزائر ومصر، وإلى التزايد في الأردن وتونس ولبنان والمغرب.


الشكل 27 . اتجاهات مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي حسب مجموعة البلدان، 2015 - 2020



المصدر: قاعدة البيانات الإحصائية الموضوعية في منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة

وقد تزايدت معدلات السمنة في جميع البلدان التي تتوافر فيها البيانات، ما يشير إلى تغييرات في النُظم الغذائية التقليدية، ونقص في الوعي بالممارسات الغذائية الصحية. ولا تزال مستويات السمنة منخفضة، عموماً، في أقل البلدان نمواً، ومرتفعة ارتفاعاً مطّرداً في بلدان مجلس التعاون الخليجي والبلدان المتوسطة الدخل. وسُجِّلت في البلدان التي تشهد صراعات، مثل الجمهورية العربية السورية والعراق وليبيا واليمن، زيادات في معدلات السمنة خلال السنوات الأخيرة.


الشكل 28 . اتجاهات معدل انتشار السمنة حسب مجموعة البلدان، 2000 - 2020



المصدر: منظمة الصحة العالمية

جيم. تضافر أزمات متعددة 2020 - 2022


منذ عام 2020، أثرت سلسلة من الصدمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والبيئية، العالمية والوطنية، على بلدان عديدة في المنطقة العربية، فهددت بتبديد ما تحقق من تقدم في الأمن الغذائي على مدى العقود الماضية، وزادت من عدم المساواة. وفي بعض الحالات، أثرت أزمات متداخلة متعددة على البلد نفسه، ما أوهن منعته وعمّق أوجه عدم المساواة فيه. وتشعل الأزمات المتعددة بعضها بعضاً، إذ تقوّض المنعة، وتجتمع آثار الأزمات المتداخلة لتوقع في المجتمع آثاراً أشدّ بكثير مما تفعل أزمة واحدة بحد ذاتها في أي وقت معيّن.

img


انفجار المرفأ في لبنان

وقع، في آب/أغسطس 2020 ، في لبنان أقوى انفجار غير نووي في التاريخ، وتسبّب في مقتل أكثر من 200 شخص، وبأضرار بقيمة 15 مليار دولار، وبحرمان حوالي 300,000 شخص من المأوى. وطال الدمار نحو 77,000 منزل وثلاثة مستشفيات. وأطلق الانفجار إلى البيئة غازات قد تكون خطرة، ولا سيما غاز الأمونيا وأكسيدات النيتروجين. وقد أعلنت حكومة البلد حالة الطوارئ لمدة أسبوعين بعد الانفجار، ووقعت خلال تلك الفترة اضطرابات اجتماعية واحتجاجات واسعة النطاق.


وضربت الأزمات السياسية والصراعات بلداناً عدة في المنطقة بين عامي 2020 و 2022، فأوقعت خسائر في الأرواح، ودماراً في البنى الأساسية، وأجبرت أعداداً كبيرة من السكان على النزوح. ومنذ عام 2011، تعاني الجمهورية العربية السورية من دمار وتهجير غير مسبوقين، ويمرّ اليمن بصراع مرير واسع النطاق. وفي ليبيا، لا تزال التوترات السياسية حادة بعد 12 عاماً من اندلاع الصراع. واستمرّ العنف المسلّح وعدم الاستقرار السياسي في الصومال عقوداً من الزمن. وعلى الرغم من أن العراق خرج من دائرة الصراع، يعيق انعدام الأمن والنزوح وتضرر المساكن سُبُل عيش السكان. أما دولة فلسطين، فتعاني من آثار أطول احتلال عسكري في التاريخ الحديث.


المجاعة في الصومال

تُعلَن حالة مجاعة في بلد عندما تصل حالة انعدام الأمن الغذائي فيه إلى مستويات بالغة الشدة: إذا عانى 30 في المائة من الأطفال من الهزال؛ وواجه 20 في المائة من السكان نقصاً شديداً في الغذاء؛ وسُجلت حالتا وفاة مرتبطتان بالجوع لكل 10,000 شخص يومياً. وقد اعتُمِد هذا التعريف في أعقاب حالة الطوارئ الإنسانية التي وقعت في الصومال في عام 2011 بسبب الجفاف، وأودت بأرواح حوالي 260,000 شخص، نصفهم من الأطفال.

المصدر: The United Nations Convention to Combat Desertification (UNCCD), National Voluntary Land .Degradation Neutrality Targets, 2020


ويعاني الصومال من أزمة إنسانية خطيرة بسبب الجفاف المديد، وغزو الجراد، والصراع المستمر، والظروف الاقتصادية الضعيفة. ولا تزال التوترات السياسية والعنف مستمرين بعد ثلاثة عقود من الصراع. وسُجِّلت في البلد 7,966 حادثة عنف خلال الفترة 2020-2022 . وقد تسبّب تأجيل الانتخابات في عام 2021 في إيقاف مؤقت للمساعدات الدولية، ما ضغط على السيولة، وأدى اشتعال أعمال العنف في نيسان/أبريل 2021 إلى نزوح ما بين 60,000 و100,000 شخص. وكان عدد الضحايا المدنيين في عام 2022 هو أعلى ما سُجّل منذ عام 2017. وتشير التقديرات إلى مقتل 613 مدنياً وإصابة 948 آخرين بين كانون الثاني/يناير وتشرين الثاني/نوفمبر 2022، ووقع الضحايا، غالباً، بسبب عبوات ناسفة نُسبَت إلى جماعة «الشباب» المسلّحة.

الجدول 2. تصنيف الصدمات التي تعرّضت لها بلدان المنطقة
الزلزال في شمال سوريا

في شباط/فبراير 2023 ، ضرب زلزالان، بقوة 7.8 و 7.6 درجة على مقياس ريختر، الجمهورية العربية السورية وتركيا. وأصاب الزلزالان ما لا يقل عن 8.8 مليون شخص بالأضرار، وحصدا أرواح 5,791 شخصاً في الجمهورية العربية السورية وحدها.

قبل الزلزال، كانت الجمهورية العربية السورية قد شهدت صراعاً دام أكثر من عقد من الزمن، ما أضعف البنى الأساسية فيها، ودفع أعداداً كبيرة من السكان نحو الهشاشة، بما في ذلك 6.8 مليون نازح. وفي شمال غرب البلد، كان أكثر من 90 في المائة من السكان يعتمدون على المساعدات الإنسانية قبل وقوع الزلزال، ولم تتوفر لهم إلا أدنى وسائل استيعاب حالات الطوارئ. وبعد الكارثة، تأخرت المساعدات، رغم الحاجة الماسّة إليها، بسبب محدودية التدابير التي اتخذتها الحكومة للاستجابة، ونقص المعدات والوقود لتنفيذ عمليات الإنقاذ، وسوء الأحوال الجوية. وعسّر الصراع المستمر الوصول إلى السكان في بعض المناطق، ما حال دون تقييم الأضرار وإرسال المساعدات.

وتشير التقديرات إلى أنّ أكثر من 5 ملايين شخص في الجمهورية العربية السورية قد نزحوا بسبب الزلزال وأنّ 100,000 ظلوا من دون مأوى في حلب وحدها. وكانت آثار الزلزال أشدّ وطأة على النساء والأطفال، فأشارت التقديرات الأولية إلى تأثر ما يقرب من مليون امرأة في سن الإنجاب، منهن 148,000 امرأة حامل في لحظة وقوع الزلزال، يُتوقع لحوالي 30,000 منهن أن يلدن خلال الأشهر الثلاثة التالية. وطالت أضرار الزلزال بنى أساسية حيوية، مثل المستشفيات وخزانات المياه، علاوة على 239 مدرسة.

المصدر: المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، Available here.

دال. عدم المساواة في تأثر الأمن الغذائي بالأزمات المتعددة

تأثر الأمن الغذائي بشدة بالأزمات التي شهدتها المنطقة على مدى السنوات الثلاث الماضية.

  • في لبنان

    كان 1.98 مليوناً من المواطنين اللبنانيين واللاجئين السوريين في حاجة ماسة إلى العمل الإنساني بسبب درجة حادة من انعدام الأمن الغذائي بين أيلول/سبتمبر وكانون الأول/ديسمبر 2022. وتشير التقديرات إلى أن أوضاع 306,000 من هؤلاء المحتاجين كانت قد بلغت درجات الطوارئ. وانتشر انعدام الأمن الغذائي بشكل خاص بين اللاجئين السوريين، حيث كان 46 في المائة من السكان في مرحلة الأزمة أو أشدّ. وقد تأثرت المجتمعات الريفية بشكل خاص، حيث ذكرت 95 في المائة من الأسر المزارعة التي تمت مقابلتها أنها ستحتاج إلى مساعدة إنسانية خلال 3 إلى 6 أشهر مقبلة.

  • وفي الصومال

    عانى 5.6 مليون شخص من مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي بين تشرين الأول/أكتوبر وكانون الأول/ديسمبر 2022. وصُنف من بينهم 1.5 مليون شخص على أنهم في مرحلة الطوارئ. ووقعت أضرار غير متناسبة على بعض الفئات السكانية، مثل المجتمعات الزراعية الرعوية في مقاطعتي بيدوا وبورهاكابا، والنازحين في بلدة بيدوا ومدينة مقديشو. وأشار تقييم على صعيد البلد أُجري في آب/أغسطس 2022 إلى أنّ 1.8 مليون طفل يواجهون سوء التغذية الحاد، بما في ذلك 513,550 طفلاً يعانون من سوء التغذية بدرجة شديدة.

  • وفي اليمن

    واجه 17 مليون شخص، أي أكثر من نصف سكان البلد، درجة حادة من انعدام الأمن الغذائي بين تشرين الأول/أكتوبر وكانون الأول/ديسمبر 2022. ومن بين هؤلاء، تم تصنيف 6.1 مليون شخص على أنهم في مرحلة الطوارئ. واليمن هو من أشدّ بلدان العالم معاناة من انعدام الأمن الغذائي، وتحدق بمعيشة الملايين من سكانه الصراعات والظواهر الجوية الشديدة ومستويات التضخم المرتفعة.

  • وفي السودان

    كان 9.6 مليون شخص يعانون من درجة حادة من انعدام الأمن الغذائي بين نيسان/أبريل وأيار/مايو 2022، بما في ذلك 2.3 مليون شخص بلغوا مرحلة الطوارئ. وقد تدهور الأمن الغذائي خلال عام 2022؛ ومن المتوقع أن ترتفع نسبة السكان الذين بلغ مستوى انعدام الأمن الغذائي لديهم مرحلة الأزمة، من 13 في المائة بين تشرين الأول/أكتوبر 2021 وشباط/فبراير 2022 إلى 24 في المائة بين حزيران/يونيو وأيلول/سبتمبر 2022، ما يعني أن مليوني شخص إضافي باتوا مهددين بدرجة حادة من انعدام الأمن الغذائي. وقد تأثرت مناطق شمال وغرب ووسط دارفور والخرطوم وكسلا والنيل الأبيض بشكل خاص.

هاء. دراسات حالات البلدان

1. مصر

بلغ عدد سكان مصر حوالي 104 ملايين نسمة في عام 2022 ، ما يعني أن البلد هو الأكثر اكتظاظاً بالسكان في المنطقة العربية. وقد تزايد انتشار الفقر وعدم المساواة وانعدام الأمن الغذائي في مصر على مدى العقد الماضي. فارتفعت معدلات الفقر، بين عامي 2010 و2020، من 34 في المائة إلى 36 في المائة. واتّسعت فجوات عدم المساواة؛ ففي عام 2021، أصبحت حصة أعلى 1 في المائة على سلّم الدخل أعلى بنحو 13 في المائة عما كانت عليه في عام 1990، مقابل انخفاض بنسبة 9 في المائة لأدنى 50 في المائة على سلّم الدخل خلال الفترة نفسها.

يتيح بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك في الأسرة الذي أجرته الحكومة المصرية خلال الفترة 2019-2020 تحليل أوجه عدم المساواة في الإنفاق على الغذاء.

ومع أن الفوارق في الإنفاق على الغذاء أدنى بكثير مما هي عليه بالنسبة إلى الإنفاق العام، فهي إجمالاً لا تزال كبيرة. وفي عام 2020، زاد إنفاق الفئة الأكثر ثراءً على الغذاء بأكثر من خمسة أضعاف. وكانت التفاوتات الأكبر في الإنفاق على الفاكهة والأسماك واللحوم، حيث يزيد إنفاق الفئات الأكثر ثراءً بـ 6.5-8.5 أضعاف على إنفاق الفقراء. ومتوسط المبلغ الذي ينفقه الأثرياء على اللحوم أعلى من مجموع إنفاق العديد من الأسر الفقيرة، بما في ذلك على تكاليف الرعاية الصحية والتعليم والإيجار.

وعلى الرغم من أن إنفاق الفقراء على الغذاء أقل، بالأرقام المطلقة، من إنفاق الأغنياء، فهو يمثل 41 في المائة من ميزانية الأسر الفقيرة، مقارنة بنسبة 13 في المائة فقط من ميزانية الأسر الغنية.


الشكل 30 . فئات الإنفاق على الغذاء حسب الفئات السكانية، 2019 - 2020

المصدر: حسابات الإسكوا استناداً إلى بيانات من بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك في الأسرة

الجدول 3. نسبة الميزانية الغذائية المنفقة على كل مجموعة غذائية حسب إجمالي الاستهلاك السنوي للأسرة (النسبة المئوية)
table-3

المصدر: حسابات الإسكوا استناداً إلى بيانات من بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك في الأسرة

2. دولة فلسطين

ونتيجة لهذه الظروف، ترتفع في دولة فلسطين معدلات عدم المساواة والبطالة والفقر وانعدام الأمن الغذائي، ويحتاج فيها 2.1 مليون شخص، نصفهم من الأطفال، إلى المساعدات الإنسانية. وفي عام 2022، أثّر الفقر على 26.6 في المائة من الفلسطينيين، مع معدلات مماثلة من انعدام الأمن الغذائي (28.7 في المائة في عام 2020)، ومعدلات أعلى من فقر الدم بين النساء في سن الإنجاب (31 في المائة في عام 2019). ولكن ثمة أوجه كثيرة لعدم المساواة بين مختلف الفئات السكانية. ففي عام 2021، استحوذ أغنى 10 في المائة من سكان دولة فلسطين على 66 في المائة من الثروة، ولم تتجاوز حصة أفقر 50 في المائة 3.3 في المائة من الموارد. وسكان قطاع غزة، والأسر من المجتمعات المحلية البدوية – واللاجئون هم من بين أفقر سكان دولة فلسطين وأشدّهم تعرّضاً لمخاطر انعدام الأمن الغذائي.

وبعد تصنيف الأسر وفقاً لإجمالي نصيب الفرد من الاستهلاك، يلاحَظ أنّ استهلاك الشريحة العشرية الأغنى زاد في عام 2017 بنحو 13 ضعفاً على استهلاك الشريحة العشرية الأفقر. أما في تصنيف الإنفاق على الغذاء، فقد زاد إنفاق الأغنياء على إنفاق الذين يعيشون تحت ظل الفقر بنحو 7.6 أضعاف، ولوحظت التفاوتات الأكبر في المشروبات غير الكحولية (أكثر بـ 14.2 مرة)، وعلى المطاعم (أكثر بـ 13 مرة) وعلى اللحوم (أكثر بـ 11.4 مرة).


الشكل 32 . نصيب الفرد من الإنفاق على الغذاء في عام 2017 لأعلى وأدنى شريحة عشرية من السكان حسب إجمالي الإنفاق

المصدر: إعداد الإسكوا استناداً إلى مسح إنفاق واستهلاك الأسرة في دولة فلسطين لسنة 2016-2017.

تبرز أوجه صارخة من عدم المساواة في الفقر والأمن الغذائي في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة. غير أنّ معدلات الفقر في قطاع غزة تزيد بأربعة أضعاف على ما هي عليه في الضفة الغربية، ويعيش في القطاع 90 في المائة من الفلسطينيين الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي. وتبين من مسح أجراه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في عام 2022 أنّ معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي بلغ في قطاع غزة 42.4 في المائة مقارنة بمعدل 9.68 في المائة في الضفة الغربية. وقد خفّضت 19 في المائة من الأسر في قطاع غزة من استهلاكها للتعامل مع نقص الغذاء، وذلك مقارنة بحوالي 4.4 في المائة من الأسر في الضفة الغربية.


الشكل 33. نصيب الفرد من الإنفاق حسب الموقع الجغرافي

المصدر: حسابات الإسكوا استناداً إلى مسح إنفاق واستهلاك الأسرة في دولة فلسطين، 2016-2017

الجدول 6. نسبة الميزانية الغذائية المنفقة على كل مجموعة غذائية وفقاً للمنطقة الجغرافية (النسبة المئوية)
table-3

المصدر: حسابات الإسكوا استناداً إلى مسح إنفاق واستهلاك الأسرة في دولة فلسطين لسنة 2016-2017

3. موريتانيا

موريتانيا هي من بين أكثر البلدان صحراوية وأقلها كثافة بالسكان في المنطقة العربية. ويمرّ البلد الآن بمرحلة انتقالية، من مجتمع رعوي تقليدي إلى توسّع حضري سريع. وانخفضت معدلات الفقر في موريتانيا من 38.3 في المائة في عام 2010 إلى 33.6 في المائة في عام 2022 ، ويرجع ذلك بالدرجة الأولى إلى زيادة الإنتاجية الزراعية في المناطق الريفية، وهجرة جزء من فقراء المناطق الريفية إلى العاصمة نواكشوط، وزيادة صادرات التعدين ومصائد الأسماك. وعلى الرغم من منحى التقدم هذا، لا يزال الوصول إلى البنى الأساسية في البلد منخفضاً، وكذلك إلى مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي والكهرباء، ولا تزال مستويات التعليم متدنية. ويتركز الفقر المزمن، غالباً، في المناطق الريفية وفي الجنوب، ولا سيما في كيدي ماغا وكوركول. ومعدلات عدم المساواة في الثروة في موريتانيا مرتفعة، إلا أنها أقل مما هي عليه في العديد من البلدان الأخرى في المنطقة. ففي عام 2021، كان أغنى 10 في المائة يستحوذون على 57.8 في المائة من ثروة البلد، بينما يمتلك أفقر 50 في المائة 4.9 في المائة من هذه الثروة.

يُظهر المسح الديمغرافي والصحي للفترة 2019-2021 في موريتانيا مستويات مقلقة من المشاكل الصحية المرتبطة بانعدام الأمن الغذائي بين النساء والأطفال. ويكشف التحليل أنّ الثروة ومستوى التعليم والموقع الجغرافي ترتبط بقضايا صحية محددة. وتشير التقديرات إلى أنّ أكثر من نصف النساء يعانين من نقص الحديد بينما يعاني طفل من كل أربعة من التقزم. وثمة تفاوتات كبيرة من حيث حالات المشاكل الصحية بين مختلف الفئات السكانية. وتتزايد معدلات فقر الدم بين النساء والتقزم والهزال بين الأطفال لدى سكان المناطق الريفية والأسر المعيشية الفقيرة والسكان الأقل تعليماً. والسمنة أكثر انتشاراً بين النساء ذوات المستويات الأعلى من الثروة والتعليم، وبين سكان المناطق الحضرية.


الشكل 34. الاختلافات في مدى انتشار المشاكل المتعلقة بانعدام الأمن الغذائي في المناطق الريفية والحضرية

المصدر: إعداد الإسكوا باستخدام بيانات من المسح الديمغرافي والصحي في موريتانيا للفترة 2017-2019

وينتشر فقر الدم بين النساء في جميع أنحاء البلد، ويزيد عدد المصابات به على نصف النساء في سن الإنجاب (56 في المائة)، وهو أعلى حتى من المتوسط الإقليمي المرتفع (الذي بلغ 33.2 في المائة في عام 2019). والفوارق في انتشار فقر الدم بين النساء كبيرة بين الخمس الأفقر (بمعدل 68.9 في المائة) والخمس الأغنى (45 في المائة)، وبين الأسر المعيشية التي تعيش في كيدي ماغا (66.1 في المائة) وكوركول (65 في المائة) حيث تقطن بعض أفقر أسر البلد، وبين الأسر المعيشية التي تعيش في المناطق الأكثر ثراء، مثل منطقتي تيرس زمور وإينشيري (32.8 في المائة). وعلى نحو مماثل، ترتفع معدلات فقر الدم بين النساء اللواتي يعشن في المناطق الريفية (61.4 في المائة) مقارنة بالنساء اللواتي يعشن في المناطق الحضرية (50.6 في المائة).


الجدول 7. الشريحة الخمسية للثروة (النسبة المئوية)
table-3

المصدر: إعداد الإسكوا باستخدام بيانات من المسح الديمغرافي والصحي في موريتانيا للفترة 2017-2019

4. العراق

يشير أحدث مسح عنقودي متعدد المؤشرات أُجري في عام 2018 إلى انتشار نقص تغذية الأطفال في العراق وبين مختلف الفئات السكانية. وتأتي معدلات التقزم والهزال لدى الأطفال ضمن الحدود التي تعتبرها منظمة الصحة العالمية منخفضة (9.9 في المائة و2.5 في المائة على التوالي). إلا أنّ أوزان 2.9 في المائة من الأطفال منخفضة للغاية مقارنة بأعمارهم، وبالمقابل يعاني 6.6 في المائة من الأطفال من زيادة الوزن. وهناك تباينات كبيرة في هذه المعدلات، تبعاً للموقع الجغرافي ومستوى تعليم الأم وثروة الأسرة.

وعند مقارنة المؤشرات الصحية بين المناطق الحضرية والريفية، تظهر اختلافات كبيرة في انتشار التقزم والهزال بين الأطفال، ولكن تُسجَّل في المناطق الحضرية معدلات أكبر لزيادة الوزن بين الأطفال؛ فيعاني 7 في المائة من الأطفال الذين يعيشون في المناطق الحضرية من زيادة الوزن، مقارنة بنسبة 5.9 في المائة من الأطفال في المناطق الريفية.

وبتحليل أوجه القصور في تغذية الأطفال، مصنفةً حسب ثروة الأسرة المعيشية، يلاحَظ أنّ معدلات تقزم الأطفال بين الأسر الفقيرة هي أعلى مما هي عليه بين الأسر الأكثر ثراء. ويبلغ معدل انتشار التقزم بين الأطفال في الشريحة الخمسية الأدنى للثروة 12.9 في المائة مقارنة بنسبة 6.5 في المائة في الشريحة الخمسية الأعلى. وترتفع نسبة التقزم بين أطفال الأمهات اللواتي لم يحصلن على أي تعليم رسمي لتبلغ 14.4 في المائة، مقارنة بنسبة 6.9 في المائة بين أطفال الأمهات اللواتي حصلن على تعليم ثانوي أعلى. غير أنّ هزال الأطفال والوزن الزائد لا يرتبطان بشكل واضح بفئة الثروة أو بمستوى تعليم الأم.


الشكل 35. الاختلافات في معدلات انتشار تقزم الأطفال حسب الشريحة الخمسية للثروة

المصدر: إعداد الإسكوا باستخدام بيانات من المسح العنقودي المتعدد المؤشرات في العراق لعام 2018

4. حلول في السياسات العامة

الرسائل الرئيسية


img

يتطلب الحد من عدم المساواة مجموعة متكاملة من السياسات العامة.

img

يتطلب الحد من عدم المساواة في الأمن الغذائي نهجاً بمحاور ثلاثة: تحقيق الأثر الملموس، ونشر روح التضامن، واكتساب المصداقية والثقة.

img

لا بد من إيلاء الأولوية لتوفير المساعدة الإنمائية والإنسانية الفورية، من دون اعتبارات سياسية، للتأكد من عدم معاناة أحد من انعدام الأمن الغذائي.

img

ينبغي إنشاء صندوق تضامني في المنطقة يساهم في تقاسم المسؤولية بين الأغنياء والذين يعيشون تحت ظل الفقر.

img

ينبغي أن تتيح إعادة توزيع الإيرادات تمويل نُظُم الحماية الاجتماعية، وينبغي تصميم هذه النُظُم بحيث تكسر حلقة توارث أوجه عدم المساواة بين الأجيال عبر إتاحة الأصول والتعليم والمهارات والفرص.

img

قد تقلّل استراتيجيات التغذية الوطنية من حالات النقص أو الإفراط في التغذية وتزيد وعي السكان بالممارسات الصحية المتعلقة بتناول الطعام وممارسة الرياضة.

img

التنمية الزراعية والتنمية الريفية تسيران يداً بيد.

img

تشمل تدابير الحماية من تنامي تداعيات تغيُّر المناخ: إنشاء أنظمة للإنذار المبكر ووحدات لإدارة الكوارث، وتعميم اعتبارات التخفيف من تغيُّر المناخ والتكيف معه.

img


لا يكفي النمو الاقتصادي وحده لتحقيق الأمن الغذائي. وفي غياب سياسات عامة ترتكز على حلول متكاملة، قد تتسبّب ديناميات عدم المساواة في ترسيخ الفقر وانعدام الأمن الغذائي بين الفئات السكانية التي تعيش في أوضاع هشّة.

ألف. مقدمـة

إذا ما أُخِذ منظور عدم المساواة في الاعتبار أثناء معالجة قضايا الأمن الغذائي، يفضي ذلك إلى سياسات تنشد تأمين نظام غذائي صحي مستدام وفي متناول جميع الأفراد في المجتمع، بغض النظر عن نوع الجنس، أو الوضع الاجتماعي والاقتصادي، أو الموقع الجغرافي. ولا يكفي النمو الاقتصادي وحده للحد من عدم المساواة وضمان الأمن الغذائي، فالنمو الاقتصادي الذي لا يعمُّ جميع السكان يوسّع هوة عدم المساواة. فعلى سبيل المثال، تهدد منظومة تجارة الأغذية المدفوعة بالربح الأمن الغذائي للذين يعيشون أوضاعاً هشّة، ولا سيما صغار المزارعين والعاملين في مجال النقل وتجار الجملة والتجزئة والبائعين والعاملين في سلاسل الإمداد، علاوة على المستهلكين.

عتمد هذا الفصل، كما هو موضح في الشكل 37، على نهج مجموعة باثفايندرز الثلاثي المحاور لنجاح السياسات الرامية إلى الحد من عدم المساواة، وهذه المحاور الثلاثة هي: (أ) تحقيق الأثر الملموس؛ (ب) ونشر روح التضامن؛ (ج) واكتساب المصداقية والثقة. ويتطلب تحقيق الأثر الملموس سياسات تتناول المجالات التي تحقق فارقاً بيّناً ومادياً في حياة الناس اليومية، وتعالج القضايا المهمَلة.


الشكل 37. نهج ثلاثي المحاور لسياسات الحد من عدم المساواة

figure-37

المصدر: مجموعة باثفايندرز، من الأقوال إلى الأفعال: تحقيق المساواة والشمول، 2021

أجرت الإسكوا استطلاعاً للرأي بشأن الأمن الغذائي، ركزت فيه على دور الحكومات في مكافحة ارتفاع أسعار الأغذية. وكما يبين الشكل 38 ، يعتقد المجيبون، بمعظمهم، أنّ الحكومات ينبغي أن تتحكّم بأسعار الأغذية وأن تزيد الإنتاج المحلي للأغذية.


الشكل 38. تصورات السكان بشأن حلول السياسات العامة التي على الحكومات اتّباعها لمعالجة الزيادات الأخيرة في أسعار المواد الغذائية

المصدر: نتائج استطلاع للرأي على الإنترنت وضعته الإسكوا

باء. تعزيز توفر الغذاء

تركز الحلول الموصى بها من أجل تعزيز توفر الغذاء على حلّين يتعلقان بدعم القطاع الزراعي وتيسير تجارة الأغذية.

1. دعم القطاع الزراعي

(أ) تحقيق الأثر الملموس
  1. توفير خدمات الإرشاد الزراعي والخدمات الاستشارية للمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة: تؤدي خدمات الإرشاد دوراً حاسماً في تحسين إنتاجية المزارعين الذين يعيشون تحت ظل الهشاشة أو في المناطق النائية، ولذلك ينبغي الاهتمام بهذه الخدمات، وتقديمها بدعم من المنظمات الشعبية والتعاونيات الريفية.
  2. دعم التعاونيات الزراعية: تتصدى التعاونيات الزراعية لعدم المساواة من خلال تمكين المزارعين من تقاسم المخاطر، وخفض تكاليف المدخلات والنقل، وتبادل أفضل الممارسات، والحد من دور الوسطاء، وتوسعة آفاق الوصول إلى الأسواق، وصولاً إلى زيادة ما تحققه المزارع من أرباح.
  3. اعتماد التكنولوجيا المبتكرة لتعزيز الإنتاجية الزراعية: قد تُحدِث التكنولوجيات والممارسات الزراعية المناسبة تحوّلاً إيجابياً في القطاع الزراعي، وتزيد الإنتاجية مع خفض الخسائر والتكاليف.
  4. تمويل تقنيات الري الذكية: قد تدعم تقنيات الري الذكية التكيف مع تغيُّر المناخ وتعزز منعة النُظُم الإيكولوجية.
  5. تحقيق الإمكانات القصوى للزراعة البعلية: ينطوي إنشاء نُظُم الزراعة المروية وصيانتها على تكاليف باهظة؛ وبالمقابل، تُعَدّ أنظمة الزراعة البعلية حلاً أفضل لزيادة إنتاج الغذاء بطريقة ميسورة التكلفة.
(ب) نشر روح التضامن

دعم المبادرات الزراعية للشباب: يفضل الشباب عموماً التكنولوجيات والممارسات الحديثة في مختلف مراحل سلسلة القيمة الزراعية، ما قد يساهم في إنعاش النُظُم الزراعية، وزيادة الإنتاجية، وتعزيز الأمن الغذائي. وقد يُحدث دعم المبادرات الزراعية للشباب تغييرات إيجابية في الأمن الغذائي، علاوة على أنه يزيد من تمكين هذه الفئة العمرية التي تعاني من أوجه متداخلة لعدم المساواة. وينبغي تقديم هذا الدعم مع التركيز على تخطي الحواجز الرئيسية التي تعوق الشباب عن الحصول على الأراضي والتمويل وتنمية المهارات. ويواجه الشباب تحديات اجتماعية واقتصادية وسياسية وبيئية خطيرة، تشتدّ وطأتها خاصة في المناطق الريفية وفي قطاع الزراعة، وقد ورثوا العديد من هذه التحديات من الأجيال السابقة.

ويتعين على الحكومات والجهات المانحة تنفيذ برامج لبناء القدرات وزيادة الوعي لدعم الشباب، وسنّ سياسات تعزز حقوقهم وتشجعهم على حيازة الأراضي، وتقديم برامج تدريب على تنمية المشاريع ومحو الأمية المالية وإنشاء المشاريع المربحة والمستدامة. وتبرز أيضاً الحاجة إلى تمكين المزارعين من الوصول إلى مدارس التدريب أو برامج لتنمية المهارات بين الشباب.

(ج) اكتساب المصداقية
  1. التأكد من فعالية الاستثمار العام في الزراعة: من المهم التأكد من وصول الاستثمارات الزراعية العامة إلى المزارعين وأصحاب المصلحة الأشدّ هشاشة، ومن أنّ هذه الاستثمارات تساعد على الحد من عدم المساواة في النُظُم الغذائية.
  2. معالجة فقدان الأغذية وهدرها: ؤثر فقدان الأغذية وهدرها على النظام الغذائي بأكمله، حيث يؤديان إلى إهدار الموارد الطبيعية وزيادة آثار تغيُّر المناخ، ويؤثران كذلك على الأمن الغذائي، حيث تقل كميات الأغذية المتوفرة وتتزايد تكلفتها، ما يمعن في تفاقم أوجه عدم المساواة.

2. تيسير تجارة الأغذية

(أ) تحقيق الأثر الملموس
  1. ضمان معاملة تفضيلية للسلع القابلة للتلف: إن السلع القابلة للتلف، وبحكم عمرها الافتراضي القصير، مهددة بشدة إذا ما وقع تأخير في العمليات التجارية أو الجمركية.
  2. دعم إجراءات اختبار سريعة وموثوقة للتجارة الزراعية: تؤدي أوجه القصور في سلاسل الإمداد الزراعية، مثل تعدد اختبارات الأغذية، والتأخر في إنجازها، وتدابير السلامة الصارمة، إلى خسائر في مداخيل المزارعين والتجار، وخاصة من هم الأصغر حجماً والأشدّ فقراً الذين قد يكون وصولهم محدوداً إلى خيارات التخزين الآمنة.
(ب) نشر روح التضامن

تعزيز التكامل التجاري الإقليمي: قد يحقق التكامل التجاري الإقليمي مكاسبَ اقتصادية كبيرة من خلال توسيع الأسواق، ودمج سلاسل الإمدادات الغذائية، وزيادة القدرة التنافسية للمنطقة العربية ككل. ويجب أن تكون إحدى أولويات التكامل هي إصلاح التدابير غير الجمركية ومواءمة الأطر التنظيمية؛ ومن الأمثلة على ذلك اللوائح التنظيمية للصحة النباتية والأحكام الفنية، والاختبارات وإصدار الشهادات، واعتماد إطار عربي مشترك للممارسات الزراعية الجيدة.

وعلى الحكومات أن تشجع تطوير برنامج إقليمي للتنمية الزراعية يمكن بموجبه للبلدان التي تعاني من ندرة المياه أو تلك التي تقل فيها الأراضي الصالحة للزراعة أن تستثمر في البلدان العربية التي تتمتع بوفرة من الأراضي والمياه من أجل زيادة الإمدادات الغذائية على المستوى الإقليمي. ولا بد من تنظيم تدفقات الاستثمار بحيث تحقق أقصى قدر من المكاسب الاقتصادية والاجتماعية، مع الحد من المخاطر على البلدان المستثمرة والبلدان المتلقية. وقد يكون التكامل التجاري الإقليمي عاملاً في تعزيز السلام والأمن، مع أنّ هذا ليس الغرض الأساسي منه، وإذا ما تحقق ذلك فسوف يحدّ بدرجة كبيرة من أوجه عدم المساواة.

(ج) اكتساب المصداقية

رقمنة الإجراءات التجارية والجمركية: ستؤدي رقمنة الإجراءات التجارية إلى تسريع التجارة الزراعية عبر الحدود، والحد من مخاطر الخطأ البشري، وتقليل فرص البحث عن الريع، وتشجيع التجارة الزراعية، ما يفيد، بالدرجة الأولى، صغار المزارعين والمستهلكين. وعلى وجه الخصوص، يمكن للمدفوعات الإلكترونية أن تخفّض من الوقت اللازم لإنجاز معاملات التخليص الجمركي ومن التكاليف الإدارية، وتضمن شفافية الإيرادات التجارية الحكومية.

وقد شهدت فترة جائحة كوفيد-19 مزيداً من التطور في أنظمة الدفع الإلكتروني من جراء الحاجة إلى تحفيز الاقتصادات غير النقدية. ولا بد للحكومات من توطيد ما تحقق من مكاسب التحوّل إلى الرقمنة، والحفاظ على زخمها. ويتطلب نجاح إجراءات الدفع الإلكتروني على المستوى الإقليمي قابليتها للتشغيل المتبادل عبر الحدود وبين مقدمي خدمات الدفع.

جيم. تحسين إمكانية الحصول على الغذاء

1. تحقيق الأثر الملموس

  • مراجعة برامج دعم الأغذية

    لا بد من مراجعة استخدام دعم الأغذية لضمان حصول أشدّ الفئات هشاشة على أغذية صحية وميسورة التكلفة. وفي السياق الاقتصادي الإقليمي والعالمي الحالي، تتزايد كلفة الدعم الشامل للأغذية، ولا سيما القمح. إلا أنّ برامج دعم الأغذية تشكّل شبكة أمان للذين يعيشون تحت ظل الفقر ولشرائح الطبقة المتوسطة الدنيا في المجتمع. وخلافاً لأنواع الدعم الأخرى، يصل الدعم الغذائي إلى السكان الفقراء المستهدفين، كما هو موضح في حالة مصر.

  • وضع نُظُم شاملة للحماية الاجتماعية

    ينبغي أن يكفل إصلاح الحماية الاجتماعية حصول الجميع على الخدمات الأساسية، بما في ذلك التأمين الاجتماعي ضد مخاطر دورة الحياة (اعتلال الصحة والشيخوخة) والبرامج الموجّهة للوصول إلى المساعدة الاجتماعية لمكافحة الفقر (الدخل الأساسي والخدمات الأخرى) التي ثبت أنها تحدّ من الفقر ومن عدم المساواة وتعزز الرفاه.

  • تقديم وجبات مدرسية مجانية لأطفال المدارس الذين يعيشون في ظروف الهشاشة

    تساعد الوجبات المدرسية المجانية على إبقاء الأطفال في المدرسة من خلال تخفيف عبء إطعام الأسر عن المعيلين، ما يحدّ من خطر تسرّب الأطفال من الدراسة للمساعدة في إعالة أسرهم. وفي أحيان كثيرة، قد تكون الوجبات المدرسية المجانية هي الوجبة المغذية الوحيدة التي يحصل عليها الأطفال من الأسر المحرومة، ولذا فهي تمثل عاملاً بالغ الأهمية في نمو الأطفال النفسي والاجتماعي. وترتبط الوجبات المدرسية المجانية بتحسّن النتائج التعليمية، فلا يقتصر نفعها على الأمن الغذائي المباشر، بل تساعد أيضاً على تحقيق المساواة بين الأجيال على المدى البعيد.

  • تنفيذ برامج التحويلات النقدية للحماية من انعدام الأمن الغذائي على المديين القصير والمتوسط

    تحمي التحويلات النقدية الموجّهة للفئات الهشّة من الحرمان الناجم عن الفقر وانعدام الأمن الغذائي، وهي ضرورية أثناء الأزمات مثل الكوارث الطبيعية والصراعات. ويقتضي نجاح نُظُم التحويلات النقدية أن تكون حسنةَ الاستهداف، وكبيرةً بما يكفي لتمكين المستفيدين من تلبية احتياجاتهم الأساسية، وسريعةَ الاستجابة بحيث يمكن توسيع نطاقها أو تقليصه بسرعة استجابةً للصدمات.

2. نشر روح التضامن

  • إنشاء صندوق ثروات تضامني إقليمي

    قد يخفّف صندوق ثروات تضامني عربي آثار الصدمات المتداخلة المتعددة في جميع أنحاء المنطقة العربية، مثل تلك الناجمة عن جائحة كوفيد-19، وصدمات أسعار الطاقة والغذاء الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، والزلزال الأخير في الجمهورية العربية السورية وتركيا. وقد يعمل الصندوق على معالجة عدم المساواة عبر استهداف الاحتياجات المحددة للفئات الأشدّ فقراً، بما في ذلك زيادة الفرص المتاحة للأسر المنخفضة الدخل. والتوقيت والحياد أمران حاسمان.

  • زيادة الاستثمار العام في التعليم إلى 15-20 في المائة من مجموع الإنفاق العام

    التعليم هو أكبر عامل للتمكين من الحراك الاجتماعي، وسيقطع الاستثمار في التعليم الجيد شوطاً طويلاً نحو الحد من أوجه عدم المساواة بين الأجيال. غير أنّ المنطقة العربية لا تزال، عموماً، بعيدة عن الوفاء بمبادئ إعلان إنشيون المتعلقة بالالتزام بالتعليم، التي تدعو البلدان إلى استثمار ما بين 4 و6 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي أو ما بين 15 و20 في المائة من إنفاقها العام على أنظمة التعليم الجيد.

3. اكتساب المصداقية

  • إطلاق نظام ضريبي وطني تصاعدي يركّز على الضرائب المباشرة

    من المرجح أن يكون انتشار انعدام الأمن الغذائي في البلدان التي ترتفع فيها معدلات عدم المساواة أكثر بثلاث مرات من البلدان التي تنخفض فيها هذه المعدلات. ومدى الفقر، الذي يرتبط غالباً بارتفاع عدم المساواة، هو، في أحيان كثيرة، العامل المحدد الأكبر لمدى النقص التغذوي الذي يواجه الفرد.

    السياسة المالية التقدمية ضرورية للتصدي لكل من عدم المساواة وانعدام الأمن الغذائي. والضرائب والتحويلات هي من أقوى الأدوات للحد من عدم المساواة، إذ تجبر أغنى الأفراد والشركات على دفع نصيبهم العادل من الضرائب.

  • تنسيق السياسات للحد من الازدواجية وعدم الكفاءة والنتائج المتناقضة

    من شأن الاتساق في التزامات الحد من انعدام الأمن الغذائي وعدم المساواة، من خلال تدخلات منسّقة، أن يبني ثقة الجمهور ويعزز التماسك الاجتماعي. ويمكن لتنسيق السياسات أن يزيد من كفاءتها، ويحدّ من خطر الازدواجية، ويحسّن فرص مكافحة انعدام الأمن الغذائي وعدم المساواة. وتبرز الحاجة إلى حلول متعددة تغطي مجموعة واسعة من القضايا والقطاعات، بما في ذلك الزراعة والتمويل والحماية الاجتماعية والصحة والتعليم والتجارة وتغيُّر المناخ والبيئة والبنى الأساسية والطاقة والمياه والتنمية الريفية والبحث والابتكار.

شحّ المياه هو من أصعب العوائق التي تواجه قطاع الزراعة في المنطقة العربية

دعمت الإسكوا ومنظمة الأغذية والزراعة إنشاء مجلس وزاري مشترك للمياه والزراعة تحت مظلة جامعة الدول العربية في عام 2019، ولجنة فنية مشتركة لتنسيق السياسات الإقليمية التي تؤثر على قطاعي المياه والزراعة. ووضعت اللجنة مبادئ توجيهية بشأن تحسين آليات تخصيص الموارد المائية للزراعة.

ودعمت الإسكوا التنسيق بين القطاعات من خلال نشر المعرفة، وتحسين القدرات، وتطوير الأدوات العلمية، ووضع سياسات متكاملة ومنسّقة للأمن الغذائي والمائي بما يعزز تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.

دال. تحسين الاستفادة من الغذاء

  1. 1. تحقيق الأثر الملموس
    وضع استراتيجيات ومبادئ توجيهية وطنية للتغذية: قد تُستخدَم الاستراتيجيات والمبادئ التوجيهية الوطنية للتغذية لنشر النُظُم الغذائية وأنماط الحياة الصحية بين السكان، والحد من النقص التغذوي بين أشدّ الفئات هشاشة. وقد تشمل البرامج، في إطار هذه الاستراتيجية، حملات للتثقيف الغذائي، وزيادة فرص الانخراط في الألعاب الرياضية والتربية البدنية، وتوفير الوجبات المدرسية الصحية للأطفال الذين يعيشون في ظروف الهشاشة، وتزويد النساء الحوامل بمكمّلات حمض الفوليك، وعامة السكان بالأغذية المدعّمة، وإجراء حملات للتخلّص من الديدان.

    ولا بد من أن تسنّ الحكومات قوانين وتعتمد لوائحَ بشأن استراتيجيات التغذية والمبادئ التوجيهية المتعلقة بالأغذية لأنها تؤثر على الخيارات الغذائية لدى عامة السكان. ولا بد أيضاً من أن تتيح الحكومات معلومات عن حجم الحصة ومحتوى السعرات الحرارية لكل وجبة والقيمة الغذائية للمنتجات ليسترشد بها المستهلكون أثناء اتخاذ القرارات الغذائية. ولا تتوفر العلامات الغذائية الإلزامية إلا في أقل من نصف بلدان المنطقة العربية.
  2. 2.نشر روح التضامن
    زيادة الاستثمار العام في البنى الأساسية: الاستثمار العام في البنى الأساسية، بما في ذلك البنى الأساسية المتعلقة بالنقل والاتصالات وسلسلة التبريد والمياه والصرف الصحي، هو عاملٌ أساسي للحد من فقدان الأغذية أثناء النقل والتخزين، وزيادة الإنتاجية الزراعية وربحية أصحاب الحيازات الصغيرة. وللاستثمارات العامة في البنى الأساسية فوائد جمّة للمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة، وللعاملين في المزارع، لا سيما وأن هؤلاء غالباً ما يقيمون في المناطق الريفية النائية، ويعانون من أوجه متداخلة من عدم المساواة، يفاقمها موقعهم النائي.

    ويدعم الاستثمار في البنى الأساسية للنقل والاتصالات الوصول إلى الأسواق، إذ يخفّض من كلفة نقل الأغذية، ومن الوقت اللازم لهذا النقل، لا سيما على المزارعين والعمال الزراعيين في المناطق الريفية. ويحول أيضاً الاستثمار في معدات سلسلة التبريد دون فقدان الأغذية أثناء النقل. ويساهم الاستثمار في البنى الأساسية في الحد من الأوجه الجغرافية لعدم المساواة، وله صلة وثيقة بزيادة الالتحاق بالمدارس ووصول سكان المناطق الريفية إلى الخدمات الطبية.
  3. 3. اكتساب المصداقية
    تحسين نُظُم الرقابة على الأغذية: تتزايد المخاطر على سلامة الأغذية في العالم بأسره، ما يُكسِب نُظُم الرقابة الفعالة أهمية غير مسبوقة من أجل حماية صحة المستهلكين، مع ضمان الممارسات العادلة في قطاع تجارة الأغذية. وعلى جهود تحسين هذه النُظُم أن تستهدف، وبالقدر نفسه، العناصر المهمة التالية للاستفادة من الأغذية: (أ) القوانين واللوائح المتعلقة بالأغذية؛ (ب) إدارة الرقابة على الأغذية؛ (ج) خدمات التفتيش؛ (د) خدمات المختبرات؛ (ﻫ) رصد الأغذية؛ (و) البيانات والمعلومات الوبائية، وما يتصل بها من تعليم وتواصل وتدريب.

    توفير حوافز للاستهلاك الغذائي الصحي: تُشجَّع الخيارات الغذائية الصحية بجعل الأطعمة الصحية ميسورة التكلفة (أو زيادة كلفة الأطعمة عير الصحية، مثل فرض ضريبة على السكر). وينبغي أن تسنّ الحكومات وتنفذ قوانين تحدّ من استهلاك السكر والملح والأغذية المصنّعة، أو قوانين تحدد تسويق هذه الأغذية (على سبيل المثال، الحد من إعلانات السكر للأطفال). وإذا ما وُضعت على الأغذية ملصقات بحجم مناسب وظاهر للعيان، تتضمن معلومات غذائية دقيقة، يسهم ذلك في الحد من استهلاك الأغذية غير الصحية، ما يؤكد ضرورة تنظيم هذا الاستهلاك بموجب القانون.

هاء. ضمان الاستقرار في مواجهة الصدمات الاقتصادية والسياسية والمناخية

تعاني المنطقة العربية من احتلال طويل الأمد وصراعات تعطّل سُبُل العيش وتساهم في ترسيخ انعدام الأمن الغذائي. ويشكّل نشر السلام وتوطيد الاستقرار السياسي وإنهاء الاحتلال عواملَ أساسية لتحقيق التنمية المستدامة وضمان المساواة والأمن الغذائي في المنطقة العربية.

1. تحقيق الأثر الملموس
  1. الاستثمار في حلول مستوحاة من الطبيعة للأمن الغذائي: ثمة إقرار متزايد بأهمية الحلول المستوحاة من الطبيعة بوصفها طريقة فعالة وناجعة في بناء منعة المجتمع إزاء تغيُّر المناخ، وحماية التنوع البيولوجي، والحد من تدهور الأراضي، مع إيجاد فرص عمل فورية، ودعم الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر.
  2. الاستثمار في الزراعة الذكية مناخياً: تراعي الزراعة الذكية مناخياً التخفيف من الانبعاثات التي تسبّب تغيُّر المناخ (لا سيما وأن القطاع الزراعي من المصادر الرئيسية للتلويث بهذه الغازات) والتكيف مع الآثار المتزايدة لتغيُّر المناخ (التي يعاني منها القطاع الزراعي بشكل غير متناسب)، ما يساعد على زيادة الإنتاجية الزراعية والحد من الانكشاف إزاء مخاطر المناخ وصدماته، ويسهم في تحقيق الأهداف العالمية المتعلقة بخفض الانبعاثات.
2. نشر روح التضامن
  1. زيادة التمويل للوكالات الإنسانية: لا بد من إجراء توسيع وإعادة توزيع للتمويل المقدم للوكالات الإنسانية والمنظمات غير الحكومية المحلية لتلبية الأزمات الإنسانية المتزايدة التي تواجهها المنطقة. وينبغي توجيه تمويل العمل الإنساني إلى أشدّ السكان احتياجاً، من غير أن تحرّكه الاعتبارات السياسية، ولا أن يُخصَّص لبلد بعينه.
  2. تعميم اعتبارات التكيف مع تغيُّر المناخ والتخفيف من آثاره في السياسات المالية العامة: تؤدي أوجه عدم المساواة في تغيُّر المناخ إلى تفاقم التفاوتات في الدخل والثروة. والفئات الأشدّ هشاشة هي الأكثر تضرراً بآثار تغيُّر المناخ، مع أنّها الأقل مساهمةً في هذه الآثار. ولذلك، لا بد من تعميم اعتبارات التخفيف من آثار تغيُّر المناخ وسُبُل التكيف معه في السياسات المالية. وسيتطلب ذلك توفير حوافز تثبّط عن إصدار الانبعاثات. وتشكّل الضرائب والتحويلات آليات قوية للتشجيع على خفض الانبعاثات. ولكن لا بد من فرض ضرائب مرتفعة بالدرجة الكافية لتثبيط الملوِّثين عن الاستمرار في نمط عملهم الراهن، ولا بد في المقابل من وضع حوافز قوية تدفع القطاع الخاص نحو بدائل الطاقة النظيفة.
3. اكتساب المصداقية
  1. تحسين إدارة الكوارث من أجل الاستجابة للصدمات غير المتوقعة: قد تؤدي الكوارث الطبيعية وتلك الناجمة عن أنشطة البشر إلى تعميق هوة عدم المساواة، وقد تتسبّب في تآكل الأمن الغذائي، لا سيما بالنسبة إلى أشدّ الفئات هشاشة. ويزيد تغيُّر المناخ من خطر الكوارث الطبيعية، فيدفع ذلك إلى تفاقم عدم المساواة وانعدام الأمن الغذائي. ولذلك، من الضروري إدارة مخاطر الكوارث للتخفيف من تداعيات الصدمات غير المتوقعة على سُبل العيش.
  2. زيادة الشفافية في المساعدات الإنسانية: لا بد من أن تتمكن الحكومات التي تتلقى أموالاً للعمل الإنساني من استخدام الموارد المتاحة لها بفعالية وكفاءة ومصداقية من أجل توفير المساعدات الغذائية أو النقدية الفورية للسكان المتضررين. ولضمان المصداقية، لا بد من الشفافية بشأن الأموال الواردة، وهوية مانحيها، وكيفية إنفاقها (بما في ذلك المستفيدون من أي مشتريات)، وهوية المستفيدين منها.