في عام 2015 ، عندما اعتمد 193 بلداً أكثر خطط التنمية طموحاً في التاريخ، تعهّدت هذه البلدان بتحقيق المساواة بين الجنسين، وعدم استثناء أحد. فالمساواة بين الجنسين ركيزة أساسية من ركائز خطة التنمية المستدامة لعام 2030 . وإنني فخورة بتقديم التقرير العربي الأول لفجوة النوع الاجتماعي في المنطقة العربية، والذي يركّز على المساواة بين الجنسين وأهداف التنمية المستدامة. وهذا التقرير يصدر في لحظة حسّاسة، إذ إنّ النقاش حول تحقيق التنمية المستدامة للجميع في المنطقة العربية يزداد زخماً، في ضوء الحاجة إلى إقامة مجتمعات أكثر شمولاً للجميع لتحويل عالمنا. وهو يقدّم أفكاراً ورؤى للمنطقة العربية لخلق ثقافة تنهض بالمساواة ين الجنسين، ويحدّد العقبات والتحديات التي تواجهها مجتمعاتنا على هذا المسار. وللبيانات قدرة على تسليط الضوء على القضايا المهمَلة، ودفع عجلة التغيير على مستوى السياسات، وزيادة المساءلة في سبيل إعمال الحقوق. ولا شكّ عندي أنّها قادرة على دفع النقاش الحالي بشأن المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة إلى الأمام، وقادرة على دعمه بالأدلة. ويبحث التقرير في حالة المساواة بين الجنسين في 22 بلداً عربياً، من خلال مؤشرات النوع الاجتماعي المرتبطة بالمواضيع التي تشكّل جوهر أهداف التنمية المستدامة. وهو فريد من نوعه. فهو يتضمن مؤشرات النوع الاجتماعي ذات الأولوية بالنسبة للمنطقة، وهي مؤشرات كمية ونوعية، وذلك للمساعدة في تسريع التقدم في السياسات والقوانين على المستوى القُطري، ولرصد تنفيذ أهداف التنمية المستدامة. ويكشف التقرير أنّ فجوات صارخة في النوع الاجتماعي ما برحت تشوب المجالات الرئيسية، على الرغم من المكاسب التي حققتها البلدان العربية على مر السنين. ويبيّن التقرير أيضاً أنه على الرغم من أن عدة بلدان قطعت أشواطاً كبيرة نحو تحقيق المساواة بين الجنسين، فلا يزال من الضروري عبور «الميل الأخير » قبل أن تنعم الفتيات والنساء بالمساواة الكاملة مع الرجل وتحقيق حقوقهنّ.
رولا دشتي الأمينة التنفيذية للإسكوا
في الوعد بعدم استثناء أحد إمكانية تغيير حياة النساء والفتيات في المنطقة العربية. غير أن أوجه عدم المساواة بين الجنسين تتجلى في كل بُعد من أبعاد التنمية المستدامة. ورغم التقدم الكبير الذي أحرز في العقود الأخيرة، لا تزال حقوق الإنسان للنساء والفتيات بعيدة عن أن تكون حقيقة واقعة. وتقوّض تحديات هائلة قدرتهن على التمتع بحياة صحيّة والمشاركة في التعليم والعمل والحياة العامة. ولا بد من عبور «الميل الأخير » لتتمكن الفتيات والنساء من التمتع بالمساواة الكاملة وإعمال حقوقهن.
تستلزم التنمية المستدامة مساواةً بين الجنسين وتمكيناً للنساء والفتيات. فدورهنّ أساسي في الحفاظ على البيئة وفي التنمية الاجتماعية والاقتصادية. وعلى الرغم من التقدم المحرز في بعض المجالات، مثل التعليم والصحة، تواجه المنطقة العربية تحديات كبيرة في سبيل تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات.
وقد حُدِّد التصدي للعنف ضد النساء والفتيات أولويةً قصوى في السعي لتحقيق المساواة بين الجنسين في جميع أنحاء المنطقة. ولا تزال الممارسات الضارة مثل الزواج المبكر وختان الإناث تطرح مشكلة كبيرة في بعض البلدان، إذ تتسبب برفع معدلات الخصوبة وزيادة وفيات الأمهات وتؤثر على صحة النساء الشابات وتعليمهن. ولا تزال قضايا ارتفاع معدلات الخصوبة المرتبطة بالزواج المبكر، وارتفاع معدلات الحمل بين المراهقات، وانخفاض العمر المتوقع، وسوء الوضع الصحي، وزيادة الفقر من المشاكل الكبيرة في العديد من البلدان. ومن الشواغل الرئيسية الأخرى تمثيل المرأة في المجالين السياسي والاقتصادي. فحصة المرأة من المقاعد في البرلمانات الوطنية هي من الأدنى في العالم، والفجوات كبيرة في مشاركة النساء في القوى العاملة وتمكينهن اقتصادياً. وتختلف معايير النوع الاجتماعي من بلد إلى آخر، وهي الأدوار التي يُتَوقّع من النساء والرجال والفتيات والفتيان تأديتها في المجتمع، وعادةً ما تشكلها عادات ومعتقدات راسخة منذ أمد طويل. غير أن الأعراف الاجتماعية تتغير نظراً إلى أن التكنولوجيات الجديدة تتسبب بتغيير الطريقة التي يعيش فيها الناس ونظراً إلى ارتقاء مستوى تعليمهم وسهولة الحصول على المعلومات. ولهذا السبب، وغيره، يكتسي استخدام الإحصاءات الرسمية لرصد المسائل المتعلقة بالنوع الاجتماعي أهمية كبيرة.
شهدت المنطقة العربية انخفاضاً كبيراً في متوسط سن الإنجاب، ناجماً في معظمه عن زيادة في حالات الزواج المبكر بين الفتيات من الأسر الفقيرة وذوات التحصيل العلمي الأقل، ولا سيما في البلدان المتأثرة بالصراع أو في البلدان الخارجة من الصراعات.
وتبيّن نسبة الإعالة العمرية مدى عبء أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر التي غالباً ما تقع على المرأة بسبب الأدوار المتعلقة بالنوع الاجتماعي. وبلغت نسبة الإعالة العمرية أعلى مستوياتها في البلدان التي تسجل أدنى مستويات للناتج المحلي الإجمالي في المنطقة. وساهم ارتفاع معدلات الخصوبة في هذه البلدان في ارتفاع نسب الإعالة.
● وضع وتنفيذ خطة توعية شاملة بشأن زواج الأطفال وآثاره السلبية على الأفراد والأسر والأطفال والمجتمع ككل. ● رفع أو إنفاذ الحد الأدنى لسن الزواج، وتحسين التحاق الفتيات بالتعليم الثانوي أو استمرارهن فيه، وتوفير التربية الجنسية في المدارس. ● تقديم الدعم المالي والتوجيه الأسري والمشورة للأسر التي تسعى إلى تزويج البنات الصغيرات بسبب الفقر.
تواجه المرأة العربية تحديات مختلفة طوال دورة حياتها. ولا يعني تفوق الإناث في العمر المتوقّع بالضرورة أن النساء بصحة أفضل من الرجال. ورغم انخفاض معدلات الخصوبة الكلية، لا تزال نسبياً أعلى من المتوسط العالمي. وتجاوزت معدلات الخصوبة ثلاثة مواليد أحياء لكل امرأة في البلدان التي تجاوزت احتياجاتها غير الملباة 20 في المائة. ولا تزال نسبة استخدام خدمات الصحة الإنجابية والوصول إلى وسائل منع الحمل تعتمد على مستوى التعليم ووضع المرأة الاجتماعي والاقتصادي، مع تباينات ملحوظة بين المناطق الحضرية والمناطق الريفية.
النساء اللاتي يعشن في المناطق الريفية محرومات أيضاً من استخدام أي وسيلة من وسائل منع الحمل بالمقارنة مع النساء في المناطق الحضرية. وترتفع معدلات الخصوبة بشكل متواز مع انخفاض استخدام وسائل تنظيم الأسرة وارتفاع معدلات وفيات الأمهات.
● سنّ تشريعات وسياسات للفتيات والنساء تغطي دورة الحياة بأكملها، وزيادة الاستثمار العام في خدمات الصحة والصحة الإنجابية لتمكين الجميع من الحصول على الخدمات الصحية الجيدة. ● تقديم الدعم المباشر وتوسيع نطاق الحصول على وسائل فعالة لمنع الحمل أو تنظيم الأسرة من خلال مرافق تديرها الحكومة. ● اعتماد سياسات أو برامج تهدف إلى تحسين الصحة الإنجابية والجنسية للمراهقين.
يزيد احتمال أن يعيش الأشخاص ذوي الإعاقة في ظروف يطغى عليها الفقر نظراً لما يعانون منه من حرمان على مستوى التعليم والعمل. ويحرم العديد من الأطفال والشباب ذوي الإعاقة من التعليم. وتنخفض معدلات إلمام الأشخاص ذوي الإعاقة بالقراءة والكتابة في جميع البلدان مقارنة بالأشخاص من دون إعاقة. والفجوة أكبر في معدلات الأمية بين الشابات ذوات الإعاقة ومن دون إعاقة منها لدى الذكور.
النساء ذوات الإعاقة أقل حظاً في الالتحاق بعمل من الرجال ذوي الإعاقة، إذ أن مستويات انعدام النشاط لديهن أعلى منها عند الرجال. واحتمال أن يكن عاطلات عن العمل أكبر من احتمال بطالة الرجال ذوي الإعاقة. ويزيد احتمال انخراط الأشخاص ذوي الإعاقة في الأعمال الهشة في جميع البلدان تقريباً، كما يزيد احتمال أن يعمل الأشخاص ذوو الإعاقة لحسابهم الخاص مقارنة بالأشخاص من دون إعاقة.
● توفير التعليم العام المجاني والمناسب للأشخاص ذوي الإعاقة، وتيسير التعلم عن بعد في الحالات التي لا تكون فيها البيئة متاحة أو آمنة للفتيات. ● دعم بيئات العمل الآمنة التي يسهل الوصول إليها، لا سيما للنساء، وضمان أن تكون الشهادات الصادرة عن مراكز التدريب المهني معترف بها في وزارات التعليم وذات قيمة في سوق العمل.
احتمال أن تكون المرأة أمية ضعف احتمال أن يكون الرجل أمياً، في المنطقة العربية تشكل النساء ثلثي الأميين من البالغين. وإن انخفضت الفجوات بين الجنسين مع زيادة التحاق الفتيات بالتعليم الابتدائي، غير أنها تعود فتتسع مع زيادة مستوى التعليم. وتنخفض معدلات حضور الفتيات الصفوف في التعليم الابتدائي والثانوي في المناطق الريفية ولدى الأسر الأكثر فقراً. وفي البلدان المتأثرة بالصراعات، الفتيات أكثر عرضة من الفتيان بشكل كبير لعدم الذهاب مطلقاً إلى المدرسة.
نوع التعليم ونوع التخصص لا يزالان يرتبطان بشكل وثيق بالنوع الاجتماعي، إذ تميل الفتيات إلى تفضيل العلوم على الهندسة. والافتقار إلى مهارات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات واستخدام الإنترنت من العقبات الرئيسية التي تحول دون استفادة النساء تماماً من إمكانات تكنولوجيات المعلومات والاتصالات.
● تعزيز نظم التعليم وتدابير الحماية الاجتماعية المنصفة للجنسين، بما في ذلك التحويلات النقدية، لتحسين انتقال الفتيات إلى التعليم الثانوي واستكمالهن له. ● التصدي لمعايير النوع الاجتماعي والممارسات الضارة التي تحرم الفتيات من الالتحاق بالمدارس والتعلم الجيد؛ وإزالة التنميط القائم على النوع الاجتماعي من المناهج الدراسية وتعزيز المناهج الدراسية المتنوعة. ● زيادة فرص حصول الفتيات على التدريب المهني في المجالات الهندسية والتخصصات التي عليها طلب كبير في سوق العمل. ● ضمان استفادة المرأة بشكل كامل من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بما في ذلك المساواة في الوصول إلى فرص التعليم والتدريب والريادة المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
النساء يعملن بشكل أكبر في الأعمال الهشة، وغالباً ما يعملن أكثر من الرجال كعاملات مساهمات في الأسرة، كما أنّ احتمال أن يكون صاحب العمل رجلاً أكبر. وأعلى معدل لمشاركة المرأة في القوى العاملة هو أدنى معدل يسجل لدى الرجال.
رغم التغيُّرات الكثيرة في السلوك الاقتصادي ومستويات التحصيل العلمي للمرأة، لا يزال عدم المساواة بين الجنسين في الأجور قائماً بفعل التوجه إلى توظيف المرأة في الأعمال ذات الأجور الدنيا.
احتمال فقدان حس الالتزام والشعور بعدم الرضا تجاه المجتمع، وما ينجم من بطالة طويلة الأمد، وزواج قسري مبكر، أعلى لدى الشابات منه لدى الشبان.
● إزالة العقبات التي تعترض مشاركة الشابات في العمل اللائق. ● دعم توجّه المرأة إلى العمل النظامي، وإصلاح القوانين الوطنية لزيادة المساواة في المعاملة بين الرجل والمرأة في سوق العمل، بما في ذلك الأجر المتساوي عن العمل المتساوي. ● تقديم إجازة الأمومة والأبوة لزيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة والحد من إحجام أصحاب العمل عن توظيف العاملات الحوامل أو الاحتفاظ بهم أو ترقيتهن. ● معالجة عبء أعمال الرعاية غير المدفوعة الأجر من خلال توفير خدمات الرعاية الميسورة الكلفة. ● تنظيم حملات عامة لمكافحة التنميط القائم على النوع الاجتماعي وإنفاذ القوانين المتعلقة بالمساواة في الأجر والمناهضة للتمييز. ● تنفيذ برامج شاملة لإعادة إشراك الشباب، ولا سيما الشابات، الذين فقدوا حس الالتزام في العمل أو التعليم أو التدريب.
لا يزال تمثيل المرأة في عملية صنع القرار السياسي في ازدياد، ولكنه بعيد عن المساواة. فقد ازدادت نسبة النساء في مجلس الوزراء أكثر من أربع مرات منذ عام 2000 ؛ ومع ذلك، لا تزال أقل من 20 في المائة في المنطقة العربية. كذلك لا تزال حصة النساء في مجلس الوزراء دون نسبة 20 في المائة.
يمثّل الحصول على حساب مصرفي نقطة انطلاق هامة لتمكين الأفراد من الاستفادة من الخدمات المالية. ولا يزال التمكين الاقتصادي للمرأة منخفضاً نظراً إلى أنّ في المنطقة العربية أكبر فجوة بين الجنسين من حيث الحصول على حساب مصرفي.
● تخصيص حصص لمشاركة المرأة في المناصب القيادية ومواقع صنع القرار، وإنفاذ التوظيف والترقي على أساس الجدارة لضمان المساواة في وصول المرأة إلى المناصب القيادية. ● اعتماد نهج متكامل ومتعدد نقاط الدخول، وتعميم مراعاة المساواة بين الجنسين والإدماج المالي للمرأة في خطط السياسات الوطنية، ودعم برامج محو الأمية المالية والرقمية لدى النساء والفتيات. ● تنفيذ برامج لريادة المرأة لتحسين فرص حصولها على التمويل والتمكين الاقتصادي.
يمثّل العنف ضد النساء والفتيات قضية أساسية ولا يزال زواج الأطفال أحد أكثر أنواع العنف التي يتم تجاهلها. وتشكّل مضاعفات الحمل والولادة السبب الرئيسي لوفاة الفتيات ما بين 15 و 19 سنة. وفي جميع البلدان، يرتفع معدل الولادات لدى المراهقات غير المتعلمات والأكثر فقراً.
يؤثر ختان الإناث على رفاه النساء والفتيات ويعرّض حياتهن للخطر. ولا تزال ممارسة ختان الإناث مشكلة كبيرة في بعض البلدان، والفتيات الفقيرات اللاتي يعشن في مناطق ريفية أكثر عرضة لها.
● سن وتنفيذ ورصد القوانين التي تتصدى لجميع أشكال العنف ضد المرأة، بما في ذلك زواج الأطفال وختان الإناث. ● إضفاء الطابع المؤسسي على التخطيط والميزانية المراعية لمنظور النوع الاجتماعي وذلك لتخصيص الموارد على أفضل وجه. ● وضع معايير وإجراءات قائمة على حقوق الإنسان لتوفير الخدمات للناجيات من العنف.
عدم الحصول على خدمات المياه والصرف الصحي الأساسية والمحسنة من التحديات القائمة في العديد من البلدان العربية، ولا سيما لدى الأسر الفقيرة وفي المناطق الريفية. ومعدل الوفيات المنسوبة لخدمات مياه وصرف صحي ونظافة غير مأمونة أعلى لدى النساء والفتيات منه لدى الرجال.
يفتقر الكثيرون للحصول بشكل كامل على الوقود النظيف والتكنولوجيا النظيفة، ولا تتوفر الكهرباء للجميع إلا في عدد قليل من البلدان. ويقع عبء تبعات عدم الحصول على الكهرباء على المرأة لأنها مسؤولة إلى حد كبير عن الطهي والأعمال المنزلية.
● إدراج برامج المياه والصرف الصحي والوقود النظيف والكهرباء بشكل صريح في الاستراتيجيات الإنمائية الوطنية، وضمان احترامها لمنظور النوع الاجتماعي. ● إعطاء الأولوية للوقود النظيف وتقنيات الطهي النظيفة.