قبل تفشي جائحة كوفيد-19، كانت نُظُم الحماية الاجتماعية في المنطقة العربية ضعيفة ومجزأة ومكلفة، وتفتقر إلى الشمول والشفافية والاستدامة. وكانت أبرز التحديات تتمثل في نقص الاستثمار في هذه النُظُم وفي عدم شمولها للفئات السكانية المعرضة للمخاطر، إذ بلغت نسبة من تغطيهم برامج الحماية الاجتماعية في المنطقة العربية أقل من 30 في المائة من مجموع السكان.
وكانت نُظُم الحماية الاجتماعية مموّلةً بمعظمها من الميزانيات الحكومية أو المساعدات الخارجية، وليس من مساهمات المستفيدين أو أصحاب العمل. وقد أبرزت أزمة كوفيد-19 الشوائب في العقد الاجتماعي بين الشعوب والحكومات، وأتاحت فرصة تاريخية لمعالجة بعض التحديات التي تواجه نُظُم الحماية الاجتماعية. وقد كان في الدروس المستفادة من بلدان مختلفة أمثلة مفيدة على التغيير، وعلى بعض الابتكار.
وشهدت المنطقة العربية تحولاً في السياسات، من استهداف أفقر السكان فحسب إلى شمول شريحة "الوسط المفقود" مثل العمال غير النظاميين، الذين لم يحصلوا في أغلب الأحيان على أيِّ من استحقاقات الحماية الاجتماعية حتى قبل تفشي الجائحة لعدم اعتبارهم مؤهلين لذلك (مثلما حصل في الأردن ومصر والمغرب). وقد سلّطت الجائحة الضوء على مدى الإهمال الذي كانت تتعرّض له هذه المجموعة من العمال وعلى التحديات الهيكلية ذات الصلة.
وقد تفوّقت الدول العربية في استخدام التكنولوجيا المبتكرة لتنفيذ برامج الحماية الاجتماعية، ولا سيما التحويلات النقدية التي أُرسلَت إلى المستفيدين في غضون أيام قليلة، من خلال منافذ أنشئت حديثاً لهذه الغاية، والمحافظ الإلكترونية، والتسجيل الرقمي. وقد ألهمت القيود الاستثنائية التي فرضتها الجائحة الابتكارات في تصميم خدمات التعليم والصحة والحماية الاجتماعية وتقديمها، ما حفظ الوصول إلى هذه الخدمات في ظروف صعبة للغاية، وسهّل توسيع نطاق التغطية بهذه الخدمات.
وفي العديد من البلدان العربية، ساعدت الجائحة في تحفيز وتوطيد الشراكة والتعاون بين مختلف أصحاب المصلحة. وتجلى ذلك على وجه الخصوص في التعاون بين مختلف الأطراف الحكومية على الصعيد الوطني، ومشاركة واستخدام قواعد بيانات المستفيدين (السجل المدني، والإحصاءات الحيوية، وقاعدة بيانات الضرائب والتأمينات الاجتماعية) والمنصات الإلكترونية مثل مواقع مشاركة البيانات بين الكيانات الحكومية في مصر.
منطقة الشرق الأوسط هي المنطقة الأكثر تفاوتاً في العالم. ففي عام 2016، بلغ دخل أغنى 10 في المائة و1 في المائة من السكان أكثر من 60 في المائة و25 في المائة من إجمالي الدخل في المنطقة، على التوالي والبلدان التي لديها أداء سيء في هذا المجال هي البلدان العربية الغنية بالسكان والفقيرة بالنفط، حيث تكاد مستويات التفاوت في الدخل تقارب المستويات في البرازيل وجنوب أفريقيا. وعلى الرغم من تزايد عدد الإصلاحات الاجتماعية في العديد من بلدان المنطقة، فإن تجزؤ الخدمات الصحية، وضعف المؤسسات التعليمية، وعدم كفاية تدابير الحماية الاجتماعية، والتفاوت الاجتماعي، ما زالت مستمرة ومتفاقمة.
ومع أن المنطقة العربية شهدت تحسناً كبيراً في توسيع تغطية الحماية الاجتماعية خلال السنوات القليلة الماضية، لا تزال العديد من الثغرات والتحديات قائمة. وعموماً، تُعَدّ نُظُم الحماية الاجتماعية في المنطقة العربية مجزّأة، وتفتقر إلى الشمول والشفافية والاستثمار. وكان تسارع النمو السكاني، وزيادة الفقر، والسياق العالمي لرأس المال الحر، وتدفقات اليد العاملة الدولية، وهيمنة القطاع الخاص من العوامل التي قوّضت تطوير نُظُم الحماية الوطنية.
وقد سلّطت استجابة الحكومات العربية لجائحة كوفيد-19 الضوء على هذه التفاوتات، حتى لو كانت بعض التدابير فعالة على المدى القريب. وأتاحت جائحة كوفيد-19 فرصة لتقييم إصلاحات السياسات الاجتماعية السابقة وفعاليتها وتأثيرها، والتعلُّم من التجارب العالمية، ليس في معالجة تداعيات كوفيد-19 فحسب ولكن أيضاً في المجال الأوسع لتدخلات السياسات الاجتماعية.
ينبغي مراعاة نقطتين رئيسيتين في ما يتعلق بالإطار المفاهيمي المستخدَم في هذا التقرير.
يهدف النهج مدى الحياة، الذي اعتمدته الأمم المتحدة، إلى ضمان حصول جميع الناس على الحماية الاجتماعية عند الحاجة في أي وقت خلال حياتهم، من الولادة إلى الوفاة. ويجسّد هذا النهج أيضاً مبدأ عدم إهمال أحد على النحو المبين في خطة التنمية المستدامة لعام 2030، لأنه يقلل من الاستبعاد من الاستحقاقات ومن الاستبعاد الاجتماعي ككل. والتصنيف الشائع لمراحل دورة الحياة هو ما يلي:
الهدف من هذا المستوى من التحليل في التقرير هو التعمّق في دراسة عمليات صنع القرار الرئيسية التي تضعها الحكومات العربية خلال الجائحة، وما إذا كانت هذه العمليات تدل على إعادة هيكلة جوهرية للسياسات الاجتماعية. وبما أن معظم بلدان المنطقة العربية تضمّ مجموعةً من الجهات الفاعلة في مجال السياسات الاجتماعية والحماية الاجتماعية، بما في ذلك الدولة والسوق والمجتمع المحلي والمجتمع المدني والأسرة، يسلّط التقرير الضوء على الجهات الفاعلة التي هي في الطليعة في مجال توفير الاستحقاقات الأساسية، ويحلّل ما إذا كانت التدخلات توفر منافع كافية. وسيساعد ذلك على تحليل العواقب المحتملة على التفاوت في الدخل والفقر على المدى الطويل.
يسترشد هذا التقرير بمفهومين أساسيين، هما السياسات الاجتماعية والحماية الاجتماعية. تُعنى السياسات الاجتماعية بالطرق التي تلبي بها المجتمعات في جميع أنحاء العالم الاحتياجات الإنسانية من الأمن والتعليم والعمل والصحة والرفاه . ويتناول التقرير كيفية استجابة الدول والمجتمعات للتحديات الوطنية والإقليمية والعالمية المتمثلة في التحديات الاجتماعية الديمغرافية والاقتصادية والفقر والهجرة والعولمة .
ويمكن تعريف الحماية الاجتماعية تعريفاً واسعاً بأنها مجموعة البرامج والتدخلات المصممة لمنع الفقر وقابلية التعرّض للمخاطر والاستبعاد الاجتماعي أو التخفيف من حدتها، وذلك بدعم وحماية الأفراد وأسرهم في حالة حدوث صدمات سلبية في الدخل، وتوفير إمكانية الحصول على الخدمات الاجتماعية الأساسية. وتعتبر أدوات الحماية الاجتماعية عنصراً أساسياً في سياسة الرعاية الاجتماعية .
وتُعتبَر الحماية الاجتماعية أساسية لتحقيق خطة عام 2030. ومن خلال مساهمتها في الركائز الاجتماعية والاقتصادية للتنمية المستدامة، تنعكس بشكل مباشر أو غير مباشر في خمسة أهداف على الأقل من أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر
استحداث نُظُم وتدابير حماية اجتماعية ملائمة على الصعيد الوطني للجميع ووضع حدود دنيا لها، وتحقيق تغطية صحية واسعة للفقراء والضعفاء بحلول عام 2030.
المقصد 3.8 - تحقيق التغطية الصحية الشاملة، بما في ذلك الحماية من المخاطر المالية، وإمكانية الحصول على خدمات الرعاية الصحية الأساسية الجيدة وإمكانية حصول الجميع على الأدوية واللقاحات الجيّدة والفعالة والميسورة التكلفة.
الاعتراف بأعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر والعمل المنزلي وتقديرها من خلال توفير الخدمات العامة والبنى التحتية ووضع سياسات الحماية الاجتماعية وتعزيز تقاسم المسؤولية داخل الأسرة المعيشية والعائلة، حسبما يكون ذلك مناسباً على الصعيد الوطني.
تحقيق العمالة الكاملة والمنتجة وتوفير العمل اللائق لجميع النساء والرجال، بما في ذلك الشباب والأشخاص ذوو الإعاقة، وتكافؤ الأجر لقاء العمل المتكافئ القيمة، بحلول عام 2030. (الحماية الاجتماعية هي أحد الركائز الأربع للعمل اللائق.)
اعتماد سياسات، ولا سيما السياسات المالية وسياسات الأجور والحماية الاجتماعية، وتحقيق قدر أكبر من المساواة تدريجياً.
مع أن بلداناً كثيرة في العالم شهدت تحسينات كبيرة في توسيع نطاق تغطية الحماية الاجتماعية، كان التقدم في بناء نُظُم الحماية الاجتماعية قبل الجائحة لا يزال متأخراً في بلدان أخرى
وفي الدول العربية، لا يتيح نقص البيانات سوى إجراء تقييم جزئي للتغطية الفعالة للحماية الاجتماعية . بيد أن التقديرات تشير إلى أن أقل من 30 في المائة من الناس في المنطقة العربية كانوا مشمولين بأحد أشكال الحماية الاجتماعية قبل جائحة كوفيد-19 . وعموماً، كانت نُظُم الحماية الاجتماعية في المنطقة العربية مجزأة وتفتقر إلى الشمول والشفافية والاستثمار.
ويبين الشكل 1 حصة الإنفاق الاجتماعي كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي. ويشير الرسم البياني إلى أن الإنفاق على الحماية الاجتماعية بلغ أعلى مستوياته في مصر (9.5 في المائة) والأردن (9 في المائة) والجزائر (8.9 في المائة) وتونس (7.5 في المائة)، في حين تمثل مستويات الإنفاق الاجتماعي في الجمهورية العربية السورية والسودان وقطر واليمن أقل من 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
ويقدم الشكل 2 مزيداً من التفاصيل عن الإنفاق على المساعدة الاجتماعية حسب نوع البرنامج، ويبين اعتماداً شديداً على التحويلات النقدية غير المشروطة في جميع البلدان وعلى الدعم الغذائي والعيني في البلدان المتأثرة بالنزاعات مثل دولة فلسطين واليمن، ولكن أيضاً في مصر وموريتانيا.
ويبين الشكل 3 النفقات الصحية كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي حسب البلدان وبالمقارنة مع المتوسطات دون الإقليمية. وبالنسبة لآخر سنة متاحة (2018)، يتراوح الإنفاق بين أدنى نسبة، وهي 1 في المائة في السودان، وأعلى نسبة وهي 4.4 في المائة في الكويت، بمتوسط قدره 2.9 في المائة.
في المنطقة العربية، كشفت الاستجابة لجائحة كوفيد-19 من منظور الحماية الاجتماعية عن إرادة سياسية قوية تجلّت في توجيه قدر كبير من الأموال إلى تلبية احتياجات الفئات المعرضة للمخاطر، وفي تعزيز التضامن الاجتماعي من خلال إنشاء صناديق التضامن واستخدامها على نحو مبتكر، الأمر الذي جذب المساعدات من القطاع الخاص وأصحاب المصلحة الآخرين لتغذية هذه البرامج الحكومية للحماية الاجتماعية.
شهدت فترة الجائحة تحوّلاً في السياسات، من استهداف أفقر السكان فحسب إلى شمول شريحة "الوسط المفقود" مثل العمال غير النظاميين، الذين لم يحصلوا في أغلب الأحيان على أيٍّ من استحقاقات الحماية الاجتماعية حتى قبل تفشي الجائحة لعدم اعتبارهم مؤهلين لذلك (مثلما حصل في الأردن ومصر والمغرب). وقد سلّطت الجائحة الضوء على ما كان قائماً قبل الجائحة من تحديات هيكلية ترتبط بإهمال الحقوق الاجتماعية لهذه المجموعة من العمال. ويجري حالياً وضع خطط إصلاحية في بعض البلدان العربية لمواجهة هذا التحدي الهيكلي بما يسهم في اتباع نهج أشمل لمدى الحياة.
رغم الجهود المبذولة خلال الجائحة لتعزيز برامج الحماية الاجتماعية، كانت التغطية العامة بهذه التدخلات في بلدان المنطقة (باستثناء المغرب) منخفضة. ولم تكن المنافع المقدمة من خلال هذه التدخلات، كنسبة مئوية من إنفاق الأسر المعيشية ودخلها، كافية لتلبية احتياجات الأسر في العديد من البلدان مثل الأردن وتونس والعراق.
من شأن الخدمات العينية والمشتريات العامة أن تكون أكثر ملاءمة لتحمّل أثر التقلبات في سلاسل التوريد والأسعار، التي يمكن أن تخفف من فعالية المساعدات النقدية (كما في لبنان، مثلاً)..
يؤثر توجيه الخدمات إلى فئات محددة على إدراج النهج مدى الحياة (المؤشرات الاجتماعية الديمغرافية أو الاقتصادية) في تدابير الاستجابة لجائحة كوفيد-19. وفي بعض البلدان في المنطقة العربية، أسفرت إعادة حساب النقاط الفاصلة في معايير الأهلية عن نتائج إيجابية، واستفاد المحتاجون بدرجة أكبر من برامج المساعدة الاجتماعية الحكومية.
قد تتمكن الحكومات من الاستفادة من جميع البرامج في آنٍ واحد لزيادة فعالية الاستجابة لجائحة كوفيد-19.
أسفرت جائحة كوفيد-19 والتدابير التي اتخذتها الحكومات لاحتواء انتشارها عن سلسلة من الصدمات التي أثرت على مئات الملايين من الناس.
وبحلول 20 تموز/يوليو2021، كان هناك 190 مليون حالة إصابة مؤكدة و4.1 مليون حالة وفاة بسبب كوفيد-19 في جميع أنحاء العالم . ومع أن معظم الحالات كانت في الأمريكتين وأوروبا (123.3 مليون حالة)، لم تنجُ أي منطقة أخرى، وسُجّلت 11.9 مليون حالة في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط بحلول تموز/يوليو2021 (الشكل 4) .
أسهمت الحماية الاجتماعية في استجابة السياسات الاجتماعية لكوفيد-19 بطريقة قد تكون إيجابية. فمن ناحية، نظراً لزيادة المشقّات بسبب عمليات الإغلاق التي فرضتها الحكومات وأدت إلى تقييد النشاط الاقتصادي وإحداث بطالة جماعية (مؤقتة)، شعرت هذه الحكومات بالتزامها بدعم الدخل لتعويض المواطنين المتضررين عن دخلهم المفقود. ومن ناحية أخرى، لدى معظم البلدان مجموعة من الصكوك، في شكل أدوات وآليات لتوفير الحماية الاجتماعية، يمكن تعبئتها لتقديم الدعم.
في جميع البلدان العربية، كانت تدخلات المساعدة الاجتماعية أكثر انتشاراً في أقل البلدان نمواً حيث بلغت 62.5 في المائة من الدعم المتصل بالحماية الاجتماعية، في حين شهدت بلدان مجلس التعاون الخليجي النسبة الأعلى من برامج سوق العمل النشطة (الشكل 5).
ومع أن معظم البلدان في العالم نفذت تدخلات للاستجابة لكوفيد-19، تختلف نسبة الحماية إلى دخل الفرد اختلافاً كبيراً بين البلدان وعبر المناطق، وترتبط بشكل أساسي بتوفر الموارد الوطنية. وأنفقت المنطقة العربية 0.5 في المائة من دخل الفرد، وهو ما يماثل تقريباً إنفاق أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وشرق آسيا والمحيط الهادئ وجنوب آسيا، مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 1 في المائة من دخل الفرد. وكانت حصة أمريكا اللاتينية وأمريكا الشمالية أعلى من المتوسط العالمي، حيث بلغت 1.4 و2.5 في المائة على التوالي (الشكل 6).
سبّبت جائحة كوفيد-19 أزمةً عالمية في مجال الصحة العامة، وأدت الاستجابات لهذه الجائحة إلى أزمات اقتصادية وإنسانية على الصعيد الوطني.
استخدمت بعض البلدان المتوسطة الدخل آليات "الاستجابة للصدمات"، مما زاد مؤقتاً من الاستحقاقات المدفوعة للمستفيدين من برامج التحويلات النقدية القائمة و/أو أتاح تسجيل مستفيدين جدد، وذلك طوال فترة أزمة كوفيد-19 على الأقل.
يبين الشكل 7 أن مصر تتصدر القائمة، تليها الأردن وتونس والمغرب. وقد اتخذ لبنان التدابير الأقل تنوعاً بين البلدان المتوسطة الدخل، تليه الجزائر.
واستُخدمت برامج الإغاثة الإنسانية القائمة حيثما أمكن ذلك، كما هو الحال في اليمن. وفي الجمهورية العربية السورية ودولة فلسطين، شملت الاستجابات لجائحة كوفيد-19 توسيع نطاق الدعم المقدم إلى المنصات القائمة مثل المدفوعات الإلكترونية ومشاركة قواعد البيانات بين الوزارات لتحديد المستفيدين المستحقين. وفي ما يتعلق بتنوّع التدابير المتّخذة في البلدان المتأثرة بالنزاعات، يتصدر العراق القائمة ويليه اليمن ودولة فلسطين (الشكل 8).
لدى البلدان الثلاثة الأقل نمواً في المنطقة مجموعة محدودة من برامج الحماية الاجتماعية، ويموّل المانحون معظمها. وقد أنشأت السودان والصومال وموريتانيا برامج خاصة لتقديم المساعدة المالية إلى الجماعات المتضررة من جائحة كوفيد-19، باستخدام منصات مبتكرة في بعض الأحيان. وفي ما يتعلق بتنوّع التدابير المتّخذة، يبين الشكل 9 أنّ موريتانيا تتصدر القائمة، تليها السودان، وأن الصومال اتّخذ التدابير الأقل تنوعاً.
تهيمن على الحماية الاجتماعية في دول مجلس التعاون الخليجي البالغ عددها ست دول، الأعمال الخيرية الدينية مثل الزكاة ومدفوعات رمضان. ففي الكويت، على سبيل المثال، تلقى المستفيدون من بيت الزكاة مدفوعات إضافية، ووُضع برنامج جديد للتحويلات النقدية. وفي البحرين، تلقى المستفيدون من المساعدة الاجتماعية مدفوعات مضاعفة.
، يبين الشكل 10 أن الكويت تتصدر القائمة، تليها عُمان والبحرين.
سارعت الدول العربية إلى التصدي للآثار الاقتصادية لأزمة كوفيد-19 على الشركات والأسر المعيشية، وإلى الحفاظ على عمل أسواقها المالية. وبحلول أيار/مايو 2021، التزمت معظم الدول العربية بتقديم حزم للتحفيز المالي. وكان الإنفاق الأعلى في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث وصل إلى 69.9 مليار دولار، مقارنة بمبلغ 24.78 مليار دولار أنفقته مجموعات البلدان الأخرى. وتستند هذه الحزم التحفيزية أساساً إلى التمويل الضائع أو المعاد تخصيصه ولا تنطوي على إصلاحات رئيسية في القاعدة الضريبية.
من بين البلدان العربية التي تتوافر عنها بيانات حتى حزيران/يونيو 2021 تونس حيث ساهم القطاع الخاص بمبلغ قدره 410 ملايين دولار كاستجابة للجائحة، والمغرب حيث جذب القطاع الخاص 104.5 مليون دولار. واضطلعت الأعمال الخيرية بدور رئيسي في جمع حوالي 2.2 مليون دولار في الإمارات العربية المتحدة والمغرب.
من خلال جعل التحوّلات في مجال الطاقة النظيفة أمراً محورياً في خطط التعافي، يمكن للبلدان العربية المنتجة للنفط أن تمهد الطريق لإجراء تغييرات هيكلية أكثر متانةً لدعم الانتعاش الاقتصادي المستدام بيئياً ومالياً على حد سواء.
يتمثل أحد الدروس الرئيسية المستفادة من جائحة كوفيد-19 في أهمية زيادة الاستثمار في التأهب لحالات الطوارئ في نظام الحماية الاجتماعية. ويُعتبر الأردن مثالاً بارزاً بإظهاره الاستعداد للأزمات على الرغم من التقلبات الإقليمية والقيود المالية والصدمات الاقتصادية.
تُعتبر زيادة الاستثمار في الحماية الاجتماعية وتنويع نطاق الموارد المالية، لا سيما من خلال تحصيل الضرائب بشكل عادل (مثلاً، الضرائب التصاعدية وضريبة الشركات) دروساً مهمة للبلدان العربية التي تعاني من العجز المالي والنزاع.
تشمل المجالات الممكنة الأخرى للتركيز على دعم الاستدامة إنشاء البنية التحتية الفنية والإدارية اللازمة لوضع الخطط الجديدة في فترة ما بعد الجائحة. ويمكن أن يكون هذا هو الأساس لنُظُم الحماية الاجتماعية القائمة على بناء القدرات وتعزيز التأهب.
يوجز هذا القسم مصادر وأنواع التدابير المالية التي اتخذتها البلدان العربية. ويقدم لمحة عامة عن مصادر التمويل الرئيسية حسب مجموعات البلدان.
وقد سارعت الدول العربية إلى التصدي للآثار الاقتصادية للأزمة على القطاع الخاص والأسر المعيشية، وإلى الحفاظ على عمل أسواقها المالية. وكان المستفيدون المستهدفون من تدخلات كوفيد-19 الفئات المعرّضة للمخاطر مثل النساء وكبار السن والأطفال والعمال غير النظاميين، باستخدام مزيج من المساعدات الاجتماعية وتدابير الإعفاء الضريبي.
وتنطوي تدابير التصدي للجائحة على المخاطر بالنسبة لاستقرار الاقتصاد، حيث شكلت الزيادة في العجز المالي والديون الحكومية في جميع البلدان العربية في عام 2020 تحدياً هاماً أمام إدخال نهج مستدام على مدى الحياة في السياسات الاجتماعية . وازداد العجز المالي في الدول العربية في عام 2020 نتيجة انخفاض أسعار النفط في خضم جائحة كوفيد-19 (الشكل 13).
ومن إجمالي الدعم المالي البالغ 94.8 مليار دولار في المنطقة العربية، قدمت دول مجلس التعاون الخليجي 70 مليار دولار، في حين أنفقت البلدان المتوسطة الدخل وأقل البلدان نمواً والبلدان المتضررة من النزاعات 19.4 مليار دولار و4.1 مليار دولار و1.3 مليار دولار على التوالي (الشكل 14). وبلغ إجمالي الدعم المالي العالمي 18.7 تريليون دولار، جاء معظمه من البلدان المرتفعة الدخل.
يسلط هذا القسم الضوء على التجارب الإقليمية والعالمية الناجحة للتعلم منها أو مواصلة التطوير. ويقاس النجاح من حيث قدرة الحكومة على إعادة تخصيص الإنفاق لتوفير حماية اجتماعية أكثر فعالية أثناء الجائحة بدلاً من اعتماد نهج مدى الحياة للحماية الاجتماعية الشاملة.
تماشياً مع التفكير الحالي، سلّط هذا الفصل الضوء على الجهود المالية الهائلة التي تبذلها الدول العربية في مكافحة الأثر الاقتصادي لكوفيد-19. وينطبق هذا الأمر على بلدان الدخل المرتفع والمتوسط والمنخفض في المنطقة العربية.
ومن المرجح أن تستعيد معظم بلدان المنطقة ناتجها المحلي الإجمالي خلال فترة ما بعد التعافي.
وفي ما يتعلق بالآثار الرئيسية على استدامة تخصيص الموارد وتمويل الحماية الاجتماعية في المستقبل، اتخذت معظم البلدان العربية تدابير قصيرة الأجل لتسهيل الاستهلاك، مثل الإعفاء الضريبي والتحويلات النقدية. مما يعني أن هذه التدابير ليست دائمة ولا سيما في ظل العجز المالي.
مع أن جائحة كوفيد-19 قد سبّبت معاناة هائلة لملايين الناس في المنطقة العربية وفي جميع أنحاء العالم، ولّدت أيضاً استجابات مبتكرة ودروساً هامة للحكومات لا ينبغي نسيانها بعد انتهاء الأزمة الحالية.
ينبغي لجميع الجهود المبتكرة التي بذلتها الحكومات لضمان وصول المواطنين بلا انقطاع إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية في مجال الرعاية الصحية والتعليم والحماية الاجتماعية المقدمة خلال عام 2020، أن تستمر في فترة ما بعد كوفيد-19 لأنها تمثل الحد الأدنى من الخدمات الأساسية تماشياً مع القانون الدولي لحقوق الإنسان.
لا بد من دعم ما حصل من استثمارات في الحلول المبتكرة (مثل التعلّم عبر الإنترنت وتطبيقات الصحة عن بُعد) من خلال الاستثمار في البنية التحتية الرقمية وخفض تكاليف الوصول إلى التكنولوجيا المتنقلة وعبر الإنترنت.
لا بد من وضع استراتيجيات مبتكرة ودعمها بتشريعات، إما لدمج العمال المهاجرين والمقيمين الأجانب واللاجئين في نُظُم الحماية الاجتماعية المحلية، أو لضمان قابلية تحويل الاستحقاقات عبر الحدود الوطنية.
• يجب توفير التأمين الصحي أو إتاحة الحصول المجاني والمنصف على الرعاية الصحية لجميع المواطنين والمقيمين كحق أساسي من حقوق الإنسان. وتقدم حالة المغرب مثالاً مفيداً على كيفية تحقيق ذلك.
أقامت العديد من الدول العربية شراكات مع وزارات الاتصالات لتسهيل الوصول إلى الخدمات وزيادة سرعة الإنترنت.
تسبّبت جائحة كوفيد-19 في أكبر تعطيل لنُظُم التعليم في التاريخ. وقدرت اليونسكو أنه بحلول نهاية آذار/مارس 2020، أغلقت 165 دولة المدارس والجامعات وأماكن التعلم الأخرى على الصعيد الوطني، مما أثر على 1.5 مليار طفل/ة وشاب/ة أو 94 في المائة من الطلاب في العالم، و99 في المائة في البلدان المنخفضة الدخل وذات الدخل المتوسط الأدنى.
وفي إطار توصية اليونسكو للتعليم المفتوح، التي اعتمدتها الدول الأعضاء في اليونسكو في تشرين الثاني/نوفمبر 2019، عززت اليونسكو تعاونها مع مجتمع موارد التعليم المفتوح لدعم مواد التعليم والتعلم المتاحة بموجب ترخيص مفتوح
في المنطقة العربية، كان 13 مليون طفل/ة وشاب/ة خارج المدرسة بسبب النزاع قبل الجائحة. وبسبب الجائحة، تضرر أكثر من 100 مليون طالب/ة في جميع أنحاء المنطقة من إغلاق المدارس. ومنذ تفشي الجائحة واتخاذ تدابير الإغلاق على المستوى الوطني، نفذت بلدان المنطقة العربية مجموعة متنوعة من الحلول. وانتشر التعلّم عبر الإنترنت عندما قدمت معظم البلدان منصات عبر الإنترنت للتعلّم المستمر.
ينبغي أن تكون الأولوية القصوى لقادة العالم ومجتمع التعليم بأكمله منع أزمة التعلّم من التحوّل إلى كارثة للأجيال. وهذا أمر حاسم ليس فقط لحماية حقوق الملايين من الطلاب، ولكن لدفع التقدم الاقتصادي والتنمية المستدامة والسلام الدائم.
وفي هذا الصدد، يُشجع صانعو القرار على متابعة التوصيات والإجراءات التالية:
محدودية الوصول إلى الرعاية الصحية هي أحد الأسباب الرئيسية التي تسهم في الفقر. وفي كل عام، يقع ما يقدر بنحو 100 مليون شخص في براثن الفقر بسبب نفقات الرعاية الصحية التي لا يمكن تحملها.
وقد خصّصت جميع البلدان تقريباً موارد مالية إضافية لخدماتها الصحية الوطنية في عام 2020، في إطار حزم التحفيز لكوفيد-19 التي تهدف إلى ضمان خدمات صحية جيدة ومتاحة لمرضى كوفيد-19 مع حماية العاملين الصحيين في الخطوط الأمامية. والبلدان التي لديها نُظُم صحية جيدة الأداء ونُظُم تأمين صحي تغطي جميع السكان أو معظمهم، هي البلدان الأكثر قدرة على الاستجابة لكوفيد-19 بطريقة سريعة وشاملة. وتشمل الأمثلة على الاستجابات المبتكرة ما يلي:
لوحظت أربعة مجالات ابتكار رئيسية في حقل الحماية الاجتماعية في السنوات الأخيرة. وقد سلّطت الجائحة الضوء عليها في عام 2020، مما وفر حافزاً لتسريع الاتجاهات الجارية.
من خلال الكشف عن الثغرات الفاضحة في توفير الحماية الاجتماعية في جميع أنحاء العالم، وخاصة في بلدان الدخل المنخفض والمتوسط ولكن حتى في البلدان المرتفعة الدخل، أعطت الجائحة زخماً جديداً لمناصري أنظمة الحماية الاجتماعية الشاملة - أو الأكثر شمولاً على الأقل.
وقُدمَت أول منحة لتوفير الدخل الأساسي في العالم في مدينة ريفية في ناميبيا لمدة 24 شهراً في 2008-2009. وانخفض الفقر الغذائي انخفاضاً كبيراً، وازداد النشاط الاقتصادي والإيرادات بسبب مضاعفة الدخل المحلي، وتحسنت فرص الحصول على التعليم والخدمات الصحية، وانخفضت مستويات المديونية، وانخفضت معدلات الجريمة أيضاً، وتحسنت مؤشرات تغذية الأطفال .
. وعلى مستوى المنطقة العربية، كان هناك "استيعاب" للحماية الاجتماعية في الأطر السياسية والمؤسسية القائمة التي لا ترقى إلى مستوى الإمكانات التحويلية التي رحبت بها الأدبيات . وبدلاً من ذلك، هيمن على جهود الحماية الاجتماعية في هذه المنطقة اتجاه عكسي، وهو الضغط الذي تقوم به الوكالات الدولية، مثل البنك الدولي، لتفكيك الإعانات الشاملة للغذاء والوقود واستبدالها بتحويلات نقدية موجّهة إلى فئات محددة. ومن الاستثناءات الملحوظة المغرب الذي التزم بتنفيذ توسيع تدريجي لتغطية العلاوات الأسرية والتأمين الصحي، لتحقيق التغطية الشاملة بحلول عام 2024 .
هناك توافق متزايد في الآراء بشأن الحاجة إلى توسيع نطاق تغطية الحماية الاجتماعية لتشمل العمال غير النظاميين غير المؤهلين للحصول على المساعدة الاجتماعية (التي تُوجَّه في الغالب إلى الفئات المعرّضة للمخاطر وغير العاملة) أو على التأمين الاجتماعي (الذي يوجَّه إلى العمال النظاميين الذين يدفعون اشتراكات في صناديق الضمان الاجتماعي). وقد سلّطت الجائحة، التي أثرت على أكثر من 1.5 مليار عامل غير نظامي، الضوء على هذه الفجوة وأعطت زخماً متجدداَ لهذه القضية.
وإلى جانب العمال غير النظاميين، تشمل الفئات الأخرى المعرّضة للمخاطر والتي كثيراً ما تستبعد من الحماية الاجتماعية المهاجرين واللاجئين والنازحين داخلياً. وتستضيف المنطقة العربية حالياً أكبر عدد من اللاجئين والنازحين قسراً في العالم.
واجه ما يقدر بنحو 1.6 مليار طفل في 197 بلداً انقطاعاً في التعليم خلال عام 2020 بسبب إغلاق المدارس، وفقد 370 مليون طفل من هؤلاء الأطفال إمكانية الحصول على وجباتهم اليومية في المدارس . واعتمدت بلدان كثيرة ممن لديها برامج تغذية مدرسية، نوعاً مختلفاً من "التغذية المدرسية في المنزل"
وتتخذ التغذية المدرسية في المنزل عدة أشكال (كما هو مبين في الإطار 2
2).
ليبيا: في حين أغلقت المدارس بسبب كوفيد-19، واصلت وزارة التعليم برنامجها التعليمي من خلال التعلّم عن بُعد. ودعم برنامج الأغذية العالمي الوزارة بتوفير صناديق وزنها 2 كغ وتحتوي على ألواح التمر المدعّمة بالمعادن والفيتامينات كحصص غذائية منزلية إلى 18,000 طالب في جنوب ليبيا، وهو ما يكفي لتغطية 30 في المائة من احتياجات الأسرة الغذائية اليومية لمدة خمسة أيام.
كولومبيا: بعد إغلاق المدارس في نيسان/أبريل 2020 بسبب كوفيد-19، فقد 112,000 طالب إمكانية الحصول على الوجبات المدرسية. ومن بين هؤلاء الأطفال، حصل 86,000 طفل على حصص الإعاشة المنزلية بدلاً من وجبات الطعام في المدرسة. واستلم أحد أفراد الأسرة الحصص الغذائية – وهي حزمة مغذية شملت الحبوب ومنتجات الألبان وزيت الطهي والفواكه.
الكونغو: عندما أُغلقت المدارس بسبب كوفيد-19، قدمت وزارة التعليم الابتدائي والثانوي برنامج "التعليم في المنزل" على الراديو والتلفزيون. وفي الوقت نفسه، أطلق برنامج الأغذية العالمي "التغذية المدرسية في المنزل"، حيث قدم الأرز والبازلاء والزيت النباتي والملح والسردين كحصص إعاشية منزلية.
كمبوديا: بدعم من برنامج الأغذية العالمي، قدمت وزارة التعليم والشباب والرياضة 10 كيلوغرامات من الأرز المتبرع به لأكثر من 100,000 طالب في أكثر من 900 مدرسة ابتدائية، لحماية أسرهم من الصدمات التي تعرّضت لها سُبُل عيشهم نتيجة ما فُرض من قيود بسبب كوفيد-19. وبما أن هذه المساعدة قُدمَت مرة واحدة لكي تستهلكها الأسرة بأكملها، ربما لم يكن لها سوى تأثير محدود على نتائج تغذية الأطفال.
هندوراس: عندما أُغلقت المدارس، تم تعليق البرنامج الوطني للتغذية المدرسية الذي يقدم وجبات ساخنة لعدد من الأطفال يبلغ 1.2 مليون طفل. وأعدّت لجان التغذية المدرسية طروداً غذائية (تحتوي على الأرز والفاصوليا ودقيق الذرة والزيت) بعد أن وضع برنامج الأغذية العالمي ومنظمة اليونيسف بروتوكولات السلامة المتعلقة بكوفيد-19. وسُلّمت الطرود في المدارس لأقارب الطالب البالغين. وفي بعض المناطق، ولتجنّب الازدحام في المدارس، سلّم المعلمون الطرود إلى المنازل كحصص إعاشة منزلية، باستخدام الدراجات الهوائية والنارية.
عجّلت الجائحة العملية الجارية في جميع أنحاء العالم، وهي الانتقال من توفير الخدمات الاجتماعية يدوياً إلى تقديم مكونات معينة من هذه الخدمات عبر منصات رقمية، مثل الإنترنت والتلفزيون والهاتف المحمول وتطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي.
وكما هو مبين في حالتي باكستان وكولومبيا، يُعد الشمول المالي فائدة ثانوية للعديد من البرامج التي تقدم دعماً للدخل من خلال المنصات الرقمية. ومن الأمثلة الأخرى حالة البرازيل التي أنشأت حسابات مصرفية لملايين المستفيدين الجدد في عام 2020 (الإطار 4).
استُخدم السجل الموحد للبرازيل لدعم دخل ثلاث فئات من المستفيدين في عام 2020، بموجب أحكام البرنامجين الحكوميين "مساعدات الطوارئ" و"تمديد مساعدات الطوارئ". وهذه الفئات هي: (أ) الأسر المعيشية التي تتلقى بالأصل تحويلات نقدية من برنامج Bolsa Familia والتي تلقّت دعماً إضافياً؛ (ب) أضيفت إلى قوائم المستفيدين الأسر المسجلة سابقاً في السجل الموحد ولكنها لا تستفيد من البرامج القائمة؛ (ج) العمال غير النظاميين، والعاملون لحسابهم الخاص، والعاطلون عن العمل الذين تقدموا بطلبات من خلال منصة تسجيل رقمية، وجرت معالجتها في السجل الموحد الإضافي. وقام مصرفٌ تملكه الدولة بإنشاء المنصة الرقمية الجديدة (التطبيق بالإضافة إلى الموقع الإلكتروني). وتلقى مقدمو الطلبات المقبولون مدفوعات في حساب توفير رقمي، واتُبعَت هذه الطريقة أيضاً لدفع استحقاقات الحماية الاجتماعية إلى مستفيدين آخرين أثناء الإغلاق. وأدى السجل الموحد الإضافي إلى شمول مالي واسع النطاق، حيث تم إنشاء 48.6 مليون حساب ادخار جديد لمتلقي التحويلات النقدية من برنامجي "مساعدات الطوارئ" و"تمديد مساعدات الطوارئ".
قبل تفشي جائحة كوفيد-19، كانت نُظُم الحماية الاجتماعية في المنطقة العربية ضعيفة ومجزأة ومكلفة وغير مستدامة وغير شاملة. وواجهت نقصاً في الاستثمار واستبعدت الفئات السكانية المعرّضة للمخاطر. وقد سلّطت أزمة كوفيد-19 الضوء على المشاكل، وأتاحت فرصة تاريخية لمعالجة بعض التحديات التي تواجه نُظُم الحماية الاجتماعية. وقدمت العديد من الدروس المستفادة في مختلف البلدان في العالم، وشجّعت على بعض الابتكارات المفيدة.
وفي المنطقة العربية، أظهرت الاستجابة لجائحة كوفيد-19، من حيث تدابير الحماية الاجتماعية، إرادة سياسية تجلّت في الإنفاق الملموس للأموال من أجل تلبية احتياجات السكان المعرّضين للمخاطر، وتضامناً اجتماعياً من خلال إنشاء صناديق التضامن واستخدامها على نحو مبتكر. وقد استقطب هذا الجهد المساعدة من القطاع الخاص وأصحاب المصلحة الآخرين لتغذية برامج الحماية الاجتماعية الحكومية.
واختلف الإنفاق على كوفيد-19 باختلاف المجالات، بما في ذلك المساعدة الاجتماعية (التحويلات النقدية، والتغذية المدرسية وغيرها)، والقروض والاستحقاقات الضريبية (الإعفاء الضريبي، والإعفاءات من أسعار الفائدة وغيرها)، والتأمين الاجتماعي (إعفاء العاطلين عن العمل من الرسوم، ومعاشات الإجازات المرضية وغيرها)، وأسواق العمل (إعانات الأجور، والإجازة المدفوعة الأجر، والعمل من المنزل)، والدعم المتصل بالصحة (اللقاحات المجانية، والاختبار، ونُظُم الرعاية الصحية، وغيرها)، ودعم السياسات المالية (القروض الميسرة والدعم الائتماني، والإعفاء الضريبي وغيرها) ودعم السياسات العامة (إنشاء صناديق وتوفير الحلول الرقمية وغير ذلك).
وقدمت معظم البلدان العربية برامج مؤقتة لتسهيل الاستهلاك مثل المساعدة النقدية أو الإعفاء الضريبي للفئات المعرّضة للمخاطر، بما في ذلك العاطلون عن العمل والنساء والأطفال، بدلاً من توسيع نطاق برامج التأمين الاجتماعي والبرامج مدى الحياة. ويرجع ذلك إلى عدم توفر قاعدة ضريبية كافية وانخفاض الحيز المالي الناجم عن ارتفاع مستويات الدين وضعف الأداء الاقتصادي وانخفاض عائدات النفط. وتبرّر هذه العوامل الفجوة في تغطية الحماية الاجتماعية خلال فترة الوباء والتعافي.
وخلال الجائحة، بدلاً من وضع تشريعات جديدة، اعتمدت معظم البلدان على أموال من خارج الميزانية أو مراسيم تنفيذية لتقديم حزم الإنفاق. وفي حين سهلت هذه التدابير الإنفاق على برامج الحماية الاجتماعية، إلا أنها قوّضت آليات المساءلة في قرارات السياسات المالية في البلدان العربية.
وعموماً، تبين المبادرات التي حللها هذا التقرير أن هناك أمثلة على تدابير صغيرة النطاق من شأنها أن تؤسس لنهج مدى الحياة في البلدان العربية، إلا أن التحديات لا تزال قائمة على صعيد التمويل الطويل الأجل وإعادة صياغة الحماية الاجتماعية بما يتجاوز التوجّه إلى الفئات المنخفضة الدخل. وسيكون هناك حاجة إلى فترة انتقالية بين النُظُم الحالية وتلك التي تمّ إصلاحها، وقد تتطلب تمويلاً تضامنياً لسد الفجوة. وفي الوقت نفسه، يمكن أن يساعد التخطيط للطوارئ في التصدي للأزمات المحتملة في المستقبل.