يستمر قسم كبير من سكان العالم في مواجهة ظروف تنموية صعبة لا بل سيئة جداً أحياناً.
شهد العالم تحولات عميقة على مدى العقود الثلاثة الماضية، إذ تغيرت تطلعات الأفراد، وتغيّرت معها تحديات التنمية التي يواجهونها. كذلك تغيّر مشهد العوامل الجغرافية والسياسية في العالم، ما أدى إلى المزيد من تأييد النُّهُج الجماعية، بما فيها الأهداف الإنمائية للألفية وأهداف التنمية المستدامة. حفزتنا التحديات القديمة والناشئة على كتابة هذا التقرير للإسهام في إثراء الحوار العالمي الجاري بشأن تقدم قياس التنمية خارج النطاق التقليدي للناتج المحلي الإجمالي. ويهدف التقرير إلى توفير أداة تتيح لمختلف البلدان إعادة تقييم نتائج التنمية وإجراء نقاشات بناءة بشأن السياسات المتعلقة بها على المستويين الإقليمي والوطني. وعليه، يقترح التقرير دليلاً عالمياً جديداً لتحديات التنمية، يهدف إلى قياس أوجه القصور في الإنجازات المتوخاة في ثلاثة مجالات هي: جودة التنمية البشرية الأساسية، والاستدامة البيئية، والحوكمة الرشيدة. ﺇن إحدى أبرز نتائج التقرير هي أن الحوكمة باتت تشكل تحدي التنمية الأكثر إثارة للقلق على مستوى العالم. وبالإضافة إلى أنها التحدي الوحيد الذي تشهد مستوياته ارتفاعاً في العالم، وتتّسم غالباً بأداء ضعيف حسب دليل تحديات التنمية. ويعزى ذلك بشكل أساسي إلى أوجه القصور في الحوكمة الديمقراطية على مدى العقدين الماضيين، وليس إلى الفجوات في الحوكمة الفعالة. كذلك يسلّط التقرير الضوء على الطائفة الواسعة من سكان العالم التي تعيش في ظروف صعبة، وتواجه تحديات تنموية خطيرة. ذلك أن 15 بلداً فقط يواجه مستوى منخفضاً جدّاً من التحديات؛ في مقابل 49 بلداً يواجه مستوى مرتفعاً من التحديات و 25 بلداً يواجه مستوى مرتفعاً جداًمنها. وعلى الصعيد العالمي، ما زالت جودة التنمية البشرية تشكو من أوجه قصور خطيرة. ولا تسجّل أي منطقة في العالم درجة منخفضة جدّاً فيما يتعلق بتحديات التنمية البشرية المعدّلة حسب الجودة. ولا تزال الطريق طويلة في هذا المجال، حتى بالنسبة إلى المنطقتين الأكثر تقدّماً في العالم، وهما أوروبا وأمريكا الشمالية. ويذكر أن تحدّي التعليم يمثّل أبرز تحديات التنمية البشرية المعدلة حسب الجودة بالنسبة لمعظم مناطق العالم، يليه تحدّي الدخل. لا تزال الاستدامة البيئية تمثل مصدر قلق عالمي بارز، رغم تسجيل مناطق العالم بعض علامات التقدم. الا أن عبء زيادة تغيُّر المناخ وكثافة الطاقة هو أكبر من غيره في أمريكا الشمالية، لكنه أقل في أوروبا وآسيا الوسطى، بينما يمثّل عبء ضعف الصحة البيئية الشاغل الأساسي للمناطق النامية. وبما أن الهدف الأساسي للتقرير يتمثّل في السعي إلى إثارة النقاش بشأن السياسات ذات الصلة، نأمل في أن يشكّل حافزاً على إطلاق حوارات لمتابعة معالجة التحديات الأساسية على المستويات العالمية والإقليمية، والأهم من ذلك، على المستويات الوطنية.
رولا دشتي الأمينة التنفيذية للإسكوا وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة